تفجير بيروت يعطل الحياة في عاصمة الترفيه بالعالم العربي

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
بيروت 25 أكتوبر تشرين الأول (رويترز) - تصطف اليخوت الفاخرة
في مرسى بحري في خليج الزيتونة في بيروت حيث يرتشف أصحابها​
الشمبانيا عند الغروب قبل أن تبحر اليخوت بحثا عن مكان لتناول​
العشاء ويختار أصحابها بين الذهاب لمطعم سنيور ساسي الإيطالي أو​
كرو مانيون الفرنسي.​
وفي الجهة الأخرى من الشارع يكون ملهى ويسكي ميست الليلي في​
فندق انتركونتننتال فينيسيا مكتظا برواد الملاهي الليلية. ويقصد​
العرب الوافدون من منطقة الخليج ملهى أوتار الشرقي في فندق مونرو​
للاستمتاع بمشاهدة الرقص الشرقي.​
ولا تتحدى سوق العقارات قوانين الاقتصاد فحسب وإنما أيضا الوضع​
السياسي. وقال ساقي النبيذ ميشال كرم "كيف يتسنى لأحد أن يطلب 100​
ألف دولار كإيجار بينما البلد على حافة الهاوية .. أرى ذلك غريبا."​
ولدى لبنان كل شيء على ما يبدو.. مجتمع عالمي ومنتجعات ساحلية​
وجبال وطقس جيد وأطعمة رائعة وخمور وحانات تمتليء بالضجيج.​
وبيروت عاصمة الترفيه في العالم العربي مدينة منطلقة يطير​
إليها عرب الخليج والمغتربون والمهاجرون اللبنانيون للاستمتاع​
بفنادقها الفاخرة لكن وراء مظاهر الحداثة يقف شياطين الطائفية​
مستعدون لتوجيه ضربتهم.​
فاغتيال رئيس المخابرات وسام الحسن في تفجير سيارة ملغومة يوم​
الجمعة الماضي - وهو هجوم ألقى باللوم فيه على سوريا - أوقف الحركة​
المعتادة.​
وامتلأت الشوارع بالمسلحين والمحتجين فيما يعكس الخصومات التي​
تؤجج الصراع في سوريا وتعيد للأذهان ذكريات الكراهية الطائفية التي​
أغرقت لبنان في حربه الأهلية في الفترة من 1975 حتى عام 1990 وهي​
حرب لم تندمل جراحها بعد.​
والأمر لا يقتصر فقط على السموم الطائفية - التي تعكس الصراع​
الإقليمي بين السنة والشيعة وتوزع المسيحيين في لبنان في تحالفات​
مع الجانبين - وإنما يمتد أيضا إلى تناقضات اجتماعية صارخة تكمن​
تحت السطح.​
وعلى مسافة غير بعيدة عن سحر ساحل بيروت ترقد أحياء فقرة حيث​
يكافح المعدمون يوميا من أجل البقاء.​
وبيعت شقتان في ناطحات السحاب اللامعة المطلة على خليج​
الزيتونة قبل أشهر قليلة بمبلغ 18 مليون دولار و14 مليون دولار.​
وكانت شقق معروضة للإيجار قبل نحو شهر بسعر لا يقبل المساومة قدره​
100 ألف دولار في الشهر. وزعم السماسرة العقاريون أن الطلب كان​
مرتفعا من قبل الأثرياء السوريين الفارين من الصراع في بلدهم لكنهم​
يعترفون الآن بأنهم قد لا يشهدون مثل هذه الصفقات الثمينة لبعض​
الوقت.​
قالت ماريا (47 عاما) وهي مهندسة ديكور غادرت لبنان وهي في​
التاسعة من العمر وعادت من الخارج بعد 17 عاما "هناك أكثر من​
لبنان. نعيش في تفكك حقيقي. هذا المكان موضوع على جهاز تنفس صناعي.​
نعيش في فقاعة داخل فقاعة."​
وبدأت آثار ما يحدث في سوريا تمتد إلى لبنان حتى قبل تفجير​
الجمعة الماضي.​
وتدهور الوضع الأمني مع تصدع سيادة القانون. وتزايدت جرائم​
السطو على البنوك والخطف من أجل الحصول على فدية وتزايدت حدة​
التذمر الطائفي بين السنة والشيعة مع دعم كل من الفصيلين​
الإسلاميين في لبنان لأحد طرفي الصراع في سوريا.​
