رسالة انتحار !!

آلبتول

أدميرال

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
10,067
مستوى التفاعل
172
المطرح
من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
رسايل :

قد أكون ... فراشة تحلق في السماء ولكن في الحقيقة ... ألسع كالنحلة!

4478802027_7e50494601_z.jpg




قبل أن أعرف هدى لم أكن أؤمن بالتأثير السحري للأشخاص، أعني بذلك تلك الطاقة العجيبة التي تنبعث من أحدهم إذا كلمته أو حتى رأيته من على بعد، فتصعقك، وتشل بدنك عن الحركة، وعقلك عن التفكير، وتتركك مجرد صنم هش، فاهه مفتوح وعيناه تحدقان في الفراغ، وعندما يعود وعيك ينتابك شعور شديد بالوحشة، لكأنك رُميتَ ونُسيتَ في قلب الأطلسي
لم أكن قط أصدق بوجود أناس لهم مثل هذه الموهبة السحرية، وكم كنت استنكر ما يرد لسمعي من هذا القبيل، ولطالما كنت أقول: " أنا أعلى من أن يؤثر علي جان أو ملاك، فكيف ببشر من لحم ودم ؟! " وكنت دائما أدعي أنني كاسمي - شامخ- لا أحد يستطيع الوصول إلي لكن ذلك كله كان قبل أن أراها ..
عندما رأيت هدى للمرة الأولى شعرت بضجة غريبة في صدري، ولما تكلمت معها أحسست بخدر في أطرافي، وتملكني - على غير عادتي - ارتباك شديد، لجأت بسببه إلى الهرب بإنهاء الحديث سريعا، متعذراً كذباً بميعاد ما .
وعندما خلوت بنفسي وجدت جسدي يسبح في العرق، ووجدت عروقي على حافة الانفجار من شدة خفقان قلبي، وباختصار وجدت نفسي في وضع لا يعجب أبدا شخصيتي المغرورة، ودخلت في حوار طويل مع ذاتي، واحتد النقاش، وساهم عقلي وقلبي في الجدال، وفي النهاية اتفقت جميع الأطراف على الاستراتيجية التي سأتبعها في المواجهة القادمة، ألا وهي " التكلم بتعالي وسخرية "، والتي هي - كما تعلمون - أسهل وأنجع طريقة لإخفاء الخوف والجهل .. والارتباك .
تعددت مقابلاتي لهدى، عن طريق الصدفة نادراً، وعن طريق اختلاق المصادفة - من جانبي - في أغلب الأحيان، وأضفت خطة جديدة إلى استراتيجيتي في الحديث معها، تعتمد على الإكثار في طرح الأسئلة، وبالتالي أكون قد ضربت عصفورين بحجرة، أخفي الأعاصير التي تزمجر داخلي بالإقلال من الكلام، وانتهز فرصة ردها لأتأملها جيدا، وأدرس ملامحها دراسة وافية، حتى أحطت بكل تفاصيلها، وحفظتها عن ظهر قلب خليةً خليةً، لدرجة أني أستطيع أن أنحت صورتها على الجليد دون أن أراها .
ذات مرة رأيت هدى فاستوقفتها: "- مباركةٌ لك النظارة الجديدة!
- شكراً لك .
- إنها جميلة .. ولكني أرى السابقة أجمل .
- لقد انكسرت ..
- على العموم العبرة ليست بالنظارة وإنما بالعيون التي خلف النظارة ..
لكنها لم تبتسم ولم تعلق وبدا عليها الانقباض فسارعت بالقول: "ولكنها جميلة على أية حال .."
- شكراً ..
- ولكن لماذا جانبها الأيمن معوَجٌ هكذا ؟"
مدت يدها إلى النظارة وخلعتها وخلعت قلبي معها ولم أعد أعي ما تقول، كم هو صعب أن تقف أمام هذه العيون، رغم انها صغيرة، تظللها رموش قصيرة غير مرتبة، ليست جميلة ومع ذلك فهي فاتنة، وساحرة .. وقاتلة. أحسست بأنني وحدي، أواجه عاصفة عاتية، في قطب الأرض الشمالي .ونزلت من العين لأقع على الخد ولتزداد متاعبي. إنه مليء بالنمش. لكم كنت أكره النمش، ولكنني الآن أعشقه، بل وأصبح المعيار الأول في مقاييس الجمال لدي هل أنا مجنون؟ أم مختل؟ أم مسحور؟ أجل إنني مسحور، ألم أقل لكم إنه تأثيرٌ سحري؟
واستيقظت عليها وهي تودعني ، واستيقظت أيضا على حقيقة تحاصرني طالما حاولت الفرار منها، وهي أني وقعت في حب هذه الفتاة وأنني لم أوجد في هذه الدنيا إلا من أجل أن أحبها.
صباح اليوم تربصت لهدى، ثم مررت أمامها وتصنعت الدهشة لرؤيتها، ثم وقفت أحادثها، وبعد حوار قصير سكتت فجأة، وأحنت رأسها تنظر في الأرض بوجهٍ خالٍ من الملامح ..
تجمدت عيناي عليها ، وأحسست بسكون غريب يلف الكون ، وشعرت بمضي آلاف السنين قبل أن ترفع رأسها وتقول : " شامخ .. ماذا تريد مني؟"
سكت طويلاً بينما عيناي لا تزالان مسلطتين على عينيها، لم أكن أفكر ولكني أردت أن أسرق زمناً لأسافر في عيناها وأتجول في رحابهما، ولما طال الصمت انتبهت وقلت: " أريد الكثير..."! دهشة استنكارية عابرة سرت في وجهها لكنها نجحت في دفنها سريعاً وقالت : "وما هو هذا الكثير؟"
أجبتها دون أن أرفع عيني عن عينيها: "أريد أن أراك كل يوم وأن أجلس معك كل يوم وأن أتكلم معك كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة وكل ثانية وأن لا أفارقك أبداً"
لم يبدُ على وجهها أي تعبير ، وردت "ثم ماذا ؟"
قلت : " أريدك أن تقاسميني حياتي أو ترضي بأن أكون جزءاً من حياتك"
ابتسمت للمرة الأولى، لكنها كانت ابتسامةً شاحبة، ورجعت خطوةً للخلف، وقالت دون أن ترفع رأسها "كنت أتمنى ذلك ولكني..." وسكتت ثم رفعت كفها الأيمن لأرى خاتماً ذهبياً يبرق في خنصرها، وأكملت "شامخ .. أنا مخطوبة وزفافي الأسبوع القادم "، ثم انصرفت دون أن تنتظر مني جوابا
تباً لذلك الخاتم، لماذا لم أشاهده من قبل؟ لقد حفظت كل ذرة في هذه الفتاة ولكني لم أر ذلك الخاتم اللعين! هل هذه الدنيا التعيسة تكرهني، أم أنها تستمتع بإفساد حياتي؟ تبا لها. لا أريد العيش في دنيا تعبث بي فيها حلقة من معدن، ولماذا أعيش بعد أن فقدت ما خلقت له وانتهى سبب وجودي؟ سأغادر الآن، ولكن خذوا هذه الوصية عني: "انظر دائما إلى كف الفتاة قبل أن تنظر إلى عينيها "
المنتحر البائس، شامخ




