نائلة بنت الفرافصة وقميص عثمان

عمر رزوق

بيلساني مجند

إنضم
Nov 12, 2008
المشاركات
1,395
مستوى التفاعل
45
نائلة بنت الفرافصة وقميص عثمان

رضي الله عنها



إنها نائلة بنت الفارض الكلبية وقد عرفت منذ شبابها برجاحة العقل وحكيم الرأي إضافة لجمالها وهي زوجة لسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه الأخيرة وكان تسلسلها بين زوجاته الثامنة وقد زوجّها له أخوها ضب وحملها إلى عثمان في المدينة وكان مسلمًا بينما كان أبوها نصرانيَّا وحين تزوجها عثمان كانت نصرانية إلا إنها أسلمت على يديه في 28ه عند زواجها وبعد إسلامها بوقت قصير حفظت القرآن والسنة وحسن إيمانها رضي الله عنها وهي من ( قبيلة كلب) كانت كلها يومئذ نصارى وأنجبت له من الولد ثلاثًا: أم خالد وأروي وأم أبان الصغرى وقد روت السيدة نائلة عن عائشة رضي اللَّه عنها بعضًا من أحاديث رسول الله وقد كانت امرأة شجاعة ولها كبير الدور في أتون الفتنة الكبرى التي حدثت بمقتل الخليفة عثمان رضي الله عنه بين أيديها وقد سميت بنت الفرافصة لشجاعتها الفائقة إذ أن الفرافصة من أسماء الأسد وسميت بذلك لدورها الكبير عندما اشتدت المحنة على عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه حين فتح باب تلك الفتنة وأُحْكِمَ عليه الحصار وقطع عنهم الماء والطعام كي يضغطوا عليه ليتنازل عن الخلافة لكنه رفض وقال (لن اخلع قميصا كسانيه الله تعالى) فصمدت معه في محنته رضي الله عنهما وتلقت عنه ضربات السيوف قبل أن تصل إليه وما إن ألقى الرجال بحبالهم على أسوار منزله ودخلوا عليه حتى أسرعت تنشر شَعْرَها فقال عثمان: خذي خمارك فإن حُرْمة شَعْركِ أعظم عندي من دخولهم علي ولما هجم عليه أحدهم وهوى عليه بسيفه تلقت السيف بيدها فقطعت أناملها فصرخت على رباح غلام عثمان فأسرع نحو الرجل فقتله وبينما كانت تهرع لإمساك سيف رجل ثانٍ لكن الرجل تمكن من أن يقطع أصابع يدها الأخرى وهو يدخل السيف في بطن عثمان ليقتله وحين هموا بقطع رأسه ألقت عليه بنفسها إلا أنهم لم يرحموا ضعفها ولم يعرفوا لعثمان قدره فحزوا رأسه ومثَّلوا به فصاحت والدم يسيل من أطرافها: إن أمير المؤمنين قد قُتل إن أمير المؤمنين قد قُتِل ثم دخل رجل عقب مقتل عثمان فقال لها: اكشفي عن وجهه قالت: ولِمَ؟
