فلسفة القدرة العقلية

قمر الشام

بيلساني عميد

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
3,380
مستوى التفاعل
41
المطرح
فســحة ســــماوية
لا شك ان مفهوم القدرة العقلية،يعدمصطلحا حديث الظهور(نسبيا)،فقد نشأ هذا المفهوم في ميدان علم النفس التطبيقي،وكان في نهاية القرن التاسع عشر متصلا بالدراسات التجريبية،وفي بداية القرن العشرين،ظهر في فرنسا مرتبطا بقياس الذكاء في أبحاث العالم"الفرد بينه" ثمتطور على يد العالم الانجليزي"تشارلز سبيرمان" الذي رفض مصطلح"الذكاء"لأنهيحمل الكثير من المعاني، وقام باستبداله بمصطلح"العامل العام" الذي يعبر عن الطاقة العقلية العامة التي تهيمن على جميع النشاطات العقلية الأخرى،وذلك حسب مقتضيات نظريته المعروفة بـ"نظرية العاملين".


ويتفق معظم علماء النفسعلى التعريف الاجرائي للقدرة العقلية،باعتبار انه ما ينتج عن الأداءالعقلي،كالقدرة العديدية،والقدرة الابتكارية،حيث يرى العالم"فيري وارن" ومعه"بينجهام" ان القدرة العقلية هي"القوة على أداء الاستجابة،وتشتمل على المهارات الحركية،كما تشتمل على حل المشاكل العقلية". وهو ما يعني التخلص منالمفهوم الفلسفي للقدرة العقلية،واعتبار الاستجابة موقفا مشخصا لهذه القدرةمن حيث ان الاستجابة لا يقوى عليها الفرد إلا بفضل هذه القوةالواعية.


كما اعتبر العالمان المذكوران،ان الاستجابة لا تخلو من هذه القدرة او القوة التي تتجلى فيها القدرة العقلية.والواقع انه اذا كنا لا نجهلأهمية الوعي في سلوك الفرد الاصطفائي،فإننا لا نستطيع اعتبار ان كلالاستجابات هي استجابات واعية، والسبب في تبني هذه الرؤية يعود الى انالرجلين(وارن_وبينجهام) كانا ينتميان للمدرسة السلوكية التي بنيت نظريتهاالنفسية على عاملي المنبه(المثير) والاستجابة.


أما العالم"ثرستون" فيرى ان القدرة العقلية هي صفة يحددها سلوك الفرد،أي بمعنى أنها صفة تتحددبما يمكن ان يؤديه الفرد او ما يقوم به". فهي (القدرة العقلية) صفة تظهرنتيجة لأداء معين،وبهذا فإنها تمثل سلوكا ظاهريا يمكن ملاحظته وبالتالي قياسه.


وجاء ضمن تعريفات معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية على لسانمؤلفه د. احمد زكي بدوي التعريف التالي:" القدرة العقلية تعني مقدرة الفردالعقلية على إنجاز عمل ما او التكيف في العمل بنجاح..وهي تتحقق بأفعال حسيةاو ذهنية،وقد تكون فطرية او مكتسبة(عن طريق التعلم)،كما ان هناك قدرات عامة،وهي تمثل عامل مشترك بدرجات متفاوتة مع جميع القدرات الخاصة او مع مجموعة منها".


ويتضح من خلال التعاريف السالفة الذكر للقدرةالعقلية،ان هناك اختلافا بين الباحثين في تحديدهم لهذا المصطلح،فبعضهم لايفرق بينه وبين الاستعداد،والبعض الآخر يربطه بالتصنيف وان هذه الاختلافاتترتبط باتجاه الباحث ومنهجه في البحث.فتعريف العالم فيليب فرنون(القدرةالعقلية تعني وجود طائفة من الأداء الذي يرتبط بعضه ارتباطا عاليا،ويتمايزالى حد ما كالطائفة مع غيره من التجمعات الأخرى للأداء،أي ارتباطه بالطوائف الأخرى) يلاحظ انه مرتبط ارتباطا وثيقا بنظريته في البنية العقلية المتمثلةفي نظرية"التنظيم الهرمي" التي تقول بالذكاء العام..فالعوامل الطائفية الكبرىتليها العوامل الطائفية الصغرى..الخ.


وتتلاقى التعاريف السابقة،على انالقدرة العقلية ترتبط بالأداء،غير ان البعض منها قد وقع في الخلط بينالاستعداد والقدرة،وهو ما يعني انه لا فرق بين الاستعداد والقدرة إذا كانالمقصود بالتدريب عملية (التعليم) بمعناها الواسع،وبالتالي تفاعل الفرد معبيئته.أما قبل التدريب، فان القدرة العقلية تبقى مجرد استعداد يميل الىالجانب الفطري،وبهذا يظهر الفرق بين القدرة والاستعداد.


ومن جانبه قدم الباحث فؤاد البهي السيد حلا لهذه الإشكالية،حين اعتبر ان الأداء العقلي "هوالقدرة العقلية،والأداء المزاجي..وان الانفعال هو سمة الشخصية،والأداء الحركي هو المهارة اليدوية"



الملكـة العقلية..وكيفيةتنميتها:

الملكة العقلية هي قوة عقلية او فكرية او شعورية اوإرادية،تعتمد أساسا لتفسير الظواهر العقلية،وكان ينظر لها في السابق على أنهاإحدى قوى العقل البشري كالذكاء او الإرادة.وتفسر عن طريق عملها وتفاعلها معجميع الظواهر العقلية،إلا ان علماء النفس عدلوا عن هذا الرأي.

