عمر رزوق
بيلساني مجند
- إنضم
- Nov 12, 2008
- المشاركات
- 1,395
- مستوى التفاعل
- 45
الرفيق في الضلال عن الطريق
عقد معها عقدا واتفاق , لا يُخرجها إلا عند حاجتها وشعوره بنقص , ربما تسد هذا الفراغ الذي أحدثه النقص , ربما تجمّله , فقد تجعل من شخصيته وشخصه الحقير , شيئا خطير , وبأسرار الكون عالم وخبير , عندما يضع العقد بجيبه , ويعقد العزم بقلبه , يدمن طرق طُرقها بغزارة , فيستطيع التكلم عن نفسه بمهارة , يجعل من يسمعه يتطلع به نحو الكمال , وما من أحدهم يجاريه علوا وارتفاعا , يجمّل بها وعث أعماله وقبيح أفعاله ورديء أقواله , ويفجّر ما بقي لديه من مبادئ وقيم, فينفخ نفسه ويحلّق كالبالون, ولو نظر لنفسه لرآها تغط في حال من حضيض مبكٍ .
يعتبرها سلاح فتّاك ذو قيمة , وعندما يهزمه أحد بحقيقة , يدق باب تلك الماهرة , ويرسل من فيه مدافع تلك الساحرة , فتغيّر بتأثير الهجوم ما تغيّر , وتحفظ لنفسه بعضا من ضعف وقليلا من كبراء زائف .أدمن أحابيلها وحبالها وخيوطها , والتحق بخصالها واستوطن في قلاعها واستظل بظلها , فمن له سواها , ومن ينقذه غيرها .
هكذا ظن وآمن , وهكذا اعتاد , فمهما امتدت به المشاعر , فلن يدخل إلا من أوسع أبوابها , تراه مهندما مكتسيا , ويبدو وجيها قسيما , فإذا تأملته رأيت فجورا يقطر منه , وعهرا يتدلى عنه .
في يوم من الأيام , اعتقد الآخرون , السامعون المتكلمون , بأنه أكثر استعمالها واستغلالها , فلقد أدمن تعاطي الكثير منها فوجّهوا إليه أصابع الاتهام , وهددوه بسلاح السهام وصموه بها , ولكنه ما تركها ولمّا يتنكّر لها ولم يتخلَ عنها . لقد اشتموا رائحتها الجيفية , وعبقها المنتن , فقد علموا بعد التيقّن بأنه عليها قد أدمن , وأنه قد احترف السباحة في محيطها الندف بريح سموم الجارف .
لقد تاه وتاهت به خطاه وبقيت تلك في قلبه , عدوة في نفسه , تمزّق وتنال من لحومه , وما تبقّى من خجل شرفه , حتى بات طريحا . ضاق الآخرون به ذرعا , فلفظوه من بينهم , وأخرجوه من معقلهم , إذ أنه بعد كل التحذير والتوبيخ والتهديد , كان مستمر بإقامة تلك العلاقات المتلونة المشبوهة مع تلك الآنسة .
فمن الذي يتعامل معه ويقربه بعد أن أدمنها ؟ وهل للثقة به مكان , بعد أن تجرّعها ؟ أظنهم خيرا فعلوا , فربما يعيد حساباته , فيذهب لأقرب مغسلة , فيستحم وينظف فمه ويطهّر لسانه , فقد أصبح عكرا بعد أن أسقطته وأسقط نفسه في لجة من وحل انعدام تصديق وثقة .
هنا تكون النهاية , نهاية من أكب نفسه على منخاريه عند باب الكذب .
عمر رزوق