خضراء

سبارتاكوس

بيلساني سنة ثالثة

إنضم
Sep 8, 2008
المشاركات
661
مستوى التفاعل
6
المطرح
محل مافي بنت حلوة
خضراء

وقفت المرأة في الحديقة، يطلّ عليها من الأعالي قمر من حجر أصفر، وكانت قدماها اللتان تطآن التراب عاريتين. وتناهى إلى سمعها غناء خشن ناء، فأحنت رأسها بانكسار. وكان الخوف في تلك اللحظة طيرًا أبيض، مذبوح العنق.
وارتجف جسد المرأة، واغرورقت عيناها بالدموع، وابتدأ لحمها يتصلب شيئًا فشيئًا، ونمت جذور في باطن قدميها، وشقّت التراب الجاف، وراحت تتغلغل فيه بينما كانت المرأة لا تزال تبكي منكّسة الرأس. وبغتة ندت عن المرأة صرخة ذعر خافتة، ورفعت ذراعيها إلى أعلى محاولة التخلص من التراب غير أن ذراعيها تيبستا وبقيتا مرفوعتين. وتمايل الجسد يمنة ويسرة، ونضبت دموع العينين رويدًا رويدًا، وتحول اللحم خشبًا اكتسى بقشرة متشققة. وأقبل الشتاء فيما بعد، وغسلت أمطاره المرأة المثبتة في التراب. ثم أتى الربيع، فبدأت تنبت أوراق خضر صغيرة في ذراعي المرأة وشعرها، ثم ما لبث أن انبثق زهر كثير.
وسطعت شمس الصيف على الحديقة، وعندئذ أقبل صاحب الحديقة، وكان رجلاً هرمًا، فألفى أشجار التفاح في حديقته مثقلة الأغصان بالثمار عدا شجرة واحدة لم يتحول زهرها تفاحًا، فاستاء منها، وسارع إلى إحضار فأسه، وراح يهوي بها على جذع الشجرة، وتوالت ضرباته حتى سقطت الشجرة على الأرض ميتة .

:7:
 
أعلى