DE$!GNER
بيلساني محترف
- إنضم
- Apr 4, 2011
- المشاركات
- 2,637
- مستوى التفاعل
- 44
- المطرح
- بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم
استطاعت كوكب الشرق أم كلثوم، أن تحفر بأنامل من ذهب بصمة كبيرة ومميزة، في عالم الغناء والطرب، فبالرغم من مرور 36 عاماً على رحيلها، فإن أغانيها تردد إلى الآن في كبرى الاحتفالات، ويتسابق على غنائها العديد من المطربين والمطربات
لم تكتف أم كلثوم التي تتمتع بحنجرة لا يضاهيها فيها أحد بدور المطربة فحسب وإنما كان لديها القدرة على تحويل الأبيات الصامتة الموجودة في جوف الشعراء، إلى شرارة تحفز همم الثوار، فعبقريتها لم تكن في صوتها فقط، وإنما في وعيها الشعري وإدراكها معاني الكلمات والأشعار التي تختارها .
في ليلة امتزج فيها الحنين للطرب الأصيل بأبيات الشعر، التي تحولت شرارات تعبر عن روح العصر، أقامت ندوة الثقافة والعلوم احتفالية خاصة بمناسبة (مرور 36 عاماً على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم) استضافت فيها الناقد الدكتور صلاح فضل وبمشاركة نخبة من الأدباء والإعلاميين والجمهور الذي حرص على معرفة الجوانب الأخرى في شخصية أم كلثوم.
يقول د. صلاح فضل لم تكن عبقرية أم كلثوم في صوتها مع أنه معجزة كل العصور، ولكن في تعاملها مع الشعر، حيث كان يعرض عليها قصيدة بها 200 بيت فتنتقي 30 منها، وكان وعيها الشعري وإدراكها معاني الكلمات والأشعار، هو الذي يجعلها تزكي أبياتاً عن أخرى، وتعدل للشعراء بعض الكلمات وتستبدلها بأخرى. فهي لم تبدأ بالغناء، ولكنها كانت تكتب كلمات التواشيح وتضع الألحان، إلا أنها تركت ذلك للشعراء والملحنين الكبار.
ويضيف د. فضل «استطاعت أم كلثوم بذكائها وحسها الفطري أن تبني صورة الفنان، الذي يعرف كيف يحترم فنه ويقدره، فقد كان الغناء قبلها عملاً مهنياً، ولم يكن قد استعاد بريقه كذلكً لعب ذكاؤها دوراً في إدراكها روح العصر، الذي تعيشه وهو عصر النهضة الشاملة وبعث روح الشخصية القومية والعربية ، كما احتلت أم كلثوم أطول مساحة ومارست أعمق تأثير في تشكيل الوجدان العربي، وكانت تحرص على اختيار كلمات سهلة بسيطة يفهمها كل الناس، هكذا طلبت من الشاعر أحمد رامي، الذي غنت له 140 قصيدة، بينما غنت لشوقي 9 أغان من أبيات قصائده، ولم تغني قصائد بأكملها، كما لم تغني له إلا بعد وفاته. وغنت للعديد من الشعراء مثل ابراهيم ناجي واسماعيل صبري وحافظ ابراهيم ونزار قباني وكامل الشناوي، كما غنت بالعامية لبيرم التونسي ومرسي جميل عزيز وصلاح جاهين
ولعبت ثقافة أم كلثوم دوراً كبيراً في وصولها للقمة، فقرأت منذ صغرها العديد من الكتب، التي أسهمت في نضجها الشعري، منها كتاب «الأغاني» للأصفهاني، وهو أكبر موسوعة أدبية ضمت جميع الأصوات من العصر العباسي الذي يعتبر العصر الذهبي الأول للغناء إلى جانب أنها قرأت كتاب «العبرات» لمصطفى لطفي المنفلوطي وغيره من دواوين الشعراء.
ووضح د. فضل، أنها رفضت الزواج من الشاعر أحمد رامي، بالرغم من حبه الشديد لها، لأنها كانت بذكاء الأنثى تدرك أنها لن تستفيد من قصائده إذا تزوجا، فهو لن يكتب فيها القصائد الممتلئة بمشاعر الحبيب المولع بحبيبته، فضلاً عن أنها حجبت حياتها الاجتماعية عن عيون الصحافيين، وكانت متشددة في ذلك، لذا لا أحد مثلاً يعرف عن زيجات أم كلثوم إلا زواجها من الدكتور الحفناوي، مع أنها تزوجت 5 زيجات! ويروي د. فضل، أن رجاء النقاش سألها ماذا أضفت للثقافة العربية؛ فقالت: نقلت جمهور الغناء من الإسفاف الذي كان موجوداً في بعض الأغاني قبلي، إلى الوعي الحقيقي باللحن الصحيح، الذي يصب في إدراك المستمع ووجدانه.
