تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة .
كل قصائد و أشعار الشاعر نزار قباني
تلومني الدنيا
---------
تلومني الدنيا إذا أحببتهُ
كأنني.. أنا خلقتُ الحبَّ واخترعتُهُ
كأنني أنا على خدودِ الوردِ قد رسمتهُ
كأنني أنا التي..
للطيرِ في السماءِ قد علّمتهُ
وفي حقولِ القمحِ قد زرعتهُ
وفي مياهِ البحرِ قد ذوّبتهُ..
كأنني.. أنا التي
كالقمرِ الجميلِ في السماءِ..
قد علّقتُه..
تلومُني الدنيا إذا..
سمّيتُ منْ أحبُّ.. أو ذكرتُهُ..
كأنني أنا الهوى..
وأمُّهُ.. وأختُهُ..
هذا الهوى الذي أتى..
من حيثُ ما انتظرتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما عرفتهُ
مختلفٌ عن كلِّ ما قرأتهُ
وكلِّ ما سمعتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
نوعٌ منَ الإدمانِ.. ما أدمنتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
بابٌ كثيرُ الريحِ.. ما فتحتهُ
لو كنتُ أدري أنهُ..
عودٌ من الكبريتِ.. ما أشعلتهُ
هذا الهوى.. أعنفُ حبٍّ عشتهُ
فليتني حينَ أتاني فاتحاً
يديهِ لي.. رددْتُهُ
وليتني من قبلِ أن يقتلَني.. قتلتُهُ..
هذا الهوى الذي أراهُ في الليلِ..
على ستائري..
أراهُ.. في ثوبي..
وفي عطري.. وفي أساوري
أراهُ.. مرسوماً على وجهِ يدي..
أراهُ منقوشاً على مشاعري
لو أخبروني أنهُ
طفلٌ كثيرُ اللهوِ والضوضاءِ ما أدخلتهُ
وأنهُ سيكسرُ الزجاجَ في قلبي لما تركتهُ
لو أخبروني أنهُ..
سيضرمُ النيرانَ في دقائقٍ
ويقلبُ الأشياءَ في دقائقٍ
ويصبغُ الجدرانَ بالأحمرِ والأزرقِ في دقائقٍ
لكنتُ قد طردتهُ..
يا أيّها الغالي الذي..
أرضيتُ عني الله.. إذْ أحببتهُ
هذا الهوى أجملُ حبٍّ عشتُهُ
أروعُ حبٍّ عشتهُ
فليتني حينَ أتاني زائراً
بالوردِ قد طوّقتهُ..
وليتني حينَ أتاني باكياً
فتحتُ أبوابي لهُ.. وبستهُ
الحاكم والعصفور
-----------
أتجوَّلُ في الوطنِ العربيِّ
لأقرأَ شعري للجمهورْ
فأنا مقتنعٌ
أنَّ الشعرَ رغيفٌ يُخبزُ للجمهورْ
وأنا مقتنعٌ منذُ بدأتُ
بأنَّ الأحرفَ أسماكٌ
وبأنَّ الماءَ هوَ الجمهورْ
أتجوَّلُ في الوطنِ العربيِّ
وليسَ معي إلا دفترْ
يُرسلني المخفرُ للمخفرْ
يرميني العسكرُ للعسكرْ
وأنا لا أحملُ في جيبي إلا عصفورْ
لكنَّ الضابطَ يوقفني
ويريدُ جوازاً للعصفورْ
تحتاجُ الكلمةُ في وطني
لجوازِ مرورْ
أبقى ملحوشاً ساعاتٍ
منتظراً فرمانَ المأمورْ
أتأمّلُ في أكياسِ الرملِ
ودمعي في عينيَّ بحورْ
وأمامي كانتْ لافتةٌ
تتحدّثُ عن (وطنٍ واحدْ)
تتحدّثُ عن (شعبٍ واحدْ)
وأنا كالجُرذِ هنا قاعدْ
أتقيأُ أحزاني..
وأدوسُ جميعَ شعاراتِ الطبشورْ
وأظلُّ على بابِ بلادي
مرميّاً..
كالقدحِ المكسورْ
هوامش على دفتر النكسة
----------------
أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغةَ القديمه
والكتبَ القديمه
أنعي لكم..
كلامَنا المثقوبَ، كالأحذيةِ القديمه..
ومفرداتِ العهرِ، والهجاءِ، والشتيمه
أنعي لكم.. أنعي لكم
نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمه
2
مالحةٌ في فمِنا القصائد
مالحةٌ ضفائرُ النساء
والليلُ، والأستارُ، والمقاعد
مالحةٌ أمامنا الأشياء
3
يا وطني الحزين
حوّلتَني بلحظةٍ
من شاعرٍ يكتبُ الحبَّ والحنين
لشاعرٍ يكتبُ بالسكين
4
لأنَّ ما نحسّهُ أكبرُ من أوراقنا
لا بدَّ أن نخجلَ من أشعارنا
5
إذا خسرنا الحربَ لا غرابهْ
لأننا ندخُلها..
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابهْ
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابهْ
لأننا ندخلها..
بمنطقِ الطبلةِ والربابهْ
6
السرُّ في مأساتنا
صراخنا أضخمُ من أصواتنا
وسيفُنا أطولُ من قاماتنا
7
خلاصةُ القضيّهْ
توجزُ في عبارهْ
لقد لبسنا قشرةَ الحضارهْ
والروحُ جاهليّهْ...
8
بالنّايِ والمزمار..
لا يحدثُ انتصار
9
كلّفَنا ارتجالُنا
خمسينَ ألفَ خيمةٍ جديدهْ
10
لا تلعنوا السماءْ
إذا تخلّت عنكمُ..
لا تلعنوا الظروفْ
فالله يؤتي النصرَ من يشاءْ
وليس حدّاداً لديكم.. يصنعُ السيوفْ
11
يوجعُني أن أسمعَ الأنباءَ في الصباحْ
يوجعُني.. أن أسمعَ النُّباحْ..
12
ما دخلَ اليهودُ من حدودِنا
وإنما..
تسرّبوا كالنملِ.. من عيوبنا
13
خمسةُ آلافِ سنهْ..
