إديـث بيـاف ورحلـة بـين الـشقـاء والشـهرة

DE$!GNER

بيلساني محترف

إنضم
Apr 4, 2011
المشاركات
2,637
مستوى التفاعل
44
المطرح
بين الأقلام والألوان ولوحات التصميم

images.jpg

هكذا فجأة عادت الحياة لتدب في عالم نجمة الغناء الفرنسية الشهيرة «إديث بياف» بعد رحيلها عن عالمنا بسنوات طويلة، لتروي لنا الكثير من أسرار حياتها حتى الخطير منها، وذلك بعدما خصصت الجمعية الوطنية للفنون في باريس شهراً كاملاً لتكريم مطربة فرنسا الكبيرة، وقد تضمن هذا الشهر عرضاً لفيلم سينمائي يحمل إسم «العصفور الصغير» إلى جانب إعادة طباعة ملايين النسخ من أشهر أغنياتها وتوزيعها عبر منافذ البيع الشهيرة، إلى جانب العديد من المناقشات بمشاركة أكبر نجوم الفن والنقد في فرنسا، إضافة إلى العديد من مظاهر التكريم التي تمكن من استعادة أهمية «بياف» في الحياة الفنية إلى أذهان جميع الفرنسيين وعشاق فنها من مختلف الجنسيات.
و«إيدث بياف» أقرب الفنانين لقلوب الفرنسيين لمن لا يعرفها، هي نجمة الغناء الأولى في فرنسا لسنوات طويلة، افترشت في بداية حياتها شوارع العاصمة الفرنسية لفترة من الزمن، تغني للناس الذين كانت تستدر عطفهم من أجل فرنك فرنسي واحد من أجل قوت يومها. لذا صارت حكايتها مع المجد أسطورة، وحكايتها مع الدمع والدموع دراما أشبه بالحكايات الخيالية، وجاء غناؤها ليعكس حالة غريبة من الألم والبؤس اللذين رافقا حياتها كما أن صوتها كان ولا يزال كاسراً للقلوب.
ولدت «بياف» واسمها الحقيقي هو «إديث جيوفانا جازون» في باريس في التاسع عشر من شهر أبريل عام 1915، وسميت «إديث» باسم الممرضة البريطانية (إديث كافيل) التي أعدمها الألمان أوائل الحرب العالمية الأولى، بسبب مساعدتها أحد الضباط الفرنسيين على الفرار من معتقلاتهم، وربما يكون هذا هو سبب اعتزاز فنانة فرنسا الأولى باسمها طوال حياتها، أما «بياف» فهو إسم لطائر في بعض الريف الفرنسي. والدها كان عارضاً بهلوانياً في الشوارع ثم عمل في المسرح بأجر متواضع، لذا فإن حب «بياف» للغناء قد ورثته عن والدتها ذات الأصول الجزائرية/ الإيطالية والتي كانت مطربة شعبية لها شهرتها آنذاك، أهملت ابنتها كثيراً حتى صارت صبية مدمنة على الكحول تغني متشردة في أزقة باريس، لذا لم يجد والدها سبيلاً للحفاظ عليها، سوى تسليمها لجدتها الجزائرية عن أمها التي كان إسمها عائشة سعيد بن محمد، حتى قرر والدها تسليمها إلى والدته بعدما قرر الذهاب للمشاركة في الحرب، وكانت تعمل طاهية في أحد البارات الصغيرة ولما عاد الأب أخذ ابنته، ليستثمر صوتها في عروضه البهلوانية الفردية في الشوارع. وفي تلك الأثناء اكتشف موهبتها لويس لوبلي أحد أصحاب الملاهي الليلية، لتغني في حفلاته وكان ذلك في العام 1935، وقامت بتسجيل أول أغنية لها بعنوان: الأطفال المتسكعون عام 1936، إلا أن اغتيال لوبي عام 1937 أصاب «إيدث» بالصدمة لكنه خلق تحولاً حاسماً في مسار حياتها، حيث التقت بالموسيقي «ريموند أسو» الذي تولاها وأدخلها إلى دور الغناء الراقية، وكانت رحلة المجد حيث اشتهرت «بياف» كما لم يشتهر أحد من قبل.
أنتج عنها في العام 1983 فيلم بعنوان «إيديث ومارسيل» وتركزت أحداثه على معالجة العلاقة الغرامية الشهيرة، التي جمعت إيديث بياف ببطل الملاكمة العالمي مارسيل سيردان، وقام بإخراجه المخرج الفرنسي كلود ليلوتش الذي ذاع صيته عام 1966 إثر فيلمه (رجل وامرأة) الذي نال عليه العديد من الجوائز العالمية، منها جائزة مهرجان كان للسينما وجائزتا أوسكار عن أفضل قصة وأفضل فيلم أجنبي. و«الصبية» هو الفيلم الثاني في تاريخ السينما، الذي يتناول حياة المغنية الفرنسية الأسطورة إيديث بياف للمخرج الفرنسي أوليفر داهان (40 عاماً) الذي نظر إلى حياة إيديث بياف نظرة غير تاريخية، وإنما نظرة تتوخى أهم المحطات المحورية، التي عاشتها، وكان لها تأثيرها البالغ في مسيرة حياتها الغنية والمليئة بالمفارقات، التي تقترب من حدود الملحمة أكثر من كونها قصة حياة شخصية لمغنية شهيرة.
