سبارتاكوس
بيلساني سنة ثالثة
- إنضم
- Sep 8, 2008
- المشاركات
- 661
- مستوى التفاعل
- 6
- المطرح
- محل مافي بنت حلوة
اسطنبول.. تحوي أكبر الجوامع في العالم وتشكّل آية في الفن المعماري الإسلامي
اسطنبول :
تشكل مدينة اسطنبول المفترق التجاري والسياسي بين دول البلقان والشرق الأوسط والجمهوريات التركمانية التابعة لروسيا. «بيزنطية» القديمة هو اسمها الأول تيمناً بمؤسسها Byzas ثم تحولت إلى القسطنطينية تيمناً ببانيها الامبراطور قسطنطين الكبير. بعد أن احتلها العثمانيون أعطوها اسم اسطنبول وهي تمتد على مساحة 7500 كيلومتر مربع وتقطنها زهاء 10 ملايين نسمة، وهي شديدة الاكتظاظ السكاني الذي ينعكس حركة سير خانقة تعم الشوارع كلها الكبيرة والصغيرة، ويبلغ معدل النمو السكاني فيها زهاء خمسة في المئة. يقصدها السياح من أنحاء العالم أجمع وهي تستقبل سنوياً زهاء 1,5 مليون سائح تجتذبهم بغناها الأركيولوجي التاريخي والطبيعي، علماً بأن نصف الآثار والمتاحف التاريخية لتركيا موجودة في اسطنبول.
المعالم الإسلامية غزيرة في هذه المدينة وما أن تدخل مطار «أتاتورك» حتى ترى الحجاج بلباسهم الأبيض بالمئات يتقاطرون في رحلات حج متواصلة. الواقع أنه في عام 1517 أصبحت العاصمة العثمانية اسطنبول المركز الديني في العالم الإسلامي وهي تعج بالجوامع التي تعتبر الأجمل في العالم وصوت الآذان فيها يعلو في المواقيت المعتادة.
الجامع الأزرق وآيا صوفيا
أكبر جامع في اسطنبول والوحيد الذي تعلوه ستة مآذن هو جامع السلطان أحمد المعروف باسم «الجامع الأزرق» بناه السلطان الرابع عشر في السلالة العثمانية أحمد الأول، بدأ بناؤه عام 1609 تحت إشراف المهندس محمد آغا وانتهى العمل فيه عام 1616. زيارة هذا الجامع تبهر العين بالهندسة الأنيقة والفخامة غير المسبوقة.
تتبع لهذا الجامع مدرسة دينية، مأوى للفقراء، غرفة طعام، نافورة مياه. الهندسة الداخلية لهذا الجامع مدهشة بتفاصيلها تكفي معرفة أنه تم استقدام زهاء 21 ألف قطعة من الزجاج الخاص الملون من مصانع إزنبق لوضعها فيه، فضلاً عن نسج آلاف الأمتار من السجاد الحريري، ومئات ثريات الكريستال للإضاءة. في وسط مكان الصلاة يمكن للمصلين أن يروا جزءاً من الحجر الأسود من الكعبة في مكة المكرمة، أما الكرسي الذي يجلس عليه المؤذن فهو نسخة طبق الأصل عن تلك الموجودة في مكة. الكتابة العربية والآيات القرآنية تملأ الجدران والأعمدة الرخامية العملاقة. وفي الحديقة التي تحيط بالجامع توجد مقابر لثلاثين عضواً من أعضاء العائلة الامبراطورية، وحتى القرن التاسع عشر كان هذا الجامع الضخم يشكل نقطة الانطلاق لمواكب الحجاج الذين يقصدون مكة.