ونحنُ في السردابْ
ذقوننا طويلةٌ
نقودنا مجهولةٌ
عيوننا مرافئُ الذبابْ
يا أصدقائي:
جرّبوا أن تكسروا الأبوابْ
أن تغسلوا أفكاركم، وتغسلوا الأثوابْ
يا أصدقائي:
جرّبوا أن تقرؤوا كتابْ..
أن تكتبوا كتابْ
أن تزرعوا الحروفَ، والرُّمانَ، والأعنابْ
أن تبحروا إلى بلادِ الثلجِ والضبابْ
فالناسُ يجهلونكم.. في خارجِ السردابْ
الناسُ يحسبونكم نوعاً من الذئابْ...
14
جلودُنا ميتةُ الإحساسْ
أرواحُنا تشكو منَ الإفلاسْ
أيامنا تدورُ بين الزارِ، والشطرنجِ، والنعاسْ
هل نحنُ "خيرُ أمةٍ قد أخرجت للناسْ" ؟...
15
كانَ بوسعِ نفطنا الدافقِ بالصحاري
أن يستحيلَ خنجراً..
من لهبٍ ونارِ..
لكنهُ..
واخجلةَ الأشرافِ من قريشٍ
وخجلةَ الأحرارِ من أوسٍ ومن نزارِ
يراقُ تحتَ أرجلِ الجواري...
16
نركضُ في الشوارعِ
نحملُ تحتَ إبطنا الحبالا..
نمارسُ السَحْلَ بلا تبصُّرٍ
نحطّمُ الزجاجَ والأقفالا..
نمدحُ كالضفادعِ
نشتمُ كالضفادعِ
نجعلُ من أقزامنا أبطالا..
نجعلُ من أشرافنا أنذالا..
نرتجلُ البطولةَ ارتجالا..
نقعدُ في الجوامعِ..
تنابلاً.. كُسالى
نشطرُ الأبياتَ، أو نؤلّفُ الأمثالا..
ونشحذُ النصرَ على عدوِّنا..
من عندهِ تعالى...
17
لو أحدٌ يمنحني الأمانْ..
لو كنتُ أستطيعُ أن أقابلَ السلطانْ
قلتُ لهُ: يا سيّدي السلطانْ
كلابكَ المفترساتُ مزّقت ردائي
ومخبروكَ دائماً ورائي..
عيونهم ورائي..
أنوفهم ورائي..
أقدامهم ورائي..
كالقدرِ المحتومِ، كالقضاءِ
يستجوبونَ زوجتي
ويكتبونَ عندهم..
أسماءَ أصدقائي..
يا حضرةَ السلطانْ
لأنني اقتربتُ من أسواركَ الصمَّاءِ
لأنني..
حاولتُ أن أكشفَ عن حزني.. وعن بلائي
ضُربتُ بالحذاءِ..
أرغمني جندُكَ أن آكُلَ من حذائي
يا سيّدي..
يا سيّدي السلطانْ
لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ
لأنَّ نصفَ شعبنا.. ليسَ لهُ لسانْ
ما قيمةُ الشعبِ الذي ليسَ لهُ لسانْ؟
لأنَّ نصفَ شعبنا..
محاصرٌ كالنملِ والجرذانْ..
في داخلِ الجدرانْ..
لو أحدٌ يمنحُني الأمانْ
من عسكرِ السلطانْ..
قُلتُ لهُ: لقد خسرتَ الحربَ مرتينْ..
لأنكَ انفصلتَ عن قضيةِ الإنسانْ..
18
لو أننا لم ندفنِ الوحدةَ في الترابْ
لو لم نمزّقْ جسمَها الطَّريَّ بالحرابْ
لو بقيتْ في داخلِ العيونِ والأهدابْ
لما استباحتْ لحمَنا الكلابْ..
19
نريدُ جيلاً غاضباً..
نريدُ جيلاً يفلحُ الآفاقْ
وينكشُ التاريخَ من جذورهِ..
وينكشُ الفكرَ من الأعماقْ
نريدُ جيلاً قادماً..
مختلفَ الملامحْ..
لا يغفرُ الأخطاءَ.. لا يسامحْ..
لا ينحني..
لا يعرفُ النفاقْ..
نريدُ جيلاً..
رائداً..
عملاقْ..
20
يا أيُّها الأطفالْ..
من المحيطِ للخليجِ، أنتمُ سنابلُ الآمالْ
وأنتمُ الجيلُ الذي سيكسرُ الأغلالْ
ويقتلُ الأفيونَ في رؤوسنا..
ويقتلُ الخيالْ..
يا أيُها الأطفالُ أنتمْ بعدُ- طيّبونْ
وطاهرونَ، كالندى والثلجِ، طاهرونْ
لا تقرؤوا عن جيلنا المهزومِ يا أطفالْ
فنحنُ خائبونْ..
ونحنُ، مثلَ قشرةِ البطيخِ، تافهونْ
ونحنُ منخورونَ.. منخورونَ.. كالنعالْ
لا تقرؤوا أخبارَنا
لا تقتفوا آثارنا
لا تقبلوا أفكارنا
فنحنُ جيلُ القيءِ، والزُّهريِّ، والسعالْ
ونحنُ جيلُ الدجْلِ، والرقصِ على الحبالْ
يا أيها الأطفالْ:
يا مطرَ الربيعِ.. يا سنابلَ الآمالْ
أنتمْ بذورُ الخصبِ في حياتنا العقيمهْ
وأنتمُ الجيلُ الذي سيهزمُ الهزيمهْ...
لا تسألوني
--------
لا تسـألوني... ما اسمهُ حبيبي أخشى عليكمْ.. ضوعةَ الطيوبِ
زقُّ العـبيرِ.. إنْ حـطّمتموهُ غـرقتُمُ بعاطـرٍ سـكيبِ
والله.. لو بُحـتُ بأيِّ حرفٍ تكدَّسَ الليـلكُ في الدروبِ
لا تبحثوا عنهُ هُـنا بصدري تركتُهُ يجـري مع الغـروبِ
ترونَهُ في ضـحكةِ السواقي في رفَّةِ الفـراشةِ اللعوبِ
في البحرِ، في تنفّسِ المراعي وفي غـناءِ كلِّ عندليـبِ
في أدمعِ الشتاءِ حينَ يبكي وفي عطاءِ الديمةِ السكوبِ
لا تسألوا عن ثغرهِ.. فهلا رأيتـمُ أناقةَ المغيـبِ
ومُـقلتاهُ شاطـئا نـقاءٍ وخصرهُ تهزهزُ القـضيبِ
محاسنٌ.. لا ضمّها كتابٌ ولا ادّعتها ريشةُ الأديبِ
وصدرهُ.. ونحرهُ.. كفاكمْ فلن أبـوحَ باسمهِ حبيبي
قرص الأسبرين
-----------
ليسَ هذا وطني الكبير
لا..