وحتى نقترب قليلاً مما عانت منه «بياف» في حياتها، لابد من الإشارة إلى أنها مرت في حياتها بالعديد من التجارب والعلاقات الحميمة، وجميعها كان مطبوعاً بالفشل وكأن سوء الحظ كان يطاردها، ولعل خير مثال على ذلك علاقتها بالملاكم مارسيل سردان، والتي بسببها تغيرت حالتها إلى أسوأ من سابقتها، فمعه لم تنعم بالاستمرارية أكثر من أربع سنوات، بعدها توفى هذا الملاكم في تحطم طائرة كانت تقله لزيارتها في باريس، وتحت تأثير هذا الحادث غنت «بياف» «نشيد للحب»، الذي جاءت كلماته معبرة عما تشعر به من أحزان «إذا كنت تحبني، إذا خطفتك الحياة مني، أو إذا مت أو كنت بعيداً عني، لا يهم. لأنني أنا بدوري سأموت يوماً ما)، وخلال رحلة عذابها التقت «إديث» بالعديد من الفنانين المشهورين مثل «شارل أزنافور»، والممثل اليوناني «ديمتري هورن» والكاتب بيلس الذي تزوجته ثم انفصلت عنه بعد فترة ليست بالطويلة.
وفي تلك الظروف النفسية الصعبة، التي كانت تعيشها من آن لآخر، غنت أهم وأجمل أغنياتها التي مكنتها من بلوغ مكانة في نفوس محبيها لم تبلغها مطربة قبلها. من هذا الواقع المؤلم قال عنها المغني والممثل (إيف مونتان): «صديقتي بياف كانت في سريرتها تسعى دائماً إلى الحب، فإذا حصلت عليه غمرتها السعادة وغنت على نحو رائع، وإذا أخفقت فيه غمرتها الكآبة وجاء غناؤها رائعاً أيضاً». ولم تهب الحياة الكثير بعد ذلك «لبياف» حيث تعرضت من بعده لحادث سير ،أدى إلى كسور في جسدها، جعل منها مدمنة على المورفين، الذي كان يستخدمه أطباؤها لتسكين أوجاعها.
شغلت «إديث» الفرنسيين في حياتها وبعد رحيلها، وحتى العرب انشغلوا كثيراً بها وأحبوا فنها لأنها صنعت من الألم أسطورة نجاحها، تغني وكأنها تستجدي الحياة من أعماق الموت، والسعادة من جوف الفقر والتعاسة والقهر الإنساني، لذلك على الرغم من صدور كتب عديدة عنها تروي سيرتها الذاتية، إلا أن الغموض لا يزال يلف تفاصيل كثيرة من حياتها.
كانت ظاهرة فنية وحياتية استثنائية بكل المقاييس، فمن الطفولة إلى المجد ومن التشرد إلى الشهرة، عاشت وغادرت عالمنا عن عمر يناهز 47 عاماً، بعدما أصيبت بتشمع في الكبد وشلل جسدي أدى إلى وفاتها في الحادي عشر من نوفمبر من العام 1963. ومن المفارقات العجيبة جداً أن صديقها المقرب الأديب الفرنسي الكبير، «جان كوكتو»، الذي قال عنها في أحد الأيام: أنظروا إلى هذه السيدة الصغيرة بيدين كيدي حلزون الخرائب.. انظروا إلى جبينها البونابرتي.. إلى عينيها كأنهما لأعمى استعاد البصر لتوه، حينما علم بوفاتها قال: آه ماذا؟ ماتت بياف؟ محتمل جداً إذن أن أموت أنا أيضاً. وهنا تكمن المفارقة حيث تحققت نبوءته بالفعل، فقد فارق الحياة فجأة بعد سبع ساعات تماماً من قوله تلك العبارة جراء سكتة قلبية.
 

إلهام

بيلساني لواء

إنضم
Jul 20, 2010
المشاركات
4,850
مستوى التفاعل
97
المطرح
على مد البصر اتواجد
رسايل :

كان بعض مني ..... بعض من افكاري ...... بعض من حنيني ...... واصبح بعض من ذاكرتي المشوشة ....

اول مرة بسمع فيها
الغريب انو حكا ماتت ومات بعدها
كيف ؟
حزن عليها
يسلمو دزاينر وشكرا لكل جديدك
 

دموع الورد

رئيس وزارء البيلسان

إنضم
Dec 19, 2009
المشاركات
13,384
مستوى التفاعل
139
المطرح
هنْآگ حيثّ تقيأت موُآجعيّ بألوُآنْ آلطيفّ..
رسايل :

يااارب انا في قمة ضعي وفي عز احتياجي اليك فكن معي

يسلمو للموضوع وردة*
 
أعلى