وهناك أيضاً جامع السليمانية ويعتبر من أجمل الجوامع الامبراطورية في اسطنبول بني بين عامي 1550 و1557، جامع أيوب وهو الأول الذي بني بعد غزو العثمانيين لاسطنبول وهو يجذب آلاف الحجاج، جامع فاتح الامبراطوري وهو على اسم فاتح اسطنبول فاتح سلطان محمد، جامع رستم باشا وسواها الكثير من الجوامع. متحف القديسة صوفيا كان يعتبر البازيليك الأكبر في العهد البيزنطي وذلك منذ تأسيسها عام 537 وحتى سيطرة العثمانيين عليها وتحويلها إلى جامع 1454 إلى أن أصدر مصطفى كمال أتاتورك مرسوماً عام 1934 قضى بتحويلها إلى متحف وطني بعد أن أخضعها لأعمال ترميم مهمة. البازيليك كناية عن بناء ضخم تعلوه مأذنتين وفي داخلها تتجاوز الفسيفساء البيزنطية مع المعالم الإسلامية، وبعد أن أحرقت مرات عدة أعيد بناؤها، ويقال إن قسماً من حجارتها وأعمدتها الحالية منقولة من مدينة بعلبك اللبنانية.
قصر السلاطين
من أروع معالم السلطنة العثمانية الإسلامية قصر «توبكابي» وهو مقر السلاطين العثمانيين. عند المدخل الرخامي الشاهق لوحة كُتب عليها بالخط الذهبي «السطان ظل الله في الأرض» وتحتها عسكر عثماني يحرس المكان.
يمتد هذا القصر المنيف على مساحة 700 ألف كيلومتر مربع أي ما يعادل تقريباً نصف مساحة إمارة موناكو، وهو بناء معقد التفاصيل يتألف من قصور صغيرة، وجوامع ونوافير مياه ويبدو مدينة مصغرة في قلب اسطنبول. جدرانه العالية التي تفصله عن المدينة هي قلاع تخرقها عدة طلقات مدافع بارزة وأبوابه كأبواب قلعة حربية واسمه «توبكابي» يعني «باب المدفع». بني هذا القصر عام 1467 من قبل السلطان محمد الثاني استخدم في البداية للاستقبالات الرسمية وشؤون الدولة فيما كانت نساء الحرم تعشن في قصر آخر. لكن عند نهاية القرن السادس عشر أضيف إليه الحرم بغرفه الثلاثين حيث باتت نساء السلطان تعشن معه. بقي السلاطين العثمانيون يتخذونه مقرهم الرسمي لغاية عام 1839 حيث اختار أحدهم الانتقال للعيش في قصر «دولماباهشي» على مضيق البوسفور. أثناء عصر الحكم العثماني كان هذا القصر يعد 4 آلاف شخص يتوزعون على أربعة قصور بالإضافة إلى الحرم. هذه الأجزاء محاطة بحدائق غناء وقصوره مفتوحة للزوار وغنية بالنقوش الإسلامية وفي أحدها سيف يقال أنه يخص النبي محمد وثمة شيخ يجلس ويصلي الآذان. علماً أن الامبراطورية العثمانية تأسست عام 1299 من قبل عثمان غازي، وقد تعاقب على الحكم فيها 36 سلطاناً.
معلم سياحي غريب
في كتابها الشهير «ألف مكان ينبغي أن تزورها قبل أن تموت» (0001 Places to see before you die Palace). عندما نزلت في هذا الفندق الذي بني عام 1892 ويقع في وسط اسطنبول أيقنت سر أشهر كاتبة روايات بوليسية في العالم وهي أغاتا كريستي. فهذه الكاتبة الانكليزية كانت تختفي مراراً من دون أن يعلم ذووها واصدقاؤها وجهتها، ومرة اختفت 11 يوماً متواصلاً كانت تجلس فيها في غرفة رقم 411 من فندق «بيرا بالاس» وتكتب لساعات طويلة.