ليسَ هذا الوطنُ المربّعُ الخاناتِ كالشطرنجِ..
والقابعُ مثلَ نملةٍ في أسفلِ الخريطة..
هوَ الذي قالّ لنا مدرّسُ التاريخِ في شبابنا
بأنهُ موطننا الكبير.
لا..
ليسَ هذا الوطنُ المصنوعُ من عشرينَ كانتوناً..
ومن عشرينَ دكاناً..
ومن عشرينَ صرّافاً..
وحلاقاً..
وشرطياً..
وطبّالاً.. وراقصةً..
يسمّى وطني الكبير..
لا..
ليسَ هذا الوطنُ السّاديُّ.. والفاشيُّ
والشحّاذُ.. والنفطيُّ
والفنّانُ.. والأميُّ
والثوريُّ.. والرجعيُّ
والصّوفيُّ.. والجنسيُّ
والشيطانُ.. والنبيُّ
والفقيهُ، والحكيمُ، والإمام
هوَ الذي كانَ لنا في سالفِ الأيّام
حديقةَ الأحلام..
لا...
ليسَ هذا الجسدُ المصلوبُ
فوقَ حائطِ الأحزانِ كالمسيح
لا...
ليسَ هذا الوطنُ الممسوخُ كالصرصار،
والضيّقُ كالضريح..
لا..
ليسَ هذا وطني الكبير
لا...
ليسَ هذا الأبلهُ المعاقُ.. والمرقّعُ الثيابِ،
والمجذوبُ، والمغلوبُ..
والمشغولُ في النحوِ وفي الصرفِ..
وفي قراءةِ الفنجانِ والتبصيرِ..
لا...
ليسَ هذا وطني الكبير
لا...
ليسَ هذا الوطنُ المنكَّسُ الأعلامِ..
والغارقُ في مستنقعِ الكلامِ،
والحافي على س*** من الكبريتِ والقصدير
لا...
ليسَ هذا الرجلُ المنقولُ في سيّارةِ الإسعافِ،
والمحفوظُ في ثلّاجةِ الأمواتِ،
والمعطّلُ الإحساسِ والضمير
لا...
ليسَ هذا وطني الكبير
لا..
ليسَ هذا الرجلُ المقهورُ..
والمكسورُ..
والمذعورُ كالفأرةِ..
والباحثُ في زجاجةِ الكحولِ عن مصير
لا...
ليسَ هذا وطني الكبير..
يا وطني:
يا أيّها الضائعُ في الزمانِ والمكانِ،
والباحثُ في منازلِ العُربان..
عن سقفٍ، وعن سرير
لقد كبرنا.. واكتشفنا لعبةَ التزوير
فالوطنُ المن أجلهِ ماتَ صلاحُ الدين
يأكلهُ الجائعُ في سهولة
كعلبةِ السردين..
والوطنُ المن أجلهِ قد غنّت الخيولُ في حطّين
يبلعهُ الإنسانُ في سهولةٍ..
كقُرص أسبرين!!..
غرناطة
-------
في مدخل الحمراء كان لقاؤنا ما أطـيب اللقـيا بلا ميعاد
عينان سوداوان في جحريهما تتوالـد الأبعاد مـن أبعـاد
هل أنت إسبانـية؟ ساءلـتها قالت: وفي غـرناطة ميلادي
غرناطة؟ وصحت قرون سبعة في تينـك العينين.. بعد رقاد
وأمـية راياتـها مرفوعـة وجيـادها موصـولة بجيـاد
ما أغرب التاريخ كيف أعادني لحفيـدة سـمراء من أحفادي
وجه دمشـقي رأيت خـلاله أجفان بلقيس وجيـد سعـاد
ورأيت منـزلنا القديم وحجرة كانـت بها أمي تمد وسـادي
واليـاسمينة رصعـت بنجومها والبركـة الذهبيـة الإنشـاد
ودمشق، أين تكون؟ قلت ترينها في شعـرك المنساب ..نهر سواد
في وجهك العربي، في الثغر الذي ما زال مختـزناً شمـوس بلادي
في طيب "جنات العريف" ومائها في الفل، في الريحـان، في الكباد
سارت معي.. والشعر يلهث خلفها كسنابـل تركـت بغيـر حصاد
يتألـق القـرط الطـويل بجيدها مثـل الشموع بليلـة الميـلاد..
ومـشيت مثل الطفل خلف دليلتي وورائي التاريـخ كـوم رمـاد
الزخـرفات.. أكاد أسمع نبـضها والزركشات على السقوف تنادي
قالت: هنا "الحمراء" زهو جدودنا فاقـرأ على جـدرانها أمجـادي
أمجادها؟ ومسحت جرحاً نـازفاً ومسحت جرحاً ثانيـاً بفـؤادي
يا ليت وارثتي الجمـيلة أدركـت أن الـذين عـنتـهم أجـدادي
عانـقت فيهـا عنـدما ودعتها رجلاً يسمـى "طـارق بن زياد"
طريق واحد
-------
أريدُ بندقيّه..
خاتمُ أمّي بعتهُ
من أجلِ بندقيه
محفظتي رهنتُها
من أجلِ بندقيه..
اللغةُ التي بها درسنا
الكتبُ التي بها قرأنا..
قصائدُ الشعرِ التي حفظنا
ليست تساوي درهماً..
أمامَ بندقيه..
أصبحَ عندي الآنَ بندقيه..
إلى فلسطينَ خذوني معكم
إلى ربىً حزينةٍ كوجهِ مجدليّه
إلى القبابِ الخضرِ.. والحجارةِ النبيّه
عشرونَ عاماً.. وأنا
أبحثُ عن أرضٍ وعن هويّه
أبحثُ عن بيتي الذي هناك
عن وطني المحاطِ بالأسلاك
أبحثُ عن طفولتي..