قال الرجل: ألِطم حُرَّ وجهه فقد أقسمت بذلك فقالت: أما ترضى ما قـال فيـه رسول اللَّه قال فيه كذا وكذا فقال: اكشفي عن وجهه ثم هجم عليها فلطم وجه عثمان فدعت عليه قائلة: يبَّس اللَّه يدك وأعمى بصرك فلم يخرج الرجل من الباب إلا وقد يبست يداه وعمى بصره وتُركت جثة عثمان في مكانها دون أن يجرؤ أحد على تجهيزه ودفنه فأرسلت إلى حويطب بن عبد العزى وجبير بن مطعم وأبى جهم بن حذيفة وحكيم بن حزام ليُجَهِّزُوا عثمان فقالوا: لا نقدر أن نخرج به نهارًا وحين حلّ الظلام خرجوا به بين المغرب والعشاء نحو البقيع وهى تتقدمهم بسراج ينير لهم وحشة الظلام حتى تم دفنه بعد أن صلى عليه جبير بن مطعم وجماعة من المسلمين.
ثم قالت ترثيه:ومالي لا أَبْكى وأُبكـى قرابتي وقد ذهبتْ عنا فضول أبى عَمْرِو وبعد أن دُفن عثمان -رضي الله عنه- خطبت نائلة -رضي الله عنها- في المسلمين فقالت: معاشر المؤمنين وأهل اللَّه لا تستكثروا مقامي ولا تستكثروا كلامي فإني حزينة أُصِبْتُ بعظيم وتذوقت ثكلا من عثمان بن عفان ثالث الأركان من أصحاب رسول اللَّه فقد تراجع الناس في الشورى حين تقدم فلم يتقدمه متقدم ولم يشك في فضله متأثم ولم تكتف نائلة بذلك بل أرسلت إلى معاوية بكتاب مرفق معه قميص عثمان ممزقًا مليئًا بالدماء وعقدت في زر القميص خصلة من شعر لحيته قطعها أحد قاتليه من ذقنه وخمسة أصابع من أصابعها المقطوعة.
وأوصت إليه أن يعلق كل أولئك في المسجد الجامع في دمشق وأن يقرأ على المجتمعين ذلك الكتاب وكان بعض ما جاء فيه :
إلى معاوية بن أبى سفيان أما بعد: فإني أدعوكم إلى اللَّه الذي أنعم عليكم وعلمكم الإسلام وهداكم من الضلالة وأنقذكم من الكفر ونصركم على العدو وأسبغ عليكم نعمه ظاهره وباطنه وأنشدكم اللَّه وأذكركم حقه وحق خليفته أن تنصروه بعزم اللَّه عليكم فإنه قال) وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)[الحجرات: 9]
وقد اجتمع لسماعه خمسون ألف شيخ يبكون تحت قميص عثمان وأصابعها .
وقد عاشت نائلة حافظة لذكرى عثمان بن عفان رضي الله عنه وظلتْ وفية له فلم تتزوج وكانت من أجمل النساء.
وكلما جاءها خاطب رَدَّتْه ولما تقدم معاوية رضي الله عنه لخطبتها أَبَتْ وسألت النساء عما يعجب الخطاب فيها فقلن: ثناياك - وكانت مليحة وأملح ما فيها ثغرها - فخلعت ثناياها وأرسلت بهن إلى معاوية وحين سُئلت عما صنعتْ قالت: حتى لا يطمع في الرجال بعد عثمان-رضي الله عنه-
تلك هي "نائلة بنت الفرافصة بن الأحوص"رمز الشجاعة والصبر والصمود ذات الأدب والبلاغة والفصاحة تزوجها عثمان بن عفان-رضي اللَّه عنه- فكانت له زوجة مخلصة وفية ومطيعة حيا وميتا وكان عثمان يستشيرها دائمًا لسداد رأيها وقد حظيت في بيته بمكانة كبيرة ثم توفيت بعد جهاد عظيم لخدمة الإسلام رحمها الله ورحم كل من حمل لواء هذا الدين الحنيف .