والسياح الذين يأتون لمشاهدة الآثار الرومانية ظلوا بعيدين هذا​
العام تاركين اللبنانيين الخائفين يفكرون بشأن جولة أخرى من القتال​
الطائفي.​
وضاق كرم ذرعا بالوضع كغيره من اللبنانيين. وسيغادر البلد الذي​
تزوج وأنجب فيه أبناءه وشهد ثلاثة حروب وثورة شعبية.​
وقال كرم "ما دفعني لأن أقول هذا الصيف إنه حان وقت الرحيل هو​
أن سوريا في أزمة. لم أكن ولو للحظة واحدة ممن يؤيدون بقاء نظام​
الأسد. لا .. لكني اعتقد أنه عندما تكون سوريا في أزمة فإن لبنان​
سيكون في وضع أشد خطورة."​
وعاد كرم إلى لبنان من لندن في عام 1992 بعد عامين من انتهاء​
الحرب الأهلية ومع بدء إعادة بناء بيروت على يد رئيس الوزراء​
الأسبق رفيق الحريري.​
وأول هزة ضربت هذه المدينة بعدما عادت إليها الحياة وقعت في​
عام 2005 عندما قتل الحريري في تفجير هائل. وألقي باللوم في الهجوم​
على سوريا وحليفها حزب الله.​
وقال كرم "الآن يبلغ عمر طفلي 15 عاما و14 عاما. يريدان الخروج​
ولا أريد أن يخرجا من البيت لأنني أشعر بالقلق في كل مرة يخرجان​
فيها."​
وأرسلت ماريا مهندسة الديكور ابنيها بالفعل للدراسة في الخارج.​
وقالت ماريا وهي سنية وابناها شيعيان إن الطائفية متغلغلة في​
الحياة اللبنانية وإنها لا تريد أن يشارك ابناها في هذه الثقافة.​
وقالت "بالنسبة لي .. هذا خيار شخصي .. ولكن بالنسبة لهما ..​
لا مكان لهما في هذا المجتمع. إنهما لا يشتركان في قواعد هذا​
المكان."​
واللبنانيون في حالة صدمة لتجدد العنف الذي يعيد للأذهان​
ذكريات الحرب الأهلية التي أوقعت ما يزيد على 150 ألف قتيل.​
ويعتقد كرم مثل كثير من اللبنانيين أنه إذا لم يقم اللبنانيون​
بإعادة بناء الدولة على أسس غير دينية ومعالجة الفراغ الأمني​
وإخراج الاقتصاد من سباته فإن البلاد ستنتقل من فترات النمو​
والرخاء إلى فترات عدم الاستقرار.​
وسوريا هي مركز الزلزال في الوقت الحالي. فالعداء الطائفي​
يتزايد في أنحاء المنطقة. بدأ في العراق بعد سقوط صدام حسين وسيطرة​
الأغلبية الشيعية على السلطة. وعزز هذا التحول في ميزان القوى نفوذ​
إيران الشيعية وأحيا توترات تاريخية في السعودية والبحرين ولبنان​
وسوريا.​
وظهر ذلك الجانب القبيح الأسبوع الماضي بعد التفجير الذي أودى​
بحياة الحسن وهو سنى معارض للقيادة السورية.​
وفي أحياء سنية أقام مسلحون حواجز على الطرق من إطارات مشتعلة​
واعترضوا المارة وسألوهم عما إذا كانوا سنة أم شيعة وهي ردة إلى​
الحرب الأهلية تقشعر لها الأبدان.​
وسئل مصور من رويترز عن دينه. وبالرغم من تأكيده لهم أنه سني​
إلا أنه منع من التصوير لأن له "لحية شيعية".​
واشتعل الغضب الطائفي حيث ردد محتجون شعارات مهينة لحسن نصر​
الله الأمين العام لحزب الله.​
لكن أهل بيروت يتمتعون بالرغم من كل مشاكلها بمرونة شديدة لم​
يكن من الممكن لمدينتهم أن تعيش بدونها.​
وقالت ماريا "بيروت تتمتع بطاقة هائلة إنها مدينة تستطيع أن​
تستعيد عافيتها في ساعات قليلة. إنها مثل امرأة قبيحة فيها كثير من​
السحر وكثير من الصفات .. مليئة بالعيوب.​
ومضت تقول "رغم كل عيوبها يحاول الجميع فيها أن يعيشوا معا على​
أي حال."
 
أعلى