طبقة العذاب

أيلول

نبض السعادة من رحم الألم

إنضم
May 31, 2009
المشاركات
3,932
مستوى التفاعل
109
المطرح
أرض الله الواسعة
رسايل :

مــا أبعد الصباح في هذا العالم

do.php



العذاب ليس له طبقة

الذي يسكن في أعماق الصحراء يشكو مر الشكوى لأنه لا يجد الماء الصالح للشرب

و ساكن الزمالك الذي يجد الماء و النور و السخان و التكييف و التليفون و التليفيزيون لو استمعت إليه لوجدته يشكو مر الشكوى هو الآخر من سوء الهضم و السكر و الضغط

و المليونير ساكن باريس الذي يجد كل ما يحلم به ، يشكو الكآبة و الخوف من الأماكن المغلقة و الوسواس و الأرق و القلق

و الذي أعطاه الله الصحة و المال و الزوجة الجميلة يشك في زوجته الجميلة و لا يعرف طعم الراحة

و الرجل الناجح المشهور النجم الذي حالفه الحظ في كل شيء وانتصر في كل معركة لم يستطع أن ينتصر على ضعفه و خضوعه للمخدر فأدمن الكوكايين وانتهى إلى الدمار

و الملك الذي يملك الأقدار و المصائر و الرقاب تراه عبداً لشهوته خادماً لأطماعه ذليلاً لنزواته

و بطل المصارعة أصابه تضخم في القلب نتيجة تضخم في العضلات .

كلنا نخرج من الدنيا بحظوظ متقاربة برغم ما يبدو في الظاهر من بعض الفوارق


و برغم غنى الأغنياء و فقر الفقراء فمحصولهم النهائي من السعادة و الشقاء الدنيوي متقارب

فالله يأخذ بقدر ما يعطي و يعوض بقدر ما يحرم و ييسر بقدر ما يعسر ...
و لو دخل كل منا قلب الآخر لأشفق عليه و لرأى عدل الموازين الباطنية برغم اختلال الموازين الظاهرية ...
و لما شعر بحسد و لا بحقد و لا بزهو و لا بغرور .

إنما هذه القصور و الجواهر و الحلي و اللآلئ مجرد ديكور خارجي من ورق اللعب ...
و في داخل القلوب التي ترقد فيها تسكن الحسرات و الآهات الملتاعة .

و الحاسدون و الحاقدون و المغترون و الفرحون مخدوعون في الظواهر غافلون عن الحقائق .

و لو أدرك السارق هذا الإدراك لما سرق و لو أدركه القاتل لما قتل و لو عرفه الكذاب لما كذب .

و لو علمناه حق العلم لطلبنا الدنيا بعزة الأنفس و لسعينا في العيش
بالضمير و لتعاشرنا بالفضيلة فلا غالب في الدنيا و لا مغلوب في الحقيقة
و الحظوظ كما قلنا متقاربة في باطن الأمر و محصولنا من الشقاء
و السعادة متقارب برغم الفوارق الظاهرة بين الطبقات ...

فالعذاب ليس له طبقة و إنما هو قاسم مشترك بين الكل ... يتجرع منه كل واحد كأساً
وافية ثم في النهاية تتساوى الكؤوس برغم اختلاف المناظر و تباين الدرجات و الهيئات


و ليس اختلاف نفوسنا هو اختلاف سعادة و شقاء و إنما اختلاف مواقف
فهناك نفس تعلو على شقائها و تتجاوزه و ترى فيه الحكمة و العبرة
و تلك نفوس مستنيرة ترى العدل و الجمال في كل شيء و تحب الخالق في كل أفعاله ...
و هناك نفوس تمضغ شقاءها و تجتره و تحوله إلى حقد أسود و حسد أكال ...
و تلك هي النفوس المظلمة الكافرة بخالقها المتمردة على أفعاله .

و كل نفس تمهد بموقفها لمصيرها النهائي في العالم الآخر ...
حيث يكون الشقاء الحقيقي ... أو السعادة الحقيقية ...
فأهل الرضا إلى النعيم و أهل الحقد إلى الجحيم .

أما الدنيا فليس فيها نعيم و لا جحيم إلا بحكم الظاهر فقط بينما في الحقيقة
تتساوى الكؤوس التي يتجرعها الكل ... و الكل في تعب .


إنما الدنيا امتحان لإبراز المواقف ... فما اختلفت النفوس إلا بمواقفها و ما تفاضلت إلا بمواقفها.

و ليس بالشقاء و النعيم اختلفت و لا بالحظوظ المتفاوتة تفاضلت و لا بما يبدو على الوجوه من ضحك و بكاء تنوعت .

