أسافر..وفي حقائبي ذكرياتنا...
وافترقنا...
وها انا حفنة من الزجاج المسحوق
عبثا تستعيد صورتها كامرأة..
وافترقنا
السفن تطلق صرخات الوداع
في مساء المرافئ..
والطيور المهاجرة
لا تملك إلا الطيران
في مدرارت رحيلها المحتوم
وزمن المد انتهى
وها هو الجزر ينحسر
عن الجسور التي ملأ ثقوبها الموحشة
ماضيا عنها إلى غير رجعة..
لا قطرة في الموج
قادرة على العودة إلى ذرة رمل سبق واحتضنتها
كل ما في الطبيعة
يستعصي على التكرار
وكذلك حبنا
وافترقنا
يا للجنون..وأنا احبك هكذا
وانت تحبني هكذا
أي شيطان يسكنني
ويجعلني اغمد سكيني
في جسد الحب الغض
مستبقة بذلك
سكين القدر المحتومة؟
أي شيطان يسكنني
حتى اصرخ كساحرة مجنونة:
بيدي لا بيد الزمن...
علي وعلى احبائي يا رب!..
وافترقنا
وسوف تنقضي أيام طويلة
قبل ان نمر في الشوارع
التي لطالما احتضنتنا معا
دون ان تقفز صورة كل منا
داخل عين الاخر
واسمه...
والحوار الذي تبادلناه هناك
وضحكاتنا المختبئة في الزوايا..
وسوف تنقضي أيام طويلة
قبل ان الفظ اسماء أصدقائي
الذين يحملون اسمك نفسه،
دون ان اغص ويرتجف صوتي..
وسوف تنقضي أيام طويلة
قبل ان اسمعهم يتحدثون عنك
ويلفظون اسمك
دون ان تغمد في صدري
سكين الشوق...
وسوف تنقضي ايام طويلة
قبل ان اخط اسمك
دون ان تدمع عين قلمي!...
وافترقنا
لكن الزمن لا بد وأن يمر بدواليبه
فوق جسد ذكرياتنا
ويطحنها جيئة وذهابا...
وفي النهاية، لا يبقى إلا التراب..
من الضوء والى التراب تلك حكايتنا...
وافترقنا
وها أنا ارحل،
وفي حقائبي الذكريات...
آه الذكريات.
اودعك
واقف على طرف الكرة الأرضية
ثم اقفز الى الظلام..والمجهول
فراقك
شوكة في حلق زمني الآتي
لا جسد لهذا الحب
في فضاء الايام
لا مكان له في عمرنا المطعون
ولم يعد بوسعي أن اخطو اليك
ولم يعد بوسعي أن اخطو عنك
هذا زمن الانهيارات
والفوضى استولت على مدارات حبنا
هذا زمن الانهيارات
وارقب انياب الخلل
تلتهم اعصابي
لم يعد بوسعي أن أصرخ
لم يعد بوسعي أن اناديك
لم يعد بوسعي أن اذكرك
ولم يعد بوسعي أن أنساك
من الضوء والى التراب...تلك حكايتنا!...
غادة السمان
أسافر..وفي حقائبي ذكرياتنا...