بقلم احمد عبد الوحيد


 

إنضم
Apr 14, 2010
المشاركات
4,142
مستوى التفاعل
65
المطرح
بلادالله

انظر دائما إلى كف الفتاة قبل أن تنظر إلى عينيها "


انتقاء رائع وقصة معبرة لامست القلب

سلمت الانامل ربما ستكون لي عودة
 

آلبتول

أدميرال

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
10,067
مستوى التفاعل
172
المطرح
من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
رسايل :

قد أكون ... فراشة تحلق في السماء ولكن في الحقيقة ... ألسع كالنحلة!

وجودك الراقي زاد من متصفح الاقصوصة رونق

بأنتظارك ..فكوني بالقرب

ما زال بالجعبة الكثير :22:
 

Miss Feeling

بيلساني فعال

إنضم
Oct 26, 2011
المشاركات
108
مستوى التفاعل
1
المطرح
دمشق
رسايل :

لَقَدْ كَآنَ لَديّ آلكَثِير مِنَ آلكَلآم لَكْ . لَكْ لِوَحدِكْ . وَ لَكِنَ قَسْوَتَكْ أخْرَسَتْنِي :((




القصة كتير حلوة بس نهايتها حزينة
شامخ بيستاهل لانو شايف حالو على العالم :20:
يسلمو ايديكي يا عسولة على هالقصة دائما متميزة بقصصك
 

آلبتول

أدميرال

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
10,067
مستوى التفاعل
172
المطرح
من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
رسايل :

قد أكون ... فراشة تحلق في السماء ولكن في الحقيقة ... ألسع كالنحلة!

من طلب العلا سهر الليالي ..."شامخ "شخصية مُكابره حتى على مشاعره العاطفية ..وما أكثرهم
كونوا بالقرب يا أحبه :24:
 

مختار

جنرال

إنضم
Jul 30, 2008
المشاركات
7,486
مستوى التفاعل
60
المطرح
بجهنم الخضـرا
رسايل :

صحيــــح بأننـــا لا نعــــــرف بعضنـــــ ـا شخصيــــــ ـا الا مــــن خـــــلال شاشــــــة صغيــــرة واسطـــــر نخطهــــــا ولكـــن الاحتــــرام لبعضنـــــا البعــــض يــــــــز داد يومــــــا بــعـــ

شو هل قصة يلي بتبكي ولووو
:11::24:
 

الآزوري

بيلساني نشيط

إنضم
May 7, 2010
المشاركات
94
مستوى التفاعل
7
المطرح
الرياض
رسايل :

كنت أظن السواد يمثل العتم .. حتى رأيته زاهياً بألوانك

يقال أن الحب أعمى

قصة جميلة أنين
أبعد الله عنك كل خيبات الأمل
 
أعلى