وعن رفاقِ حارتي..
عن كتبي.. عن صوري..
عن كلِّ ركنٍ دافئٍ.. وكلِّ مزهريّه..
أصبحَ عندي الآنَ بندقيّه
إلى فلسطينَ خذوني معكم
يا أيّها الرجال..
أريدُ أن أعيشَ أو أموتَ كالرجال
أريدُ.. أن أنبتَ في ترابها
زيتونةً، أو حقلَ برتقال..
أو زهرةً شذيّه
قولوا.. لمن يسألُ عن قضيّتي
بارودتي.. صارت هي القضيّه..
أصبحَ عندي الآنَ بندقيّه..
أصبحتُ في قائمةِ الثوّار
أفترشُ الأشواكَ والغبار
وألبسُ المنيّه..
مشيئةُ الأقدارِ لا تردُّني
أنا الذي أغيّرُ الأقدار
يا أيّها الثوار..
في القدسِ، في الخليلِ،
في بيسانَ، في الأغوار..
في بيتِ لحمٍ، حيثُ كنتم أيّها الأحرار
تقدموا..
تقدموا..
فقصةُ السلام مسرحيّه..
والعدلُ مسرحيّه..
إلى فلسطينَ طريقٌ واحدٌ
يمرُّ من فوهةِ بندقيّه..
التناقضات
-------
التناقضات
فشلت جميع محاولاتي
في أن أفسر موقفي
فشلت جميع محاولاتي
مازلت تتهمينني
كأني هوائي المزاج , ونرجسي
في جميع تصرفاتي
مازلت تعتبرينني
كقطار نصف الليل .. أنسى دائما
أسماء ركابي , ووجه زائراتي
فهواي غيب
والنساء لدي محض مصادفات
مازلت تعتقدين .. أن رسائلي
عمل روائي .. واشعاري
شريط مغامرات
وبأنني استعمل اجمل صاحباتي
جسراً إلى مجدي .. ومجد مؤلفاتي
مازلتي تحتجين أني لا احبك
كالنساء الأخريات
وعلى سرير العشق لم أسعدك مثل الأخريات
أهـ من طمع النساء
وكيدهن
ومن عتاب معاتباتي
كم أنتي رومانسية التفكير ، ساذجة
التجارب
تتصورين الحب صندوقاً مليئاً
بالعجائب
وحقول جار دينيا
وليلا لا زوردي الكواكب
مازلت تتشطرطين
أن نبقى إلى يوم القيامة عاشقين
وتطالبين بان نظل على الفراش ممددين
نرمي سجائرنا ونشعلها
وننقر بعضنا كحمامتين
ونظل أياما .. وأياما ..
نحاور بعضنا بالركبتين
هذا كلام مضحك
انا لست اضمن طقسي النفسي بعد دقيقتين
ولربما يتغير التاريخ بعد دقيقتين ونعود
في خفي حنين
من عالم الجنس المثير
نعود في خفي حنين
فشلت جميع محاولاتي
في أن أفسر موقفي
فشلت جميع محاولاتي
فتقبلي عشقي على علاته
وتقبلي مللي .. وذبذبتي .. وسوء تصرفاتي
فأنا كماء البحر في مدي وفي جزري وعمق تحولاتي
إن التناقض في دمي وأنا احب
تناقضاتي
ماذا سأفعل يا صديقه
هكذا رسمت حياتي
..منذ الخليقة .. هكذا رسمت حياتي
يوميات إمرأة
--------
لماذا في مدينتنا ؟
نعيش الحب تهريباً وتزويراً ؟
ونسرق من شقوق الباب موعدنا
ونستعطي الرسائل
والمشاويرا
لماذا في مدينتنا ؟
يصيدون العواطف والعصافيرا
لماذا نحن قصديرا ؟
وما يبقى من الإنسان
حين يصير قصديرا ؟
لماذا نحن مزدوجون
إحساسا وتفكيرا ؟
لماذا نحن ارضيون ..
تحتيون .. نخشى الشمس والنورا ؟
لماذا أهل بلدتنا ؟
يمزقهم تناقضهم
ففي ساعات يقظتهم
يسبون الضفائر والتنانيرا
وحين الليل يطويهم
يضمون التصاويرا
أسائل نفسي دائماً
لماذا لا يكون الحب في الدنيا ؟
لكل الناس
كل الناس
مثل أشعة الفجر
لماذا لا يكون الحب مثل الخبز والخمر ؟
ومثل الماء في النهر
ومثل الغيم ، والأمطار ،
والأعشاب والزهر
أليس الحب للإنسان
عمراً داخل العمر ؟
لماذا لايكون الحب في بلدي ؟
طبيعياً
كلقيا الثغر بالثغر
ومنساباً
كما شعري على ظهري
لماذا لا يحب الناس في لين ويسر ؟
كما الأسماك في البحر
كما الأقمار في أفلاكها تجري
لماذا لا يكون الحب في بلدي
ضرورياً
كديوان من الشعر
انا نهدي في صدري
كعصفورين
قد ماتا من الحر
كقديسين شرقيين متهمين بالكفر
كم اضطهدا
وكم رقدا على الجمر
وكم رفضا مصيرهما
وكم ثارا على القهر
وكم قطعا لجامهما
وكم هربا من القبر
متى سيفك قيدهما
متى ؟
يا ليتني ادري
نزلت إلى حديقتنا
ازور ربيعها الراجع
عجنت ترابها بيدي
حضنت حشيشها الطالع
رأيت شجيرة الدراق
تلبس ثوبها الفاقع
رأيت الطير محتفلاً
بعودة طيره الساجع
رأيت المقعد الخشبي
مثل الناسك الراجع
سقطت عليه باكية
كأني مركب ضائع
احتى الأرض ياربي ؟
تعبر عن مشاعرها
بشكل بارع ... بارع
احتى الأرض ياربي
لها يوم .. تحب فيه ..
تبوح به ..
تضم حبيبها الراجع
وفوق العشب من حولي
لها سبب .. لها الدافع
فليس الزنبق الفارع
وليس الحقل ، ليس النحل
ليس الجدول النابع
سوى كلمات هذى الأرض ..
