لماذا هاجر النبي وأصحابه ؟


إنضم
Sep 11, 2012
المشاركات
22
مستوى التفاعل
0
هناك سؤال دائماً يُرَاوِدُنا، لماذا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة؟
ولماذا أمر أصحابه ،مِنْ قَبْلُ ، بالهجرة مرتين إلى بلاد الحبشة؟


إن الإجابة التي نحفظها جميعاً: فراراً من أذى الكفار، ومن شدة بطش الكافرين والجاحدين، فراراً بدين الله وبنور الله وبالإيمان بالله عزَّ وجلّ.

قد يكون هذا ينطبق على الهجرة الأولى إلى بلاد الحبشة، لكن الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة كان لها غايةٌ أخرى، وحكمةٌ ثانية كبرى،
ومن أجلها تدبَّرَ وتروَّى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يختار الله عزَّ وجلَّ له هذا المكان.


لماذا هاجر إلى المدينة؟ إنه كان يبحث عن مكان يقيم بين أهله وذويه مدينة فاضلة، على العقيدة الحقَّة، والأخلاق الصادقة، والمعاملات الحسنة، والعبادات الخالصة لله عزَّ وجلّ. ويريد أن تكون هذه المدينة نموذجاً تحتذيه كل المدن والقرى الأرضية


إذا أرادوا إصلاح أحوالهم، وإذا أرادوا انتعاش تجارتهم وأموالهم، وإذا أرادوا صلاح أخلاقهم وتهذيب نفوسهم، وإذا أرادوا في الآخرة السعادة عند ربِّهم عزَّ وجلّ.


ولذا نقول لإخواننا: أنه لا سعادة لمجتمعنا، أو لأي قرية أو مدينة في بلادنا أو غير بلادنا، إلا إذا طبَّقَتْ من جديد الأسس والسجايا والقيم والأخلاق التي أرساها رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار هجرته ، صلى الله عليه وسلم.

وقد عبَّر عن هذا الحال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه عندما طلبه النجاشي ملك الحبشة استجابة للشكوى التي تقدم بها عمرو بن العاص بالنيابة عن قريش. لقد أرسلوه بالهدايا إلى النجاشي
وطلبوا منه أن يكلِّمه ليقبض عليهم ويردَّهم إلى السجون والتعذيب في مكة كما كانوا من قبل. ولكن النجاشي كما وصفه الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم:
{ لا يُظلَمُ عنده أحدٌ، وأرضه أرض صدق } فلم يرضَ بالحُجَّة بدون الأخرى.


فإن الدين القويم يحتم على كل مؤمن ألا يحكم على قضية من أول وهلة، ومن أول شاكٍ، بل لابد أن يسمع إلى المشكو لأنه ربما يكون مظلوماً ومعه الحقّ،

وقد قيل لسليمان عليه السلام عندما جاءته امرأة باكية وتدَّعي لها حقاً على ضرتها، فقال من حوله: إنا نرى الحق لهذه، قال: ولِمَ ،قالوا: لأنها تبكي. قال: ومن أدراكم بالثانية،ربما تكون قد فقأت لها عيناً أو كسرت لها عضواً منعها من سرعة المجيء

فلا يجب على مسلم في قضية كبيرة أو صغيرة أن يحكم إلا بعد أن يستمع إلى الاثنين، الشاكي والمشكو حتى يتبين له وجه الحق، وإذا كانوا يكذبون على سيد الخلق حتىقال:


{ إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ - يستطيع أن يُنَمِّقَ الكلام، ويزخرف الكلام، حتى يروق في عين السامعين،
ثم قال محذراً فَأَقْضِي لَهُ عَلَى? نَحْوٍ مِمَّا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَطَعْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئاً، فَلاَ يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ بِهِ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ }(1)

فطلب النجاشي جعفر رضي الله عنه ومن معه وقال لهم: اختاروا رجلاً يتحدث عنكم، فأشاروا إلى جعفر، فقال: ما شأنكم؟


فقال رضي الله عنه وأرضاه: (كنا قوماً في جاهلية، نعبد الأوثان، ونقطع الأرحام، ونشرب الخمر، ونفعل الفحشاء، ونكذب في الحديث، حتى بعث الله عزَّ وجلَّ إلينا رسولاً مِنَّا، نعرف نسبه ونعرف صدقه، دعانا إلى الإيمان بالله، وإلى صدق الحديث، وإلى صلة الأرحام، وإلى حسن الجوار، وإلى الوفاء بالعهد وأخذ يعدِّد له فضائل الإسلام التي جاء من أجلها نَبِيُّ الإسلام صلى الله عليه وسلم.



(1)رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما والإمام مالك في الموطأ.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
أعلى