حق الجار

الحسواني

بيلساني سنة أولى

إنضم
Nov 1, 2008
المشاركات
475
مستوى التفاعل
0
المطرح
السعودية
بسم الله الرحمن الرحيم


جاء الاسلام بشرعه السامي ورسالته التالدة الخالدة ليعيد الامور الى نصابها وذلك عن طريق دستور ومنهاج سوي 0
فكان من مبادئ هذا الدستور العظيم : تقويم السلوك واصلاح ما أفسده الجهل من عادات سيئة تغلغلت الى داخل تكوينات المجتمع آنذاك 0
ومن بند تقويم السلوك يتفرع حسن الخلق ذلك المبدأ الذي حض عليه الشارع وحبب به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من خياركم أحسنكم أخلاقا " متفق عليه
وقال :"ذهب حسن الخلق بالخير كله "وليس ذلك فحسب وإنما حسن الخلق يعتبر كمال للايمان فقال الرسول " أكمل المؤمنين ايمانا أحسنهم خلقا "
هذا الامر بين المؤمنين عامة وتزيد درجة رفعته كلما زادت درجة القرب "نسباً أومكانا أو الاثنين معا "
وهنا سنتوقف عند حسن الجوار فمن هو الجار ؟؟
لقد اختلف في تحديد من هو الجار فهناك اقوال عديدة اذكر منها اثنين فقط: 1- كل من سمع النداء فهو جار أي كل من سمع صوت الاذان المنطلق من مسجد الحي فهو بمثابة جار لك
2- القول الآخر قول السيدة عائشة : حق الجوار أربعون دارا من كل جانب لكن لو لك جار مسلم له عليك حقان حق الجار وحق الإسلام وإن كان لك جار قريب له عليك حقوق ثلاث حق الجوار وحق الإسلام وحق القرابة وهذا ما ذكر في الآية الكريمة التي قرن الشارع العظيم دعوة الإحسان إلى الجار بأمره بعبادة الخالق وحده والإحسان للوالدين ... فقال تعالى
" واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم "سورة النساء
فالشارع لطالما أكد على الوصية بالجار , وهاهو جبريل عليه السلام ينزل مرارا وتكرارا الى رسولنا الكريم ليوصيه بالجار ويأمره بالمعاملة الطيبة وهذا ما قاله رسولنا الكريم : " مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيوّرثه " متفق عليه
فما حقوق الجار على جاره وما واجباته ؟
سأجيب بعون الله وسأحاول الاختصار
1- قال عليه الصلاة والسلام " لا ضرر ولا ضرار " فهذا بشكل عام فكيف بالتخصيص
اعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إيذاء الجار وكأنه خروج عن الملة وضعف في العقيدة فقال :" والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن . قيل من يا رسول الله . قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه" متفق عليه والبوائق أي الشرور والمعنى لا يأمن جارك من تصرف ارعن تقوم به فيؤذيه وهذا الفعل على الرغم من أن الناس استصغروه إلا انه فعل عظيم له عاقبة وخيمة , وأي عاقبة , حرمان من دخول الجنة فقال عليه الصلاة والسلام :" لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه " مسلم
وقد قيل لرسول الله إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها قال " هي في النار " قال يا رسول الله فان فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها وإنها تصدّق بالاثوار من الاقط ولا تؤذي جيرانها بلسانها قال هي في الجنة " مسند الإمام احمد
2- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : فالأمر بالمعروف واجب محتوم على كل إنسان مسلم بأن يبدأ بنفسه ومن ثم ينتقل لداخل بيوتنا ثم الحي وهكذا وذلك للانتقال بالمجتمع إلى القمة /المجتمع الفاضل / ويكون الأمر بالكلمة الطيبة وبالفعل الطيب فبهذه الطريقة تكسر كل الحواجز المعيقة للاهتداء / وجادلهم بالتي هي أحسن/ " ولو كنت غليظا فظ القلب لانفضوا من حولك "
قال عليه الصلاة والسلام " من رأى منكرا فليغيره بيده......الخ الحديث
3-التحاب : كإفشاء السلام وتبادل الهدايا ولو كانت رمزية من طعام وشراب.... الخ فهو أمر من النبي هذا إن كان جارك ليس فقيرا فقد قال عليه الصلاة والسلام :" يا أبا ذر إذا طبخت مرقه فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك " مسلم