غير حديثها الرائع
أحس بداخلي بعثاً
يمزق قشرتي عني
ويدفعني لان أعدو
مع الأطفال في الشارع
أريد..
أريد..
كايه زهرة في الروض
تفتح جفنها الدامع
كايه نحله في الحقل
تمنح شهدها النافع
أريد..
أريد أن أحيا
بكل خليه مني
مفاتن هذه الدنيا
بمخمل ليلها الواسع
وبرد شتائها اللاذع
أريد..
أريد أن أحيا
بكل حرارة الواقع
بكل حماقة الواقع
يعود أخي من الماخور ...
عند الفجر سكرانا ...
يعود .. كأنه السلطان ..
من سماه سلطانا ؟
ويبقى في عيون الأهل
أجملنا ... وأغلانا ..
ويبقى في ثياب العهر
اطهرنا ... وأنقانا
يعود أخي من الماخور
مثل الديك .. نشوانا
فسبحان الذي سواه من ضوء
ومن فحم رخيص نحن سوانا
وسبحان الذي يمحو خطاياه
ولا يمحو خطايانا
تخيف أبي مراهقتي
يدق لها
طبول الذعر والخطر
يقاومها
يقاوم رغوة الخلجان
يلعن جراة المطر
يقاوم دونما جدوى
مرور النسغ في الذهر
أبي يشقى
إذا سالت رياح الصيف عن شعري
ويشقى إن رأى نهداي
يرتفحان في كبر
ويغتسلان كالأطفال
تحت أشعه القمر
فما ذنبي وذنبهما
هما مني هما قدري
متى يأتي ترى بطلي
لقد خبأت في صدري
له ، زوجا من الحجل
وقد خبأت في ثغري
له ، كوزا من العسل متى يأتي على فرس
له ، مجدولة الخصل
ليخطفني
ليكسر باب معتقلي
فمنذ طفولتي وأنا
أمد على شبابيكي
حبال الشوق والأمل
واجدل شعري الذهبي كي يصعد
على خصلاته .. بطلي
يروعني ..
شحوب شقيقتي الكبرى
هي الأخرى
تعاني ما أعانيه
تعيش الساعة الصفرا
تعاني عقده سوداء
تعصر قلبها عصرا
قطار الحسن مر بها
ولم يترك سوى الذكرى
ولم يترك من النهدين
إلا الليف والقشرا
لقد بدأت سفينتها
تغوص .. وتلمس القعرا
أراقبها وقد جلست
بركن ، تصلح الشعرا
تصففه .. وتخربه
وترسل زفرة حرى
تلوب .. تلوب .. في الردهات
مثل ذبابة حيرى
وتقبح في محارتها
كنهر .. لم يجد مجرى
سأكتب عن صديقاتي
فقصه كل واحده
أرى فيها .. أرى ذاتي
ومأساة كمأساتي
سأكتب عن صديقاتي
عن السجن الذي يمتص أعمار السجينات
عند الزمن الذي أكلته أعمدة المجلات
عن الأبواب لا تفتح
عن الرغبات وهي بمهدها تذبح
عن الحلمات تحت حريرها تنبح
عن الزنزانة الكبرى
وعن جدارنها السود
وعن آلاف .. آلاف الشهيداتِ
دفن بغير أسماء
بمقبرة التقاليد
صديقاتي دمى ملفوفة بالقطن
داخل متحف مغلق
نقود صكها التاريخ ، لا تهدى ولا تنفق
مجاميع من الأسماك في أحواضها تخنق
وأوعيه من البلور مات فراشها الأزرق
بلا خوف
سأكتب عن صديقاتي
عن الأغلال دامية بأقدام الجميلات
عن الهذيان .. والغثيان .. عن ليل الضرعات
عن الأشواق تدفن في المخدات
عن الدوران في اللاشيء
عن موت الهنيهات
صديقاتي
رهائن تشترى وتباع في سوق الخرافات
سبايا في حريم الشرق
موتى غير أموات
يعشن ، يمتن مثل الفطر في جوف الزجاجات
صديقاتي
طيور في مغائرها
تموت بغير أصوات
خلوت اليوم ساعات
إلى جسدي
أفكر في قضاياه
أليس هوالثاني قضاياه ؟
وجنته وحماه ؟
لقد أهملته زمنا
ولم اعبا بشكواه
نظرت إليه في شغف
نظرت إليه من أحلى زواياه
لمست قبابه البيضاء
غابته ومرعاه
إن لوني حليبي
كان الفجر قطره وصفاه
أسفت لا نه جسدي
أسفت على ملاسته
وثرت على مصممه ، وعاجنه وناحته
رثيت له
لهذا الوحش يأكل من وسادته
لهذا الطفل ليس تنام عيناه
نزعت غلالتي عني
رأيت الظل يخرج من مراياه
رأيت النهر كالعصفور ... لم يتعب جناحاه
تحرر من قطيفته
ومزق عنه " تفتاه "
حزنت انا لمرآه
لماذا الله كوره ودوره .. وسواه ؟
لماذا الله أشقاني
بفتنته .. وأشقاه ؟
وعلقه بأعلى الصدر
جرحاً .. لست أنساه
لماذا يستبد ابي ؟
ويرهقني بسلطته .. وينظر لي كانيه
كسطر في جريدته
ويحرص على أن أظل له
كأني بعض ثروته
وان أبقى بجانبه
ككرسي بحجرته
أيكفي أنني ابنته
أني من سلالته
أيطعمني أبي خبزاً ؟
أيغمرني بنعمته ؟
كفرت انا .. بمال أبي
بلؤلؤة ... بفضته
أبي لم ينتبه يوماً
إلى جسدي .. وثورته
أبي رجل أناني
مريض في محبته
مريض في تعنته
يثور إذا رأى صدري
تمادى في استدارته
يثور إذا رأى رجلاً
يقرب من حديقته
أبي ...
لن يمنع التفاح عن إكمال دورته
سيأتي ألف عصفور
ليسرق من حديقته
على كراستي الزرقاء .. استلقي يمريه
وابسط فوقها في فرح وعفوية
أمشط فوقها شعري
وارمي كل أثوابي الحريرية
أنام , أفيق , عارية ..