في هذه الغرفة بالذات كتبت أغاتا كريستي عام 1930 كتاب «Murder on the Orient Express» وهو القطار الذي كان يربط باريس وفيينا بمدينة اسطنبول، ويحمل المطعم الصغير في الفندق اليوم اسم «أورينت إكسبرس». الفندق غريب بآثاثه، كتيب يجوه لولا حركة السياح الكبيرة. الإضاءة الخافتة، الكنبات المخملية الحمراء، الخزانات الخشبية حيث الآنية العتيقة، السقف النحاسي، الألوان القاتمة، الستائر الصفراء، اللوحات العملاقة، الرائحة العتيقة والمصعد المخيف بحباله المتصاعدة كلها أمور تثير القشعريرة، وتطلق العنان للخيالات السوداء التي يمكن أن تنسج أغرب الروايات.. وما أن نسير في الممرات الضيقة قاصداً غرفتك حيث السجادة الطويلة القديمة والممزقة في مواضيع عدة، وأبواب الغرف العملاقة على الجهتين حتى تخال بأنك في ثكنة حربية أو في قصر مسكون بالأشباح.
لم أحب غرفتي منذ النظرة الأولى: سريران نحاسيان تعلوهما أغطية زرقاء قاتمة مطرزة وستائر عتيقة وإضاءة خافتة وحمام قديم غير مجهز حتى بالصابون الذي بالكاد هو متوافر. الفندق بعيد كل البعد من الفنادق العصرية التي نعرفها بالرغم من أن تصنيفه هو أربعة نجوم.
بعد قليل لاحظت أثناء جلوسي في «اللوبي» الصغير أرتالاً من السياح تقصده وصوراً كثيرة لأتاتورك فظننت أنها موجودة تكريماً لباني تركيا الحديثة. لكنني لم أفهم وجود صور عدة للكاتبة الانكليزية أغاتا كريستي، وما لبثت أن رأيت اللوحة النحاسية العملاقة المدونة عليها أسماء أهم الشخصيات التي نزلت في هذا الفندق الكبير وفي مقدمها أتاتورك وأغاتا كريستي.
غرفة كريستي مفتوحة للزوار ويمكن حجزها وهي تقع في الطابق الرابع. وفيها مكتبة صغيرة وطاولة كانت الكاتبة تجلس إليها وخزانة وكرسيين وحمام صغير. أما غرفة أتاتورك فهي تشكل متحفاً صغيراً مع الصالون المرافق لها حيث كان يستقبل زواره، وهي الطابق الأول وتحمل الرقم 101.
15 مرة قطن أتاتورك في هذه الغرفة وفيها سريره العريض وهاتف قديم وطاولة وبزته ونظاراته وأحذية تخصه وممنوع أن يشغل هذه الغرفة أحد. سكن هذا الفندق المؤلف من 145 غرفة الكثير من الارستقراطيين والنبلاء والجواسيس. حتى أنه عام 1941 فجر النازيون اللوبي فيه بإلقاء قنبلة إذ كان يشغله الكثير من الجواسيس الانكليز فجرح زهاء 25 شخصاً.
ومن أبرز نزلاء الفندق: مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، الكاتبة الانكليزية أغاتا كريستي، الكاتب والصحافي الاسباني أنطونيو غالا، الكاتب الأمريكي إرنست همنغواي، المغنيان الفرنسيان جورج موستاكي وجيلبير بيكو، الممثلة غريتا غاربو، جاكي شان، جاكلين كيندي أوناسيس، الزعيم اليوغوسلافي السابق جوزيب تيتو، المغني الاسباني خوليو إيغليزباس، ملك انكلترا السابق إوارد الثالث، زعيم الثورة الروسية ليفي تروتسكي، الجاسوسة النمساوية ماتا هاري، المؤلف اليوناني ميكيس تيودوراكيس، الكاتب الفرنسي بيار لوتي، شاه إيران محمد ريزا بهلوي، ملك ايطاليا السابق فيتوريو إيمانويل الثالث وسواهم.
تطالب الدولة التركية أصحاب هذا الفندق بتحويله متحفاً لكنهم يرفضون بيعه، وبالرغم من أن خدمته ليست رديئة فإنها أيضاً ليست جيدة، وهو من معالم اسطنبول القديمة والجميلة التي ينبغي زيارتها.
والسلام ارجو لكم رحلة جميلة وموفقة
