قصة قصيرة / تفاحة أمي


إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

غالبا يحرص الوالدان على دروس أبنائهم وذهابهم للمدرسة باكرا، إلا الطفل عيسى والداه لا يأخذناه للمدرسة عادة، فيضطر أن يمشي إليها وحيدا صيفا أو شتاء.
نوفمبر 2007 شتاء مشى إلى مدرسته بخطوات مكسورة، مطأطئ الرأس مثقل بالتفكير وشاحب الوجه. طفل بدا عليه الضياع وهو ذاهب إلى مدرسته، لا يعلم سر حكايته إلا نفسه، جلس داخل الفصل وهو مشرد الفكر لا يدري من هم حوله سواء زملاؤه أو استاذه. أخرج كراسته وأقلامه الملونة وبدأ يرسم مخاوفه و ذكرياته المظلمة تحت ظل الدموع، تلك الدموع التي كانت على الخد خفيفة وعلى القلب ثقيلة وسط ضحكات زملائه الذي لا يدري على ماذا يضحكون، فهو جالس لوحده في آخر كرسي في الفصل.
ظل يرسم تلك الذكريات محاولا أن يبتسم خشية أن يراه زملاؤه ويكشفون أمر دموعه، توقف أثر سماع نداء معلمه له، الذي كان كدوي أفزع قلبه وشرد فكره مرة أخرى، حين خاطبه معلمه عن سبب انشغاله بالرسم في فصل التربية الإسلامية وعدم إظهاره كتب هذا الفصل. بدا عليه الرجفة والسكون وأصبح يتأتأ ويبرر نسيانه لكتبه وهو يفرك اليدين وأنه قد حضّر درس اليوم في الليل على سريره ونسي الكتب عليه. فبدأ زملؤه بالضحك وهم يطلبون من المعلم أن يسأله بعض الأسئلة قاصدين إحراجه ولكي يزيدوا من ربكة الموقف. فطلب المعلم من طلبته الهدوء وطلب من الطفل أن يقف ويشرح درس اليوم قاصدا اختباره أن كان قد حضّر درس اليوم فعلا!
ظل صامتا و بدأ المعلم بتذكيره بدرس اليوم ببعض من التلميحات، ذكر أسماء الشخصيات والرموز في الدرس، كآدم وحواء والتفاحة، بدا الغضب على وجه عيسى حين سمع كلمة «التفاحة». فقد أكمل المعلم الضغط عليه حتى يشرح قصة «آدم وحواء»، وكان رده كالصاعقة عليه الذي بدأ بالتعجب من ردة فعل طالبه الصغير. إذا قال انه لا يعرف شيئا عن هذين الشخصين- آدم وحواء- لكنه يعلم أن التفاحة يجب أن ترمى على الأرض ولا تستحق التعلق على الشجر والتنعم بالغذاء من جذورها.
فسأله: لماذا يا بني؟
فذهب بعقله إلى ما حدث له بالأمس إذ انه ذهب خلسة إلى المطبخ لأكل تفاحة وقد وجدها حمراء شهية، راغبا بأكلها كلها تحديا لنفسه كونه طفلا ذات معدة صغيرة لا تقوى على أكل تفاحة كبيرة في زمن قصير. لكنه تفآجأ أن الثلاجة مقفلة من قبل والدته التي حرمته من الأكل ليلا، فأصبح ينازع شهيته المفتوحة ليلا وأوامر والدته الصارمة، لكنه قرر أن يسرق تفاحة أمه التي دائما تضعها ليلا عند سريرها، فأخذته خطواته الخفيفة إلى غرفتها ووضع يديه على التفاحة ولكن قد كشفت أمره أمه وأنبته على فعلته. فأخذ الطفل التفاحة ورماها في الأرض حتى لا تتمكن أمه من أكلها وهرب.
كرر المعلم سؤاله بدهشه لماذا يا بني؟ فإن رمي نعمة الله على الأرض حرام، فصرخ الطفل بل حرام على أمي
 
أعلى