من جهته قال د.صالح هويدي، لقد طاف بنا دكتور صلاح فضل في هذه الأمسية الخاصة بأم كلثوم، على سيرة وملابسات حياة سيدة الغناء العربي، ومنجزها الإبداعي، من عطاء فني أو ما خلفته من مواقف وأفعال وتأثيرات، أثار بعضها ردود أفعال مختلفة، سواء في ما قدمته وما وقع لها وقيل بحقها، فضلاً عما تركته من إرث إبداعي، وإن كان حظ السيرة ووقائعها بدت اليوم أكبر من الوقفة التحليلية لنصوصها الشعرية المختارة. ونحن إذ لا نختلف على مكانة أم كلثوم الغنائية واستمرار حضورها على مدى طويل وأجيال مختلفة، نود أن نلحظ على هيمنة المنهج الاحتفائي على مقاربة الدكتور وبروز نزعة(النمذجة) أو ما يشبه التقديس في التعامل مع أم كلثوم أكثر من التعامل الواقعي، وهو أسلوب يتطابق كما أرى مع ما فعله المخرج الأستاذ محفوظ عبد الرحمن، في مسلسله عن أم كلثوم، الذي وقف عنده المحاضر، منتقداً هذا التقديس ومنبهاً إلى عدم اتفاقه معه، لكنه لم ينج من الوقوع فيه.
مثلما تجلت نزعة النمذجة في التعامل مع وعي أم كلثوم وثقافتها، بناء على أقوال هي صياغات صحفية وأدبية لصحفيين ومثقفين، لا أظنها تعبر بحق عن ذات أم كلثوم ومستواها، كما نقل عن رجاء النقاش مثلاً.
دقتها في الكلمات وحرصها على مواكبة العصر جعل منها أسطورة لن تتكرر
وترى الفنانة التشكيلية نجاة مكي أن أم كلثوم تمتعت بالعديد من الأمور جعلتها تتميز، ليس فقط في عصرها في الماضي، وإنما إلى الآن، فهي مازالت تعتبر رمزاً من رموز الطرب، فدقتها في اختيار أبيات القصائد واهتمامها ببساطة الكلمات وحرصها على مواكبة العصر جعلت منها أسطورة لم تتكرر، وأضافت د. نجاة مكي أعتقد أن فنانة تمتعت بهذه الدقة والتميز في أغانيها ووصلت إلى هذا المستوى من الثقافة والعلم فضلاً عن ذكائها الذي جعلها تحتفظ بخصوصية شخصيتها، كما أعتبر إن لنشأتها الدينية دوراً في ذلك، وهي صفة جميلة تحسب لها، إلى جانب أنها شاركت من خلال أغانيها في إشعال القومية العربية وإثارة حماس الناس وكانت أغانيها الوطنية ترتبط بعلاقة طيبة مع جمال عبد الناصر، لدرجة أذهلتني عندما علمت من دكتور فضل، أنها لم تستطع الغناء في إحدى حفلاتها في تونس، عندما علمت بموت عبد الناصر.
معجزتها لم تتمثل في صوتها فقط
وترى الإعلامية بروين حبيب، أن أم كلثوم لم تكن معجزتها تتمثل في صوتها المذهل فحسب، بل استطاعت أن تضيف قيماً أخرى إلى هذا الصوت الجبار، وهذه القيم تتمثل في قدرتها على اختيار كلمات القصائد والأشعار، التي تغنيها فضلاً عن براعتها في تثقيف ذاتها. إضافة إلى أنها استفادت من شبكة علاقاتها الواسعة بكوكبة من المثقفين المصريين، ممن التفوا حول هذه الموهبة المتفجرة، ومن هؤلاء المثقفين الشاعر أحمد رامي والشيخ مصطفى عبد الرازق، أي أن المكانة المرموقة التي بلغتها أم كلثوم، في تاريخ الغناء العربي، لم تكن مرجعها قدرتها الصوتية الخارقة فحسب، بل الإضافات التي طورت بها هذه الموهبة من ثقافة عريضة وعلاقات عامة.
.gif "وردة وردة*")
