مولـــــــود الـذراع الــــــواحـــدة ...

{*B*A*T*M*A*N*}

مشرف

إنضم
Sep 21, 2011
المشاركات
23,222
مستوى التفاعل
80
المطرح
دمشق
[h=3]قد تتعب الشاعر نشوة عميقة في فضاء كلماته , فإذا كانت حمامة /بيكاسو/ المشهورة قد وجدت قبرها الجديد في أيامنا هذه لأن شهوة الحكي عمّا يسمى بالسلام العالمي قد انهارت على عتبة القرن الحادي والعشرين, وسبب ذلك أنها ارتطمت بقوى عالمية معادية للحياة. فإن عودتها تحتاج إلى إزالة التلوث البيئي والأخلاقي في كل مكان, وسأعترف الآن في كتابة هذا المقال بأنني لست المرشد الروحي لأبناء قريتي التي شهدت فيها ارتفاع رأسي وأنا طفل صغير وما تزال أشياؤها تحتجز روحي وتنقلني من مخيلتي الضيفة إلى اتساع آ خر هو جغرافية الوطن بحدوده الأربعة وحتى آخر مكان في هذا الكون المترامي ..[/h] [h=3] و مع هذا الامتداد أتذكر أن القابلة التي استولدت /نيكوس كانتزاكس/ الأديب اليوناني المعروف قد تنبّأت له بأنه سيكون أسقفاً لكنه حين عرف ذلك و قد امتدت به تجربته سخر من النبوءة ورفض الصلاة على طريقة القابلة التي تتوجه في صلاتها نحو المشرق محمّلاً اليهود, والأتراك مسؤولية صلب المسيح .[/h] [h=3]وقد أوافق /نيكوس/ رأيه وأسخر معه من قضايا حياتية رافقت مجتمعنا القبلي في سلوك بعض أنبيائه رغم ما وصل إليه البشر من تمدّنٍ حضاري وارتقاء في المستوى العلمي والثقافي . ولا سيّما ما تشهده الأرض العربية من شغبٍ واقتتال تحت عناوين حزينة ..[/h] [h=3]وإذا كان الجاحظ أحد مفكري القرن الثالث الهجري في زمن العباسيين قد سخر هو الآخر من المعطّلين لدورة الحياة بثقافتهم التي تقوم على القتل والإجرام , وتهديم أسباب العيش المشترك فقال رأيه في هذا الجانب /لا يضير السّحاب نبح الكلاب/ ..[/h] [h=3]وهي جملة صالحة لزمن نعيش فيه نحن أهل هذه المنطقة في الشرق العربي المأزوم فكريّاً, وعلميّاً, واقتصاديّاً وحضاريّاً ..[/h] [h=3]وإذا كانت الدراسات البيولوجية تؤكد على أن العالم الثالث الذي يشكل نسبة /67%/ من عدد سكان الكرة الأرضية ويعيش أغلب هؤلاء تحت خط الفقر بسبب انعدام العدالة في توزيع الثروات الوطنية, وتسلّط الأنظمة على شعوبها رغم وجود الكثير من الخيرات ولا سيّما النفط, والغاز والأراضي الصّالحة لإنتاج زراعي يكفي الجميع فإن هذا يقتضي قراءة الواقع بلغة واضحة. إن الانفجار السكاني القادم و لا سيّما في البلدان الفقيرة سيؤدي إلى اشتداد المجاعات وقتل الأدوات المعرفية التي تحتاج إليها الأمم ليتخلّص أبناؤها من أزماتهم المتجدّدة وربّما يصبح عدد سكان العالم في العام 2050 أكثر من ثلاثين مليار نسمة طبقاً للدراسة آنفة الذكر ..[/h] [h=3]من هنا كانت السينوغرافيا العربية التي تنقلها صورة المشهد المسرحي المعقّد من خلال مكونات ثقافية عاجزة عن مواجهة العصر و خاصة أوروبا , لا بدّ لها من تحليل مكونات تلك الصورة وأن الشعوب العربية لن تنهض إلا إذا امتلك زمام الحياة فيها أولئك المتنوّرون فكراً وسلوكاً. وإن فراغ الصدى الذي يقيل فيه الحكام العرب سوف يبقى بحاجة إلى غرف الانعاش الأمريكية -اليهودية المشتركة لحماية تلك العروش المزمنة، وهذا بدوره سيعطّل مرة أخرى سلطة النص المثقف الذي يعتمد التحليل ويكتشف أصحابه عبر الرؤى عالمهم الذي يخلصهم من هذا الارتباك الطويل وهذا الحطام السريع ..[/h] [h=3]و قبل أن أنهي هذه المقالة لا بد من الاعتراف بأن الغربان لا تلد الحمائم ومولود الذراع الواحدة عجوز، وأن تاريخ سيف الدولة السوري لا يشبه تاريخ أي حاكم فرنسي أو انكليزي أو ألماني لأن للمدن والقرى السورية ألوان خاصة بها , و أن كل الشوارع في هذا الوطن مفتوحة على الحريّة ولها روائحها التي تجعل المارة فيها يطلقون إشارات الدهشة والإعجاب ..[/h] [h=3]و تعلمت في اللغة العربية أن المضاف قد يختلف عن المضاف إليه في الجملة الاسمية طبقا ًللمبنى والمعنى، وأن المبتدأ قد يحتاج إلى أكثر من خبر حتى تكتمل الجملة بالمعنى المطلوب والمفيد ..[/h] [h=3]وإذا كان المبتدأ هو الوطن السوري، فإن خبره هو الشعب الذي اكتسب احترام القشرة الأرضية بما فيها العدو والصّديق على حدّ سواء، لأنه رفض أن يكون مضافاً فاختصر بذلك لغة السّرد وكانت لغته الناطقة باسمه هي تاريخه الحضاري الطويل، ومقاومته لكل المحاولات التي تود تفكيك الهوية، واغتيال رقمها الوطني والدفاع عن المعادلة التي تتقاطع فيها الأرواح العظيمة مع أزلية الوطن و سرمدية الحياة ..[/h]
 
أعلى