خطبة نائلة بنت الفرافصة رضي الله تعالى عنها :

قالت بعد أن حمدت اللَّه وأثنت عليه :
عثمان ذو النورين قتل مظلوماً بينكم بعد الاعتذار وإن أعطاكم العتبى. معاشر المؤمنين وأهل الملِّة لا تستنكروا مقامي. ولا تستكثروا كلامي، فإني حرَّى عَبْرَى. رزئت جليلاً. وتذوقت ثكلاً من عثمان بن عفان. ثالث الأركان من أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في الفضل، عند تراجع الناس في الشورى يوم الإرشاد. فكان الطيِّب المرتضى المختار، حتى لم يتقدمه متقدم، ولم يشك في فضله متأثم. ألقوا إليه الأزّمة، وخلوه والأمة حين عرفوا له حقه، وحمدوا مذهبه وصدقه. فكان واحدهم غير مدافع وخيرتهم غير منازع. لا ينكر له حسن الغَناء ولا عنه سماح النعماء. إذ وصل أجنحة المسلمين حين نهضوا إلى رؤوس أئمة الكفر حيث ركضوا فقلَّدوه الأمور. إذ لم يكن فيهم له نظير، فسلك بهم سبيل الهدى. وبالنبي وصاحبيه اقتدى. مخسئاً للشيطان إلى مداحره. مقصياً للعدوان إلى مزاجره. تنقشع منه الطواغيت، وتزايل عنه المصاليت. حتى امتدَّ له الدين. واتصل له السبيل المستقيم. ولحق الكفر بالأطراف، قليل الآلاف والأحلاف. فتركه حين لا خير في الإسلام في افتتاح البلاد. ولا رأي لأهله في تجهيز البعوث. فأقام يمدَّكم بالرأي. ويمنعكم بالأدنى. يصفح عن مسيئكم في إساءته. ويقبل من محسنكم بإحسانه. ويكافئكم بماله. ضعيف الانتصار منكم. قوي المعونة لكم. فاستلنتم عريكته حين منحكم محبته، وأجرركم أرسانكم. آمناً جرأتكم وعدوانكم. فأراكموه الحق إخواناً. وأراكموه الباطل شيطاناً في عقب سيرة من رأيتموه فظاً. وعددتموه غليظاً. فهدكم منه بالقمع. وطاعتكم إياه على الجدع. يعاملكم الحسبة. ويتخونكم بالضر. وكان اللَّه أعلم بآدابكم ومصالحكم. فللَّه هو كان قد نظر في ضمائركم، وعرف إعلانكم وسرائركم. فحين فقدكم سطوته وأمنتم بطشه، رأيتم أن الطرق قد انشعبت لكم. والسبل قد اتصلت بكم. ظننتم أن اللَّه يصلح عمل المفسدين. فعدوتم عدوة الأعداء. وشددتم شدة السفهاء على التقي النقي، الخفيف بكتاب اللَّه عز وجل لساناً. الثقيل عند اللَّه ميزاناً. فسفكتم دمه. وانتهكتم حرمه. واستحللتم منه الحُرَم الأربع: حرمة الإسلام، وحرمة الخلافة، وحرمة الشهر الحرام، وحرمة البلد الحرام. فليعلمنَّ الذين سعوا في أمره، ودبوا في قتله، ومنعونا من دفنه. اللَّهم إنه بئس للظالمين بدلاً، وأنهم شر مكاناً، وأضعف جنداً. لتتعبدنكم الشبهات. ولتفرقن بكم الطرقات. ولتفرقن بكم الطرقات، ولتذكرن بعدها عثمان. ولا عثمان. وكيف [ص 215] يسخط اللَّه من بعده. وأين كنتم لعثمان ذي النورين منفس الكرب. زوج ابنتي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وصاحب المربد ورومة. هيهات واللَّه ما مثله بموجود. ولا مثل فعله بمعدود. يا هؤلاء إنكم في فتنة عمياء، صمّاء، طباق السماء. ممتدة الجران. شوهاء العيان في كثير من الأمر. قد توزع كل ذي حق حقه. ويئس من كل خير خيرُ أهله. فلهوات الشر فاغرة، وأنياب السوء كاشرة، وعيون الباطل خزْر، وأهلوه شزر، ولئن نكرتم أمر عثمان، وبشعتم الدَّعة لتنكرن غير ذلك من غيره، حين لا ينفعكم عتاب، ولا يسمع منكم استعتاب .


 

المرفقات

  • iojhuijho.jpg
    iojhuijho.jpg
    20.9 KB · المشاهدات: 0

إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

رضي الله عنهما

يسلموووو عمر وردة*
 
أعلى