أما إن كان فقيرا فهنا يختلف الأمر فينتقل من سنة إلى واجب وكما اخبر الرسول الكريم " والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قلنا من يا رسول الله ؟ قال من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم " أو كما قال 0 و هناك عادة كانت منتشرة في زمان ليس ببعيد عادة تسمى السكبة حيث كل جار يقدّم صحنا من طعامه لجاره .يؤدي ذلك إلى نشوء المودة وأحيانا أخرى تكون بابا للفرج 0
وقوله عليه الصلاة والسلام " تهادوا تحابوا " فالهدية تزيل السخيمة من القلوب وتوصل إلى المحبة والألفة وتنهي آثار الشرور
4- الصبر على الأذى: وقدوتنا بهذا نبينا محمد فكلنا يعرف قصته مع جاره اليهودي وكذلك الإمام أبو حنيفة مع جاره السكير المغني الذي أصبح فيما بعد وبسبب صبر الإمام عليه من أفضل تلاميذ أبو حنيفة ومن أنشطهم فبالصبر غير حال الرجل من سكير إلى عابد تقي ورع والقصص في هذا الباب كثيرة اكتفي بما قلت
5- تأدية الأمانة إليه قضاء حوائجه الدنيوية : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال عليه الصلاة والسلام :من نفّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ..........."رواه مسلم
6- إعانة الجار على أمور الحياة والإصلاح بينهم إن اختلفوا : قال عليه الصلاة والسلام : كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: تعدل بين اثنين صدقة , وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة , والكلمة الطيبة صدقة , وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة , وتميط الأذى عن الطريق صدقة " متفق عليه
7- ستر عورته وحفظه في غيابه والقيام بأهله على خير وجه: قال الرسول الكريم:لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة " مسلم
وانظروا إخوتي وتمعنوا في هذا الحديث قال عليه الصلاة والسلام : ما تقولون في الزنا ؟ قالوا : حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة قال فقال رسول الله لأصحابه : لان يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره قال فقال : ما تقولون في السرقة قالوا حرمها الله ورسوله فهي حرام ,قال لان يسرق الرجل من عشرة بيوت أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره" مسند الإمام احمد 0وايضا قصة ذلك الذي الرجل مع امرأة جاره الذي خانه فيها فأكله الكلب فبلغ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال خان صاحبه والكلب قتله والكلب خير منه " وقد كان رسول الله يتعوّذ من جار السوء فيقول :" تعوّذوا من جار السوء في دار المقام فإن جار البادية يتحول عنك " النسائي فجار البادية مؤقت أما جار البناء فهو ثابت ملازم 0
8- تسهيل أموره وعدم تجاوز الحدود : قال عليه الصلاة والسلام :" لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره " متفق عليه
هذا إن كان الجدار مشتركا بينهما 0
9- وأخيرا وليس آخرا فان الجار له تأثير على الراحة النفسية للشخص فان كان جار سوء فانه يهج من حيّه ولو كلفه ذلك الكثير كما أن له علاقة مباشرة مع سعر المنزل فيزيد المنزل سعرا بحسن الجيرة وينقص بغلظة الجيرة وكما في المثل العامي " اشتري الجار قبل الدار " وهذا ما حدث مع أبي دلف وجاره وبهذه القصة اختم :
يروى أن رجلا كان جارا لأبي دلف ببغداد فأدركته حاجة وركبه دين فادح حتى احتاج إلى بيع داره وطلب ثمنا لها ألف دينار فقالوا له : إن دارك لا تساوي أكثر من خمسمائة دينار فقال : اجل ولكنني أبيعها بخمسمائة وأبيع جوارها بخمسمائة أخرى فبلغ القول أبا دلف فأمر بقضاء دينه ووصله وواساه0 ولله در القائل :