أسير .. أسير حافية
على صفحات أوراقي السماوية
على كراستي الزرقاء
استرخي على كيفي
واهرب من أفاعي الجنس
والإرهاب ..
والخوف ..
واصرخ ملء حنجرتي
انا امرأة .. انا امرأة
انا انسانة حية
أيا مدن التوابيت الرخامية
على كراستي الزرقاء
تسقط كل أقنعتي الحضارية
ولا يبقى سوى نهدي
تكوم فوق أغطيتي
كشمس استوائية
ولا يبقى سوى جسدي
يعبر عن مشاعره
بلهجته البدائية
ولا يبقى .. ولا يبقى ..
سوى الأنثى الحقيقة
صباح اليوم فاجأني
دليل أنوثتي الأول
كتمت تمزقي
وأخذت ارقب روعة الجدول
واتبع موجه الذهبي
اتبعه ولا أسال
هنا .. أحجار ياقوت
وكنز لألي مهمل
هنا .. نافورة جذلى
هنا .. جسر من المخمل
..هنا
سفن من التوليب
ترجوا الأجمل الأجمل
هنا .. حبر بغير يد
هنا .. جرح ولا مقتل
أأخجل منه ..
هل بحر بعزة موجه يخجل ؟
انا للخصب مصدره وأنا يده
وأنا المغزل ...
إمرأة حمقاء
---------
يا سيدي العزيز
هذا خطاب امرأة حمقاء
هل كتبت إليك قبلي امرأة حمقاء؟
اسمي انا ؟ دعنا من الأسماء
رانية أم زينب
أم هند أم هيفاء
اسخف ما نحمله ـ يا سيدي ـ الأسماء
يا سيدي
أخاف أن أقول مالدي من أشياء
أخاف ـ لو فعلت ـ أن تحترق السماء
فشرقكم يا سيدي العزيز
يصادر الرسائل الزرقاء
يصادر الأحلام من خزائن النساء
يستعمل السكين
والساطور
كي يخاطب النساء
ويذبح الربيع والأشواق
والضفائر السوداء
و شرقكم يا سيدي العزيز
يصنع تاج الشرف الرفيع
من جماجم النساء
لا تنتقدني سيدي
إن كان خظي سيئاً
فإنني اكتب والسياف خلف بابي
وخارج الحجرة صوت الريح والكلاب
يا سيدي
عنترة العبسي خلف بابي
يذبحني
إذا رأى خطابي
يقطع رأسي
لو رأى الشفاف من ثيابي
يقطع رأسي
لو انا عبرت عن عذابي
فشرقكم يا سيدي العزيز
يحاصر المرأة بالحراب
يبايع الرجال أنبياء
ويطمر النساء في التراب
لا تنزعج !
يا سيدي العزيز ... من سطوري
لا تنزعج !
إذا كسرت القمقم المسدود من عصور
إذا نزعت خاتم الرصاص عن ضميري
إذا انا هربت
من أقبية الحريم في القصور
إذا تمردت , على موتي ...
على قبري
على جذوري
و المسلخ الكبير
لا تنزعج يا سيدي !
إذا انا كشفت عن شعوري
فالرجل الشرقي
لا يهتم بالشعر و لا الشعور ...
الرجل الشرقي
لا يفهم المرأة إلا داخل السرير ...
معذرة .. معذرة يا سيدي
إذا تطاولت على مملكة الرجال
الأدب الكبير ـ طبعاً ـ أدب الرجال والحب كان دائماً
من حصة الرجال
والجنس كان دائما ً
مخدراً يباع للرجال
خرافة حرية النساء في بلادنا
فليس من حرية
أخرى ، سوى حرية الرجال
يا سيدي
قل ما تريده عني ، فلن أبالي سطحية . غبية . مجنونة . بلهاء فلم اعد أبالي
لأن من تكتب عن همومها ..
في منطق الرجال امرأة حمقاء
ألم اقل في أول الخطاب أني
امرأة حمقاء ؟
ثقافتنا
-----
ثقافتنا
فقاقيع من الصابون والوحل
فمازالت بداخلنا
"رواسب من " أبي جهل
ومازلنا
نعيش بمنطق المفتاح والقفل
نلف نساءنا بالقطن
ندفنهن في الرمل
ونملكهن كالسجاد
كالأبقار في الحقل
ونهذا من قوارير
بلا دين ولا عقل
ونرجع أخر الليل
نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل
نمارسه خلال دقائق خمسه
بلا شوق ... ولا ذوق
ولا ميل
نمارسه .. كالات
تؤدي الفعل للفعل
ونرقد بعدها موتى
ونتركهن وسط النار
وسط الطين والوحل
قتيلات بلا قتل
بنصف الدرب نتركهن
يا لفظاظة الخيل
قضينا العمر في المخدع
وجيش حريمنا معنا
وصك زواجنا معنا
وقلنا : الله قد شرع
ليالينا موزعه
على زوجاتنا الأربع
هنا شفه
هنا ساق
هنا ظفر
هنا إصبع
كأن الدين حانوت
فتحناه لكي نشبع
تمتعنا " بما أيماننا ملكت "
وعشنا من غرائزنا بمستنقع
وزورنا كلام الله
بالشكل الذي ينفع
ولم نخجل بما نصنع
عبثنا في قداسته
نسينا نبل غايته
ولم نذكر
سوى المضجع
ولم نأخذ سوى
زوجاتنا الأربع
قارئة الفنجان
--------
جلست .. والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت : يا ولدي لا تحزن
فالحب عليك هوا المكتوب
ياولدي .. قد مات شهيداً
من مات على دين المحبوب
فنجانك .. دنيا مرعبه
وحياتك أسفار وحروب
ستحب كثيرا وكثيرا
وتموت كثيرا وكثيرا
وستعشق كل نساء الأرض
وترجع كالملك المغلوب
بحياتك .. يا ولدي .. امراءة
عيناها .. سبحان المعبود
فمها .. مرسوم كالعنقود
ضحكتها .. موسيقي وورود
لكن سماءك ممطرة
وطريقك مسدود
مسدود
فحبيبه قلبك .. ياولدي
نائمة في قصر مرصود
والقصر كبيراً يا ولدي
وكلاب تحرسه وجنود
وأميرة قلبك نائمة
من يدخل حجرتها مفقود
من يدنو
من سور حديقتها
مفقود
من حاول فك ضفائرها
يا ولدي
مفقود
مفقود
مفقود
بصرت
ونجمت كثيراً
لكني .. لم اقرأ أبدا
فنجانا يشبه فنجانك
لم اعرف أبداً يا ولدي
أحزاناً
تشبه أحزانك
مقدورك أن تمشي أبدا
في الحب .. على حد الخنجر
وتظل وحيداً كالأصداف
وتظل حزيناً كالصفصاف
مقدورك أن تمضي ابداً
في بحر الحب بغير قلوع
وتحب ملايين المرات
وترجع كالملك المخلوع
جلست .. والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب
قالت : ياولدي لا تحزن
فالحب عليك هوا المكتوب
يا ولدي .. قد مات شهيداً
من مات على دين المحبوب
فم
---
في وجهها يدور .. كالبرعم
بمثله الأحلام لم تحلم
كلوحة ناجحة .. لونها
أثار حتى حائط المرسم
كفكرة .. جناحها أحمر
كجملة قيلت ولم تفهم
كنجمة قد ضعيت دربها
في خصلات الأسود المعتم
زجاجة للطيب مختومة
ليت أواني الطيب لم تختم
من أين يا ربي عصرت الجنى؟
وكيف فكرت بهذا الفم
وكيف بالغت بتدويره؟
وكيف وزعت نقاط الدم؟
وكيف بالتوليب سورته
بالورد، بالعناب، بالعندم؟
وكيف ركزت إلى جنبه
غمارة .. تهزأ بالأنجم..
