sweet-lolo
بيلساني مجند
- إنضم
- Dec 26, 2011
- المشاركات
- 1,203
- مستوى التفاعل
- 30
- المطرح
- عنق السماء الصافية
مخاضة
______
مرت سيارة مسرعة على مخاضة من الوحل على جانب الطريق فتطاير الماء المختلط بالطين ليصيب المارة الذين قدر لهم أن يمروا بجوار تلك المخاضة لحظة عبور تلك السيارة
و بينما يتأففون لما أصاب ثيابهم من آثار ذلك الوحل و يحاولوا نفض تلك الآثار عن ثيابهم إذا بأحدهم ينظر بحزن ممزوج بسخط و غضب إلى ثوبه الفاخر و قد تلطخ و اتسخ و بدلا من أن ينشغل بتنظيفه و إصلاح ما ألم به إذا به يصرخ قائلا لا فائدة قد فسد الثوب و لا قيمة لنفض الطين عنه ثم يتجه و الأعين ترقبه بدهشة منكرة إلى بركة الماء و الطين ليقفز فيها و يمرغ نفسه بها قائلا لم يعد شىء يفرق قد فسد الثوب و لا قيمة للحفاظ على ما تبقى منه نظيفا
و بينما هو يتمرغ إذ سمع المارة ضجة من أعلى فرفعوا أبصارهم فإذا برجل تبدو عليه آثار الثراء و النعمة يطل من شرفة منزله و بيده رزم من الأموال يمزقها و يلقى بها من شرفته صائحا لا فائدة قد خسرت ثلاثة أرباع ثروتى فى البورصة وضاع شقى عمرى و ما بقى لا قيمة له و لا يكفينى و ها أنا أمزقه و ألقى به ليذهب أدراج الرياح
طبعا لا أحد يتصور أن يحدث هذا فى دنيا العقلاء , ربما فى فيلم هزلى أو رواية مضحكة عن قوم فقدوا عقولهم أو أصابتهم لوثة أطاشت قدرتهم على التفكير السديد
لكن للأسف كثير من الناس يتعاملون اليوم بنفس المنطق المعوج و كأنما ينبغى إذا لم يدرك جل الشىء أن يترك كله و قد سيطرت عليهم قاعدة إما الكمال و إلا فلا
يتعاملون بهذا المنطق على مختلف الأصعدة
فإذا عصوا الله معصية تمادوا فى عصيانه و لسان حالهم كما يقولون بالعامية " ما هى بايظة بايظة "
و إذا قصروا فى طاعة تركوها و باقى الطاعات و كأنما قد سد باب الإصلاح
و إذا فشلوا فى تحقيق هدف قعدوا و أحبطوا و كأن الحياة قد انتهت و لم يعد لوجودهم معنى أو غاية
و هكذا دواليك
اختاروا أن يتمرغوا فى الوحل و يمزقوا ما تبقى من ثروتهم بدلا من أن ينظفوا ما اتسخ و يرتقوا ما مزع و ينموا و يستثمروا ما بقى لهم
تناسوا ما علمهم ربهم من أنه " لَا يَيْأَس مِنْ رَوْح اللَّه إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ "
و أن فرصة الإصلاح و التصحيح قائمة ما لم يغرغر المرء و تقم قيامته
فما أشد حماقتهم و ما أقل حيلتهم و ما أهونهم على أنفسهم
بقلم
د. محمد على يوسف
______
مرت سيارة مسرعة على مخاضة من الوحل على جانب الطريق فتطاير الماء المختلط بالطين ليصيب المارة الذين قدر لهم أن يمروا بجوار تلك المخاضة لحظة عبور تلك السيارة
و بينما يتأففون لما أصاب ثيابهم من آثار ذلك الوحل و يحاولوا نفض تلك الآثار عن ثيابهم إذا بأحدهم ينظر بحزن ممزوج بسخط و غضب إلى ثوبه الفاخر و قد تلطخ و اتسخ و بدلا من أن ينشغل بتنظيفه و إصلاح ما ألم به إذا به يصرخ قائلا لا فائدة قد فسد الثوب و لا قيمة لنفض الطين عنه ثم يتجه و الأعين ترقبه بدهشة منكرة إلى بركة الماء و الطين ليقفز فيها و يمرغ نفسه بها قائلا لم يعد شىء يفرق قد فسد الثوب و لا قيمة للحفاظ على ما تبقى منه نظيفا
و بينما هو يتمرغ إذ سمع المارة ضجة من أعلى فرفعوا أبصارهم فإذا برجل تبدو عليه آثار الثراء و النعمة يطل من شرفة منزله و بيده رزم من الأموال يمزقها و يلقى بها من شرفته صائحا لا فائدة قد خسرت ثلاثة أرباع ثروتى فى البورصة وضاع شقى عمرى و ما بقى لا قيمة له و لا يكفينى و ها أنا أمزقه و ألقى به ليذهب أدراج الرياح
طبعا لا أحد يتصور أن يحدث هذا فى دنيا العقلاء , ربما فى فيلم هزلى أو رواية مضحكة عن قوم فقدوا عقولهم أو أصابتهم لوثة أطاشت قدرتهم على التفكير السديد
لكن للأسف كثير من الناس يتعاملون اليوم بنفس المنطق المعوج و كأنما ينبغى إذا لم يدرك جل الشىء أن يترك كله و قد سيطرت عليهم قاعدة إما الكمال و إلا فلا
يتعاملون بهذا المنطق على مختلف الأصعدة
فإذا عصوا الله معصية تمادوا فى عصيانه و لسان حالهم كما يقولون بالعامية " ما هى بايظة بايظة "
و إذا قصروا فى طاعة تركوها و باقى الطاعات و كأنما قد سد باب الإصلاح
و إذا فشلوا فى تحقيق هدف قعدوا و أحبطوا و كأن الحياة قد انتهت و لم يعد لوجودهم معنى أو غاية
و هكذا دواليك
اختاروا أن يتمرغوا فى الوحل و يمزقوا ما تبقى من ثروتهم بدلا من أن ينظفوا ما اتسخ و يرتقوا ما مزع و ينموا و يستثمروا ما بقى لهم
تناسوا ما علمهم ربهم من أنه " لَا يَيْأَس مِنْ رَوْح اللَّه إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ "
و أن فرصة الإصلاح و التصحيح قائمة ما لم يغرغر المرء و تقم قيامته
فما أشد حماقتهم و ما أقل حيلتهم و ما أهونهم على أنفسهم
بقلم
د. محمد على يوسف