يلومونني أن بعت بالرخص منزلي ...................... ولم يعلموا جارا هناك ينغص

فقلت لهم كفوا الملام فإنما .................................. بجيرانها تغلوا الديار وترخص

وأوصى احدهم أولاده : جارك القريب منزلة من منزل أبيك , هو اقرب الناس إليك بعد أقاربك , فواجب عليك محبته واحترامه وحسن معاملته والتودد إليه كلما سنحت لك الفرصة وزيارة مريضه ومواساته في سرائه وضرائه والقيام بخدمته ما استطعت ومعاونته عند الضرورة وحب الخير له وغض البصر عن محارمه ولا تحدّق النظر في نوافذ منزله ولا تسيئه في ماله وعرضه فبذلك تكون عفيفا شريفا حسن الخلق مستقيم أديب 0

وانظروا إلى روعة هذا الحديث أيضا قال عليه الصلاة والسلام : أتدرون ما حق الجار : قال : إذا استعان بك أعنته وإذا استقرضك أقرضته وإذا افتقر عدت عليه وإذا افتقدته عدته وإذا أصابه خير هنأته وإذا إصابته مصيبة عزيته وإذا مات تبعت جنازته ولا تستطل عليه بالبنيان فتحجب الريح عنه إلا بإذنه ولا تؤذيه بريح قتار قدرك "
بالله عليكم هل توجد إنسانية بعد هذا ؟ ودققوا في " ولا تؤذيه بريح قتار قدرك " أي برائحة طبخك مثل الشواء فقد يكون جارك لا يملك ما يعينه على شراء الشواء وعنده أولاد فعندما يشمون رائحة الطعام يشتهونها تكون قد آذيت أنفسهم لذلك عليك أن تقدم منه شيئا أو أن تحاول جهدك ألا تصل الرائحة إليهم هذه سنة نبينا فما أعظمها من مبادئ وليس ذلك فحسب بل حتى عندما تشتري فاكهة لمنزلك عليك أن تجعل نصيبا منها لجارك أو عليك أن تدخلها سرا إلى بيتك مراعاة لشعورهم ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده 0فانظروا أيها المستشرقون هذه حضارتنا ومبادئنا فأين حضارتكم وأين شعاراتكم التي ترفعونها تريدون أن تضلوا العالم بأنكم تدافعون عن حقوق الإنسان مؤلفين لذلك الهتافات والاناشيد و00000الخ وانت لستم كذلك 0
بهذه الأمور ومثيلاتها وصلنا إلى القمم وعندما تركناها واستسغنا كسرها سقطنا في هاوية الضياع 0 ولكن أملنا بالله كبير بأنه لا بد من عودة إلى القمة إن نقلنا هذه الأفكار ومثيلاتها الى واقعنا الذي نعيش فيه وحاولنا تطبيقها وعندها فقط نكون قد خطونا خطوات نحو / المجتمع الفاضل الحقيقي/

وأخيرا اختم بقول علي كرم الله وجهه : حق الجار حفظه غائبا وكرامته شاهدا ونصرته ومعونته في الحالين جميعا لا تتبع له عورة ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها فان عرفتها منه عن غير إرادة منك ولا تكلف كنت لما علمت حصنا حصينا وسترا ستيرا لو بحثت الألسنة عنه لم تتصل إليه لانطوائه عليه ولا تستمع عليه من حيث لا يعلم ,لا تسلمة عنه شديدة ولا تحسده عند نعمة , تقيل عثرته , وتغفر زلته , ولا تدخر حلمك عنه إذا جهل عليك ولا تخرج أن تكون سلما له , ترد عنه الشتيمة , وتبطل فيه كيد حامل النصيحة , وتعاشره معاشرة كريمة ولا حول ولا قوة إلا بالله "
 

المارد

بيلساني عميد

إنضم
Dec 3, 2008
المشاركات
3,270
مستوى التفاعل
34
المطرح
سوريا
السلام عليكم قال سبحانه: {وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ..} الآية( النساء:36).عن أبى سعيد الخدرى - رضى الله عنه - أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال: (لاَ ضَررَ ولا ضِرار) حديث حسن.
رواه ابن ماجه والدارقطنى، وغيرهما مسندا......
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ)) .
(سنن الترمذي)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ((تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ عَنْكَ)).
(سنن النسائي)
ولقد أفاضت السنة النبوية في بيان رعاية حقوق الجار، والوصية به، وصيانة عرضه، والحفاظ على شرفه، وستر عورته، وسد خلَّته. ومن أجلى تلك النصوص قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما زال جبريل يوصيني بالجـــار حتى ظننت أنه سيورثه"( رواه البخاري ومسلم).قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إنه لا قليل من أذى الجار"(رواه الطبراني في الكبير). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع"(أخرجه البخاري
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، إن فلانة تصلي الليل، وتصوم النهار، وفي لسانها شيء، تؤذي جيرانها، سليطة. قال:" لا خير فيها، هي في النار" وقيل له: إن فلانة تصلي المكتوبة، وتصوم رمضان، وتتصدق بالأثوار ـ القطع العظيمة من الأقط ـ وليس لها شيء غيره، ولا تؤذي أحدا . قال: "هي في الجنة" (رواه أحمد
ورواه مالك في (الموطأ)عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلا، جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله: إني لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال:" إلى أقربهما منك باباً"( رواه البخاري).قال النبي صلى الله عليه وسلم:" يا نساء المؤمنات، لا تحقرنَّ جارة لجارتها ولو فِرسِن شاة"(رواه البخاري ومسلم).
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائعا وهو يعلم -رواه الحاكم

و قال عليه الصلاة و السلام : (( ما آمن بي ســاعة من نهار ، مَـن بات شبعان ، و جاره جائع إلى جنبه و هو يعلم بـه )) . رواه البزار بإسناد حسن
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ،
رواه مسلم الله يجزاك الف خير الحسواني
 

الحسواني

بيلساني سنة أولى

إنضم
Nov 1, 2008
المشاركات
475
مستوى التفاعل
0
المطرح
السعودية
وإياك يا أيها المارد .ز وشكرا لك على إغناء الموضوع :24:
 
أعلى