كم سنة .. ضيعت في نحته ؟
قل لي .. ألم تتعب .. ألم تسأم؟
منضمة الشفاه .. لا تفصحي
أريدُ أن أبقى بوهمِ الفمٍ
حقائب البكاء
--------
إذا أتى الشتاء..
وحركت رياحه ستائري
أحس يا صديقتي
بحاجة إلى البكاء
على ذراعيك..
على دفاتري..
إذا أتى الشتاء
وانقطعت عندلة العنادل
وأصبحت ..
كل العصافير بلا منازل
يبتدئ النزيف في قلبي .. وفي أناملي.
كأنما الأمطار في السماء
تهطل يا صديقتي في داخلي..
عندئذ .. يغمرني
شوق طفولي إلى البكاء ..
على حرير شعرك الطويل كالسنابل..
كمركب أرهقه العياء
كطائر مهاجر..
يبحث عن نافذة تضاء
يبحث عن سقف له ..
في عتمة الجدائل ..
*
إذا أتى الشتاء..
واغتال ما في الحقل من طيوب..
وخبأ النجوم في ردائه الكئيب
يأتي إلى الحزن من مغارة المساء
يأتي كطفل شاحب غريب
مبلل الخدين والرداء..
وأفتح الباب لهذا الزائر الحبيب
أمنحه السرير .. والغطاء
أمنحه .. جميع ما يشاء
*
من أين جاء الحزن يا صديقتي ؟
وكيف جاء؟
يحمل لي في يده..
زنابقا رائعة الشحوب
يحمل لي ..
حقائب الدموع والبكاء..
رسالة من سيدة حاقدة
--------------
قُلتَ ... لا تدخُلي
وسددتَ في وجهي الطريق بمرفقيكَ وزعمتَ لي
أن الرفاق أتوا إليك أهُمُ الرفاق أتوا إليك
أم أن سيدةً لديك تحتلُ بعدي ساعديك ؟
وصرختُ محتدماً : قفي ! والريحُ تمضغُ معطفي
والذل يكسو موقفي لا تعتذر يا نذلُ لا تتأسف
أنا لستُ آسفةً عليك لكن على قلبي الوفي
قلبي الذي لم تعرِفِ ماذا لو انكَ يا دني أخبرتني
أني انتهى أمري لديكَ فجميعُ ما وشوشتني
أيامَ كنتَ تحبنيَ من أنني
بيتُ الفراشةِ مسكني وغدي انفراطُ السوسنِ
أنكرتهُ أصلاً كما أنكرتني
لا تعتذر
فالإثمُ يحصدُ حاجبيكَ أحمرها تصيحُ بوجنتيك
ورباطُكَ المشدوه يفضحُ
ما لديكَ ومن لديكَ
يا من وقفتُ دمي عليكَ
وذللتنيَ ونفضتني
كذبابةٍ عن عارضيك
ودعوتُ سيدةً إليكَ وأهنتني
من بعد ما كنتُ الضياء بناظريك
إني أراها في جوار الموقدِ أخذت هُنالك مقعدي
في الركن نفس المقـعدِ
وأراك تمنحها يداً مثلوجةً ذاتَ اليدِ
سترددُ القصص التي أسمعتني
ولسوف تخبرها بما أخبرتني
وسترفع الكأس التي جرعتني
كأساً بها سممتني
حتى إذا عادت إليكُ لتروُد موعدها الهني
أخبرتها أن الرفاق أتوا إليك
وأضعت رونقها كما ضيعتني
القصيدة المتوحشة
------------
أحبيني .. بلا عقد
وضيعي في خطوط يدي
أحبيني .. لأسبوع .. لأيام .. لساعات..
فلست أنا الذي يهتم بالأبد..
أنا تشرين .. شهر الريح،
والأمطار .. والبرد..
أنا تشرين فانسحقي
كصاعقة على جسدي..
أحبيني ..
بكل توحش التتر..
بكل حرارة الأدغال
كل شراسة المطر
ولا تبقي ولا تذري..
ولا تتحصري أبدا..
فقد سقطت على شفتيك
كل حضارة الحضر
أحبيني..
كزلزال .. كموت غير منتظر..
وخلي نهدك المعجون..
بالكبريت والشرر..
يهاجمني .. كذئب جائع خطر
وينهشني .. ويضربني ..
كما الأمطار تضرب ساحل الجزر..
أنا رجل بلا قدر
فكوني .. أنت لي قدري
وأبقيني .. على نهديك..
مثل النقش في الحجر..
***
أحبيني .. ولا تتساءلي كيفا..
