تحققت شروط الدعاء ...و لكن لماذا لا يستجاب لي ؟

ربيــــــع

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jul 29, 2010
المشاركات
744
مستوى التفاعل
29
خطأ يقع فيه بعض الناس. يدعو أحدهم وقد التزم بالشروط
التي لا بدّ منها: تاب إلى الله، أعاد الحقوق إلى أصحابها، دعا
بشعور يقظ وبقلب واجف منكسر.. ثم أخذ يحسب على الله الليالي
والأيام، وربما الساعات، منتظراً أن يلقى الاستجابة في أقرب
وقت، فإذا مضت بعد دعائه مدة يحسبها في نظره طويلة، دون أن يجد
الاستجابة المطلوبة، ضاق ذرعاً، وقال في سره أو جهره: ها أنا
ذا دعوت، فلم يُسْتَجَبْ لي!..وذلك هو شأن الرعونة التي تهيمن
على كثير من الناس نتيجة لشدة تعلقهم بالرغائب والأحلام
والآمال التي يطمحون إليها.فما هو موضع الخطأ في هذا
الأمر؟موضع الخطأ أن هؤلاء الناس يظنون أن الدعاء الذي أمر
الله به، إنما هو وسيلة إلى غاية، أي أن اللجوء إلى الدعاء
إنما يكون - فيما يظنون - لعارض يتمثل في حاجة طرأت أو مصيبة
وقعت، فإذا تحققت الحاجة وزالت المصيبة لم تبق حاجة إلى
الدعاء.. ثم إن هذا الظن يحمل أصحابه على أن ينتظروا متلهفين،
بعد الدعاء، فإن لم يجدوا سرعة الاستجابة، أيقنوا أن الدعاء
إذن لا فائدة منه، فتفتر عندئذ عزائمهم عن استمرار السؤال
والدوام على الدعاء. إذ إنهم ينظرون إلى الدعاء على أنه -كما
قلت- وسيلة إلى غاية، ولا يعلمون أنه غاية بحدّ ذاتها.وهذا خطأ
كبير، بل وقتّال ربما!..الدعاء عبادة قائمة بذاتها.. فهو غاية
لا وسيلة. الإنسان عبد مملوك لله. والعبد محتاج في كل لحظة إلى
سيده بالنسبة لسائر أموره المتنوعة والمختلفة. ومن أهم وظائف
العبد أن يعلن عن عبوديته لسيده، وذلكبأن يعبر عن احتياجه
الدائم إليه، وتوقف حياته ومقومات عيشه وسعادته على الرعاية
التي تفد إليه منه.. وسواء رأى العبد آثار سؤاله ودعائه وإعلان
احتياجاته، أو لم ير شيئاً من ذلك، فإن شأن العبودية أن يظل
العبد واقفاً على الأبواب متذللاً عند الأعتاب.. ولْتَعْلَمْ
أن هذا لا ينطبق إلا على عبودية واحدة لا ثاني لها، هي عبودية
الإنسان لله.ولا يوهمنَّك خلافَ هذا الذي أقول أن الله قرن
الدعاء بالاستجابة عندما قال: { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا
كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } { الإسراء: 17/35 } لا.. ليس معنى
الآية كذلك، وليس بين الجملتين شيء من هذا الربط أو العلاقة
التي قد تسري إلى وهمك.الآية تتضمن أمراً اقتضته عبودية
الإنسان لله، وهو قوله: { مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ
أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً
طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما
كانُوا يَعْمَلُونَ } { النحل: 16/97 } وهذا هو السبب في قوله
: «يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يُسْتَجَبْ
لي»
رواه_الشيخان_وأبو_داود_والترمذي_وابن_ماجه_من_حديث_ أبي_هريرة.
.ومعنى قوله هذا: يستجاب لأحدكم ما لم يظن أن له على الله
حقاً أن يستجيب دعاءه إن دعاه، ويقل في نفسه، وها أنا مع ذلك
قد دعوت ولم أنل حقي في الاستجابة!!..إذن. هما أمران كل منهما
منفصل عن الآخر. الدعاء عبادة يجب على من علم عبوديته لله أن
يؤدي حقها عليه، بقطع النظر عن النتائج التي يتوقعها. وهذا
معنى قوله : «الدعاء هو العبادة»
رواه_أحمد_وابن_حبان_والحاكم_في_المستدرك_والبخاري_ف ي_الأدب_ال
مفرد_من_حديث_النعمان_بن_بشير. والاستجابة تفضل وإكرام من
الله عز وجل.والنتيجة السلوكية التي يجب أن يلتزم بها المسلم
بناء على هذا، هي أن عليه أن يمدّ يد الافتقار إلى الله عز وجل
في كل الأحوال، وأن يعلن بالذل والانكسار عن كل احتياجاته التي
لا حدود ولا نهاية لها، بقطع النظر عن النتائج التي قد تواجهه.
ولكن عليه في الوقت ذاته أن يثق بكرم الله وإحسانه، وبأنه
سيستجيب دعاءه، وما الحكمة في تأخر ظهور الاستجابة في كثير من
الأحيان، إلا أن يُربَّى العبد على فهم هذه الحقيقة، وأن لا
يتصور أن الاستجابة نتيجة آلية أو حتمية للدعاء. وعندئذ يصبح
كل من الدعاء وانتظار الاستجابة دون ضجر ولا قلق، جزءاً لا
يتجزأ من العبادة، بل هو لب العبادة وروحها. ولذا ورد في
الحديث قوله : «انتظار الفرج عبادة»
رواه_ابن_أبي_الدنيا،_وابن_عساكر_من_حديث_علي._ورواه _القضاعي_م
ن_حديث_ابن_عمر_وابن_عباس،_ورواه_ابن_عدي_في_الكامل_ والخطيب_ال
بغدادي_في_تاريخه_عن_أنس._وهو_وإن_كان_ضعيفاً_إلا_أن _هذه_الطرق
_يقوي_بعضها_بعضاً. .
 