فذلك هو المسرح الظاهر الخادع .

و تلك هي لبسة الديكور و الثياب التنكرية التي يرتديها الأبطال حيث يبدو
أحدنا ملكاً و الآخر صعلوكاً و حيث يتفاوت أمامنا المتخم و المحروم .

أما وراء الكواليس .
أما على مسرح القلوب .
أما في كوامن الأسرار و على مسرح الحق و الحقيقة ...
فلا يوجد ظالم و لا مظلوم و لا متخم و لا محروم ...
و إنما عدل مطلق و استحقاق نزيه يجري على سنن ثابتة لا تتخلف حيث يمد الله يد السلوى الخفية يحنو بها
على المحروم و ينير بها ضمائر العميان و يلاطف أهل المسكنة و يؤنس الأيتام و المتوحدين في الخلوات و يعوض الصابرين حلاوة في قلوبهم ...

ثم يميل بيد القبض و الخفض فيطمس على بصائر المترفين و يوهن
قلوب المتخمين و يؤرق عيون الظالمين و يرهل أبدان المسرفين ...
و تلك هي الرياح الخفية المنذرة التي تهب من الجحيم و النسمات
المبشرة التي تأتي من الجنة ... و المقدمات التي تسبق اليوم الموعود ...
يوم تنكشف الأستار و تهتك الحجب و تفترق المصائر إلى شقاء حق
و إلى نعيم حق ... يوم لا تنفع معذرة ... و لا تجدي تذكرة .

أهل الحكمة في راحة لأنهم أدركوا هذا بعقولهم وأهل الله في راحة لأنهم
أسلموا إلى الله في ثقة وقبلوا ما يجريه عليهم ورأوا في أفعاله عدلاً مطلقاً
دون أن يتعبوا عقولهم فأراحو عقولهم أيضاً ،

فـ
جمعوا لأنفسهم بين الراحتين راحة القلب وراحة العقل فأثمرت الراحتان راحة ثالثة هي
راحة البدن ... بينما شقى أصحاب العقول بمجادلاتهم .


أما أهل الغفلة وهم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضاً من أجل
اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض ثم لا يجمعون شيئاً إلا مزيداً من
الهموم و أحمالاً من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعاً لا يشبع


من روائع الدكتور مصطفى محمود رحمه الله
 

المارد

بيلساني عميد

إنضم
Dec 3, 2008
المشاركات
3,270
مستوى التفاعل
34
المطرح
سوريا
السلام عليكم
أما أهل الغفلة وهم الأغلبية الغالبة فمازالوا يقتل بعضهم بعضاً من أجل
اللقمة و المرأة و الدرهم و فدان الأرض ثم لا يجمعون شيئاً إلا مزيداً من
الهموم و أحمالاً من الخطايا و ظمأً لا يرتوي و جوعاً لا يشبع
مبدعة يسلموو يا ايلول الغالية


 

أيلول

نبض السعادة من رحم الألم

إنضم
May 31, 2009
المشاركات
3,932
مستوى التفاعل
109
المطرح
أرض الله الواسعة
رسايل :

مــا أبعد الصباح في هذا العالم

شكراً لتواجدك العطر يامارد :24:
 

STELLA

المحاربين القدماء

إنضم
Oct 24, 2008
المشاركات
9,614
مستوى التفاعل
155
المطرح
على ضفاف أحلامي الضائعه
رسايل :

Open your eyes a little bit Maybe You can see my heart

جميع البشر

مكتوب لهم في علم الغيب

مقدار سعادتهم وشقائهم في الدنيا

وما الشقاء الأكبر و السعادة الكبرى

إلا يوم الحساب



أيلول جعل الله السعادة مرافقة لكِ في الدارين

 

دانووو

بيلساني لواء

إنضم
Sep 20, 2011
المشاركات
4,837
مستوى التفاعل
38
ربي لا يعذبك ياعمري
لمت يداك مووضوع قيم
كما عهدتك دوووما" حبيبتيوردة*
 

أيلول

نبض السعادة من رحم الألم

إنضم
May 31, 2009
المشاركات
3,932
مستوى التفاعل
109
المطرح
أرض الله الواسعة
رسايل :

مــا أبعد الصباح في هذا العالم

جميع البشر

مكتوب لهم في علم الغيب

مقدار سعادتهم وشقائهم في الدنيا

وما الشقاء الأكبر و السعادة الكبرى

إلا يوم الحساب



أيلول جعل الله السعادة مرافقة لكِ في الدارين

ولكِ الأجمل والأغلى ياصاحبة الحروف الذهبية
 
أعلى