ولا تتلعثمي خجلا
ولا تتساقطي خوفا
أحبيني .. بلا شكوى
أيشكو الغمد .. إذ يستقبل السيفا؟
وكوني البحر والميناء..
كوني الأرض والمنفى
وكوني الصحو والإعصار
كوني اللين والعنفاء..
أحبيني .. بألف وألف أسلوب
ولا تتكرري كالصيف..
إني أكره الصيفا..
أحبيني .. وقوليها
لأرفض أن تحبيني بلا صوت
وأرفض أن أواري الحب
في قبر من الصمت
أحبيني .. بعيدا عن بلاد القهر والكبت
بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت..
بعيدا عن تعصبها..
بعيدا عن تخشبها..
أحبيني .. بعيدا عن مدينتنا
التي من يوم أن كانت
إليها الحب لا يأتي..
إليها الله .. لا يأتي ..
***
أحبيني .. ولا تخشي على قدميك
- سيدتي - من الماء
فلن تتعمدى امرأة
وجسمك خارج الماء
وشعرك خارج الماء
فنهدك .. بطة بيضاء ..
لا تحيا بلا ماء ..
أحبيني .. بطهري .. أو بأخطائي
بصحوي .. أو بأنوائي
وغطيني ..
أيا سقفا من الأزهار ..
يا غابات حناء ..
تعري ..
واسقطي مطرا
على عطشي وصحرائي ..
وذوبي في فمي .. كالشمع
وانعجني بأجزائي
تعري .. واشطري شفتي
إلى نصفين .. يا موسى بسيناء..
رفقاً باعصابي
----------
شَرَّشْتِ ..
في لحمي و أعْصَابي ..
وَ مَلَكْتِني بذكاءِ سنجابِ
شَرَّشْتِ .. في صَوْتي ، و في لُغَتي
و دَفَاتري ، و خُيُوطِ أَثوابي ..
شَرَّشْتِ بي .. شمساً و عافيةً
و كسا ربيعُكِ كلَّ أبوابي ..
شَرَّشْتِ .. حتّى في عروقِ يدي
وحوائجي .. و زجَاج أكوابي ..
شَرَّشْتِ بي .. رعداً .. و صاعقةً
و سنابلاً ، و كرومَ أعنابِ
شَرَّشْتِ .. حتّى صار جوفُ يدي
مرعى فراشاتٍ .. و أعشابِ
تَتَساقطُ الأمطارُ .. من شَفَتِي ..
و القمحُ ينبُتُ فوقَ أهْدَابي ..
شَرَّشْتِ .. حتَّى العظْم .. يا امرأةً
فَتَوَقَّفي .. رِفْقاً بأعصابي ..
حكاية انقلاب
---------
أنا الذي أحرق ألف ليلة وليلة..
وأخلص النساء ..
من مخالب الأعراب..
أنا الذي حميت وردة الأنوثة
من هجمة الطاعون ...
والذباب..
أنا الذي جعلت من حبيبتي
مليكة تسير في ركابها..
الأشجار..
والنجوم ..
والسحاب..
أنا الذي هرب قد هرب السلاح..
في أرغفة الخبز..
وفي لفائف التبغ..
وفي بطانة الثياب..
أنا الذي ذبحت شهريار في سريره..
أنا الذي أنهيت عصر الوأد..
والزواج بالمتعة..
والإقطاع ..
والإرهاب...
... وحين قامت دولة النساء..
وارتفعت في الأفق البيارق...
توقف النضال بالبنادق..
وأبتدأ النضال
بالعيون ..والأهداب..
تقرير سري جداً من بلاد قمعستان
---------------------
لم يبق فيهم لا أبو بكر.. ولا عثمان..
جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان..
تساقط الفرسان عن سروجهم..
وأعلنت دويلة الخصيان..
واعتقل المؤذنون في بيوتهم ..
و ألغى الأذان..
جميعهم تضخمت أثداؤهم..
وأصبحوا نسوان..
جميعهم يأتيهم الحيض، ومشغولون بالحمل وبالرضاعة..
جميعهم قد ذبحوا خيولهم..
وارتهنوا سيوفهم..
وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان..
ما كان يدعى ببلاد الشام يوما..
صار في الجغرافيا..
يدعى (يهودستان)..
الله .. يا زمان..
هل تعرفون الآن ما دولة ( قمعستان)؟
تلك التي ألفها لحنها..
أخرجها الشيطان...
هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة؟
حيث دخول المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار
والشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار
والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار
ورغبة الزوجين في الإنجاب تحتاج إلى قرار
وسعر من احبها
يمنعه الشرطي أن يطير في الريح
بلا قرار..
يا أصدقائي
إنني مواطن يسكن في مدينة ليس بها سكان
ليس لها أرصفة
ليس لها نوافذ
ليس لها جدران
ليس بها جرائد
غير التي تطبعها مطابع السلطان
عنوانها؟
أيخاف أن أبوح بالعنوان
كل الذي اعرفه
أن الذي يقوده الحظ على مدينتي
يرحمه الرحمن...
حوار مع ملك المغول
-------------
يا ملك المغول ..
يا وارث الجزمه والكرباج عن جدّك أرطغولْ
يا من ترانا كلنّا خيولْ..
لا فرق- من نوافذ القصور-
بين الناس والخيولْ..
يا ملك المغولْ ..
يا أيها الغاضب من صهيلنا..
يا أيهل الخائف من تفتّح الحقولْ..
أريد أن أـقول:
من قبل أن يقتلني سيّافكم مسرورْ..
وقبل أن يأتي شهود الزورْ..
أريد أن أقول كلمتينْ
لزوجت يالحامل من شهورْ..
وأصدقائي كلّهم..
وشعبي المقهورْ..
أريد أن أقول انّي شاعر
أحمل في حنجرتي عصفور
أرفض أن أبيعه..
وأنت من حنجرتي
تريد أن تصادر العصفورْ..
يا ملك المغولْ..
يا قاهر الجيوش يا مدحرج الرؤوس..
يا مدوّخ البحورْ..
يا عاجن الحديد يا مفتت الصخور
يا آكل الأطفال
يا مغتصب الأبكار
يا مفترس العطور
واعجبي ... واعجبي
أأنت , والشرطة , والجيش
على عصفور