ذكريات شامية عتيقة


إنضم
Oct 3, 2008
المشاركات
6,719
مستوى التفاعل
69
المطرح
دمشق باب توما
edison_phonograph_idelia.jpg












قبل زمن ليس ببعيد وجدت نفسي أشرح لابنتي وولدي معنى قلم الحبر , بعد سؤالهم عن هذا المجهول بالنسبة إليهم . فقلت لهم " إنه قلم بريشة ناعمة , تغمسونها في زجاجة الحبر , وتضغطون الجيب المطاطي أسفل القلم وترخونه لسحب الحبر إلى أنبوب رفيع داخل القلم "
نظرت إليهم فرأيت أمارات الاهتمام وعدم التصديق بادية على وجوههم , فعقدت الدهشة لساني وشعرت كأنني عالم طبيعة يشرح عن مستحاثة من العصر الحجري .

كثيرة هي الأمور الحياتية اليومية المألوفة التي سلمنا بها كجزء من حياتنا ولكنها بدأت تضمحل وتتلاشى من حياتنا إلى الزوال ... الآلة الكاتبة اليدوية ... الهاتف ذو القرص ...كيس الماء الساخن , الذي كان أفضل صديق يشاركنا الفراش ... الجوارب الصوفية المحاكة .... الجوارب المرتوقة . كلها أصبحت في العدم , أو في محلات بيع القطع القديمة ( الأنتيكا ) .
في إحدى حارات دمشق حيث نشأت كان المطهر هو حلاق المحلة . كان يضع لوحا خشبيا على ذراعي الكرسي الضخم لأجلس عليه وارتفع حتى منسوب يده , حتى لأبدو كالظعينة على هودجها , ثم ينقض على رأسي وكأنه ينقض على طبق شهي من الطعام . في تلك الأيام الصعبة كان موعد قص الشعر لا يحل إلا عندما يطول فينساب على سجيته , أو عندما يهدد أستاذ الصف بمنعي من الدخول في اليوم التالي إذا لم أقص شعري .
كانت المرحلة الأولى تقضي بجعل الشعر ينتصب على الرأس , أما المرحلة الثانية فكانت تجعله ينسدل من جديد. وكان الحلاق يحمل آنية ممتلئة بالماء ( الطاسة ) ويغرس يده فيها ليخرجها ويرش ما تجمع فيها على شعري . ولكنه عندما تطور قليلا أصبح يستعمل مرشة سيفونية تنتهي بكره مطاطية صغيرة كتلك التي تنتهي ببوق بائعي المازوت هذه الأيام , فيدور حولي ليتأكد أن الماء وصل لكامل أنحاء رأسي , وبعد أن ينتهي من الحلاقة , يغمس يديه بحنجور " البريل كريم " وكان العامة يسمونه " بريانتين " ويلصقها على فروة رأسي . فما أكاد أصل إلى البيت حتى تكون خصلات شعري استوت مجددا على رأسي واستيقظ في اليوم التالي وقد بدا كأرض افريقية قاحلة تلقت وابلا من المطر .
عندما كنت صغيرا كانت الأمراض كلها تنسب إلى المعدة , وإذا كانت أمعاؤك لا تؤدي وظيفتها بما يرضي والديك فالعواقب قد تكون وخيمة , وتبدأ العقوبات التي كانت تؤرق بالي في تناول زيت الخروع ( مسهل ) , وكم من ليلة أويت إلى فراشي والألم يعتصرني دون أن أشتكي , كيلا أتجرع هذا الزيت . والأدهى من ذلك أن والدي كان يعتقد أن مرهم " الفيكس " هو المرهم القادر على الحماية من الرشح والسعال فيدهن لي صدري وأنفي في أيام البرد القارص , حتى تراني لأكاد ابرأ من السعال وأموت من رائحة المرهم .
في تلك الأيام ... أيام الرسائل البرقية والرسائل العادية وسيارات " دي زوتو " . كانت كلمة صنع في اليابان , مرادفة الآن لكلمة صنع في الصين , فلم يكن أحد ليهتم بشراء المنتجات اليابانية , بل كان الناس يفخرون بشرائهم المنتجات الأوروبية ( فيليبس أو كرونديك ) .
في تلك الأيام كان معظمنا يستخدم المرجل على الموقد ( قاظان ) إذا أراد الاستحمام , وكان تعبير مساحيق زينة الرجال أو عطورات الرجال تعبيرا صارخا معيبا . فيا له من منعطف حقيقي في التاريخ .

وتسألون كم عمري ؟ عمري أكثر من مئة وخمسين عاما شاميا
 

الملاح التائه

بيلساني سوبر

إنضم
Dec 12, 2008
المشاركات
2,142
مستوى التفاعل
27
المطرح
مدينة الحب
أكتر شي عجبني
المرهم
وريحتو
يا لطيف
:Albilsan (119)::Albilsan (119)::Albilsan (119):
 

موجة بحر

بيلساني محترف

إنضم
Jul 10, 2009
المشاركات
2,880
مستوى التفاعل
37
المطرح
شط الحنين
اي بتذكر المرهم يا لطيف ريحتو بتفطس كانت وكانو بيسموه ابو فاس كمان
ولا الالة الكاتبة ولي .. بذكرة مرة بالعاشر بعد ما كتبت 5 سطور حسيت اصابيعي رح ينشلوا وغير الشريط تبع الحبر اللي بينشف
عنجد كل ي قديم حلو ولو انو صار في كتير اشيا اسهل
:24::24:
 

mahmoud salih

Attorney General

إنضم
Jun 24, 2008
المشاركات
7,926
مستوى التفاعل
97
المطرح
الياسمين
رسايل :

ودموعي كالنجوم تأبى السقوط

المرهم شي مو طبيعي

يسلمو صديقي حسام الحلبي :24:
 

ḾǑŏǑŏǓĐỸ

♥*.¸كبير المشرفين¸.*♥

إنضم
Oct 22, 2009
المشاركات
19,240
مستوى التفاعل
150
المطرح
بعيدا عن حضن الوطن
رسايل :

اشتقتلك يا شااااااام

جدي لساتو عندو هيك شغلات :19::19:
 

نهر الاحساس

بيلساني قوي

إنضم
Dec 11, 2009
المشاركات
1,521
مستوى التفاعل
15
المطرح
بلا عنوان
:Albilsan (115)::Albilsan (115)::Albilsan (115):
يسلمو اخي...
 
أعلى