وقدبنيت هذه النظرية بالأساس على التأملات الفلسفية منذ أيام ارسطو،بالإضافة الىالتفسيرات الفرضية التي كانت تقسم الدماغ تشريحيا ووظيفيا الى أقسام منفصلةيسفر كل منها عن إحدى نواحي النشاط العقلي كملكة التذكر،وملكة الانتباه،وملكةالتخيل وغيرها من الملكات الأخرى. ونتيجة لهذا المفهوم او التفسير للعقلالبشري،ظهرت نظرية"التدريب الشكلي" التي ترى انه من أجل تنمية ملكة منالملكات يجب توافر الشروط الضرورية لتدريبها، وكان هذا التدريب يعتمد علىالمواد الدراسية،حيث انه من أجل تكوين ملكة التذكر(مثلا) ينبغي اختيار الموادالدراسية التي تنمي هذه الملكة،كالمحفوظات وغيرها من المواد التي تعتمد علىالحفظ،وكذلك لتنمية ملكة التفكير لا بد من تدريس مادة الرياضيات،ويجب ان يكونالمنهج الدراسي حسب نوعية الملكات المراد تدريبها وتنميتها لدى الفردالمتعلم.أما دوافعه واهتماماته،فم يكن لها اعتبار،ولذلك برز منهج الموادالدراسية المنفصلة في التربية والتعليم انطلاقا من اعتبار ان كل ملكة منفصلةعن الأخرى.وبالتالي كانت المواد الدراسية منفصلة أيضا عن بعضها البعضكالرياضيات،والقراءة، والمحفوظات،والعلوم..الخ
.

لقد ارتكزت هذهالنظرية على فروض منطقية من حيث التناسق والبناء، التي يمكن حصرها في النقاطالتالية
:

ان السلوك يتأثر بمجموعة من الملكات العقلية المستقلة عنبعضها البعض،كالتفكير والادراك والتذكر ..الخ
.

ان الملكات العقليةيمكن تنميتها من خلال تدريبها على أنواع معينة من التمارين
.
ج- ان أثرالتدريب الخاص بالملكات العقلية،ينتقل الى كل نواحي الحياة المتعلقة بكل ملكةعلى حدة
.

د- هناك ضرورة لوضع مناهج لتدريب الملكات العقلية في أوساطالطلاب دون النظر لرغباتهم واهتماماتهم،مثل ان دراسة المنطق والرياضيات ينميالقدرة على التفكير،وان دراسة اللغويات ينمي أيضا القدرة على التذكر.أمادراسة العلوم التجريبية،فانه ينمي القدرة على الملاحظة
.

لكن هذهالنظرية واجهت انتقادات كثيرة،حيث أثبتت الأبحاث العلمية التي اجريت في موضوعالقدرات العقلية،بطلان هذه النظرية،وخاصة بعد ظهور منهج التحليل العاملي الذييعتمد على تحليل مصفوفات معاملات الارتباط.وتتمثل الحقائق العلمية التي أثبتتبطلان نظرية الملكات العقلية،والتي أدرجها الباحث فؤاد البهي السيد فيكتابه(القدرة العددية) في النقاط التالية
:

ـ وجود تداخل بين النشاطاتالعقلية،وعدم انفصالها عن بعضها-كما تدعي النظرية المشار اليها- حيث انه اذاسلمنا(جدلا) باستقلالية الملكات وانفصالها عن بعضها البعض،فانه ينبغي ان يكونمعامل الارتباط بين كل اختبار وآخر يقيسان ملكتين مختلفتين مساويا للصفر..لكنالدراسات الحديثة في القياس العقلي ترى انه لا يوجد معامل ارتباط مساوياللصفر بين اختبارين يقيسان جانبين عقليين مختلفين،بل يكون دائما ارتباطاجزئيا
.

ـ ان أي اختبار لقياس ملكة كالتذكر(مثلا) ينبغي ان يكون له صدقمضمون،بحيث لا يقيس إلا ملكة التذكر فقط،لكن الدراسات في القياس العقلي،ترىانه مهما كانت درجة صدق الاختبار عالية،فانه يقيس نواحي متداخلة
.

ـ انالملكات العقلية تعتمد على الاختبارات البسيطة التي تقيس فقط الجانب الذي صمممن أجله،بينما تعتمد عملية قياس القدرة على الاختبارات البسيطة والمعقدةمعا،ولهذا فان مفهوم القدرة العقلية هو أعم من مفهوم الملكة العقلية،واذاكانت الملكات العقلية تميل الى تجزئة النشاط العقلي،فان مفهوم القدرة العقليةيميل الى التجميع،وهو بهذا يتفق ويتلاقى مع الإيجازالعلمي.


 

عاشق الوسوف

وزير البيلسان

إنضم
Oct 9, 2008
المشاركات
11,971
مستوى التفاعل
89
المطرح
مملكه الوسوف
1nkmjz05211134fw4kl7ze2.gif
 
أعلى