سورية الحضارة... مكانة فريدة في تاريخ العالم

نبيل 73

بيلساني شهم

إنضم
Aug 20, 2009
المشاركات
212
مستوى التفاعل
6
المطرح
اللاذقية بضيعة اسما الهنادي
يرى المؤرخ أرنولد توينبي أن المدنية السورية هي أقدم المدنيات التي وصلتنا منها وثائق تضىء بعض جوانبها.



almargeh.jpg


ومن المؤكد أنها الوحيدة التي تطورت عن مجتمع أو مجتمعات ما قبل المدينة. ولم تتأثر بأي مجتمع كان قائماً قبلها أو أسبق منها في مدرج الحضارة. ويضيف توينبي (إن المجتمع السوري، بأوسع معانيه الحضارية والجغرافية، هو في الحقيقة الأب الحضاري لكل هذه البقعة الحضارية الشاسعة).

ويرى عالم الآثار المؤرخ أندريه بارو أن الانطلاقة المبدعة في مسيرة الحضارة ظهرت قبل ستة آلاف سنة في بلاد بابل، وقد حقق فيها البابلي العظيم الذي أكد سطوته وسيدته على محيطه، تقدماً ووطيداً على طريق الحضارة.

ومن ثم اتقدت مشاعل المدينة وانتشرت عبر الحضارات المتعاقبة انتشار النار في الغابة.

المهم أن دوافع الإنسان القديم في سوريا الطبيعية لتكوين الحضارة، تتجذر وتتشعب في سائر حقول النشاط الإنساني. وقد بلغت ما بلغته من التطور في نواحي الحياة جميعها وفي مجالاتها كافة.

فقبل التاريخ المدون كان للسوري القديم خطوات فعالة في صنع حياته المستقرة. وحين تحرر عقله من الاهتمامات المعاشية بدأ يستجيب لمحرضات الطبيعة، مستخدماً كل ما تقدمه له من إمكانات لتحسين وجوده فعرف منذ الألف السابعة ق.م مثلاً أن يبني المنازل بالحجر ويكسو الجدران بالطين ويصنع الأدوات المختلفة من الفخار، مما وفر له المجال لتنمية الشؤون الرفيعة في سائر مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية والسياسية.

وفي أدوار لاحقة وقبل التاريخ المدون أيضاً، ألف الحكومات المدنية ذوات الدوائر المنظمة، وأنشأ المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية. وبدأ بتكوين أو وضع الأسس لحياته السياسية والاجتماعية.

وبالتالي تكوين معالم حضارة بلغت شأوا عالياً من النضوج والتفوق قبل بداية العصر التاريخي. وشكلت الأصول الأولى للحضارة الإنسانية في مجالاتها المادية والمعنوية كافة.

وهكذا تطور على يدي الإنسان القديم في سوريا الطبيعية اقتصاد زراعي اتصف بالثراء والاستقرار. وفي أرض سوريا نمت بذور التشكيل السياسي والتكوين الحضاري، كانت بالغة الأهمية والأثر في تاريخ الحضارة الإنسانية.

وعلى هذه الأرض قامت أولى الحضارات العمرانية التي أنشأها الإنسان بما اشتملت عليه من تنويع وتعقيد وثراء في الحياة وتخصص صناعي وازدهار تجاري. وعليها ترسخت أسس حضارية عريقة أعطت العالم القديم منذ خمسة آلاف سنة إلى اليوم كل ما يؤمن به في الروح وما يعرف في الفكر.

أعطت الدنيا معرفة زراعة الأرض وخطوط الهندسة والصناعة والحرف. كما أعطته أعلى درجات السمو يوم علمته الإيمان بالإله الواحد. وعليها أقيمت المعابد ورفعت الزقورات الشاهقة التي تشيع في القلب الرهبة والمهابة.

ومنها انتشرت ثقافة السوريين القدماء ومفاهيمهم الحضارية شرقاً وغرباً، فتركوا بصماتهم على جميع الثقافات القديمة. ومن الطبيعي أن العنصر الثقافي هو الجوهري في أي حضارة.

وفي منائر سوريا (أوغاريت) تم تطوير الحروف المسمارية إلى أبجدية أحدثت ثورة في الاتصالات قريبة الشبه بالثورة التي أحدثتها الاختراعات الإلكترونية في الربع الأخير من القرن العشرين.

وباختصار إن سورية تمثل مكانة فريدة في تاريخ العالم، وقد كان فضلها على رقي البشرية أجل شأنا من فضل أي بلد آخر. والواقع أن ما تكشفت عنه الحفريات في السنوات المائة الأخيرة يثبت بغير تردد أن فجر المدنية في الشرق المتوسطي ترك تأثيراته البالغة على مناحي الحضارة الإنسانية كافة.

يقول المؤرخ أندريه بارو (في الوقت الذي كانت أوروبا لا تزال تعاني آلام معرفة الأصول المجردة للحياة الاجتماعية والفنية والسياسية، كان الشرق الادنى تجاوز منذ زمن طويل عتبة الدنية وقطع أيضاً مراحل عديدة حقق فيها الإنسان الذي أكد سطوته، تقدماً وطيداً على طريق الحضارة. إنه الشرق, ومن يستطيع أن ينكر أن المعرفة جاءت من هذا الشرق) ؟.


:13: :13: :13: :1: :1: :1: :1: :1:
 

إنضم
Oct 3, 2008
المشاركات
6,719
مستوى التفاعل
69
المطرح
دمشق باب توما
سوريا مكانة فريدة ومتألقة في العالم
 
أعلى