آلبتول

أدميرال

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
10,067
مستوى التفاعل
172
المطرح
من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
رسايل :

قد أكون ... فراشة تحلق في السماء ولكن في الحقيقة ... ألسع كالنحلة!

موضوع رائع وأكثر من الرائع:25:
كثيراً نتصور معتقدات تصورها لنا النفس البشرية الطامعة لحياة هنيهة ولمتطلباتنا الدنيوية
وكثيراً منا يأخذ الدعاء على أمر دنيوي بدل من نية دينيه
أنا سمعت والله اعلم بما سمعت أن من يدعو للآخرين بالصلاح فله بمثلها
فلندعو لأنفسنا بالصلاح ولآخونا بالهداية ولجميع امة محمد بنصرة دينه
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

ربيــــــع

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jul 29, 2010
المشاركات
744
مستوى التفاعل
29
أهلا و سهلا فيكي ....و حتى تكتمل فكرة الموضوع تماماً أتمنى أن تتفضلي بقراءة القسم الأول من الموضوع على الرابط التالي ....
http://albailassan.com/vb/showthread.php?t=56370
و من ثم تتفضلي بانتظار تتمة الفكرة بالموضوع الثالث و الأخير ....
 

احلى دنيا

بيلساني لواء

إنضم
Mar 30, 2009
المشاركات
3,904
مستوى التفاعل
44
المطرح
بالاردن
هاد يلي بحاول اعملو دائما .. اني ما الجئ لربي وقت المصلحه بس

يعني كتير بستحي من حالي اني صلي لربي بس وقت بدي يعيني

شكرا الك :24:
 

ربيــــــع

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jul 29, 2010
المشاركات
744
مستوى التفاعل
29
هاد يلي بحاول اعملو دائما .. اني ما الجئ لربي وقت المصلحه بس

يعني كتير بستحي من حالي اني صلي لربي بس وقت بدي يعيني

شكرا الك :24:



أكيد ...أساساً نحن بحاجة دائماً إلى الدعاء ...
فلنفرض أن الله رزقنا كل شي و أراح بالنا و كشف همنا ووفقنا ...
فنحن ندعوه طلباً لرحمته و خوفاً من عقابه ...
 

أيلول

نبض السعادة من رحم الألم

إنضم
May 31, 2009
المشاركات
3,932
مستوى التفاعل
109
المطرح
أرض الله الواسعة
رسايل :

مــا أبعد الصباح في هذا العالم

موضوع مميز وبحاجة أن يطرح هنا

جعلنا الله من عباده الخاشعين في السراء والضراء

جزاك الخالق خيرا وفيرا
 

عكــ البيلسان ــيد

سيد الياسمين النـائب العام

إنضم
Oct 8, 2008
المشاركات
7,935
مستوى التفاعل
144
المطرح
شـــــام شـريف
رسايل :

..." وكأن الوقت في بعدك واقف مابيمشيش "...

مازلت أدعو لك المولى بكل الخير
وأن يجعلك تفيض علينا بمكنونات جعبتك الثرية تلك
فـجـزاك المولى أفضل الجزاء على ما قدمت وما سوف تقدم

وإني لمتابع تتمة مابدأت
 

ربيــــــع

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Jul 29, 2010
المشاركات
744
مستوى التفاعل
29
و إياكم ...و نفعنا جميعاً بما علمنا ...

اللهم لا علم لنا ألا ما علمتنا
 
أعلى