وفق المعيار


إنضم
Jan 26, 2011
المشاركات
18,166
مستوى التفاعل
86
المطرح
الكويت
رسايل :

لو كنتُ يومًا سأسرق .. لسرقتُ أحزانك ..

ان النفوس تختلف، والطباع تتعدد، والمفاهيم تتباين، واننا في مواجهة المواقف نرى كم التنوع في ردود الأفعال وتباعد الآراء في اتخاذ القرار، نصل لقناعة سريعة التكوين ذلك أن في أبسط الأمور وكذلك في أكثرها تعقيداً ما دام الأمر موكّلا لأكثر من شخص فسيكون الاختلاف لا محالة وسيكون اختلاف المعايير وتباينها مؤثراً في النقطة التي سنصل اليها حينما نُنهي حواراً أو مشروعاً أو اجتماعاً أو حتى محاكمة قضائية.
معيار اليوم يختلف عن معيار الأمس، والمعيار هنا ليس كالمعيار هناك، والمعيار الذي يسكن عقل هذا الشخص يعاكس معيار الآخر، أقصد بالمعيار أسس حكمنا على الأشياء و قواعدنا الثانوية القابلة للتغيير، مما لا شك فيه أن هناك معايير أوّلية ثابتة أساسية لا تتغير ولا تتبدل لا بتبدّل المكان ولا الزمان ولا الأشخاص كمعايير الدين والخلق، وان رفضتها فئة فثباتها ووجودها واضح، لكن الاختلاف كان في الثانوي من المعايير التي تُشكّلها الطباع والتربية والظروف والتجارب وحتى طبيعة الشخصية تلك المعايير التي تتباين من شخص لآخر وتُثري كل ما تدخل عليه وتنمّيه.
ان معاييرنا في الاختيار والانتقاء ومعاييرنا في الممارسة والعمل ومعاييرنا في الأخذ والعطاء ومعايير أخرى كثيرة نتعايش على أساسها قد تتغيّر لتغيّر خارجي مجتمعي أو لتغير داخلي نفسي، وأياً كان سبب التغيّر كانت غربلة المعايير وتمحيصها والكشف عنها أداةً مهمة للارتقاء بها، المعايير التي نتخذها خارطةً لنا تملك سلطةً على حياتنا وتُشكّل مستقبلنا وتُضفي لمسة نجاح أو فشل على مسيرنا، أن تتخذ معياراً أكبر من أن تقوى على حمله فأنت تبخس حق نفسك في التعلم والتطوّر، وأن تكون معاييرك سطحية وبسيطة فما زلت تُبخس حق نفسك في طلب الأفضل لها.
أن يكون لك معيار في الصداقة، ومعيار في بر الوالدين، معيار في العبادة ومعيار في العمل، معيار في تربية أبنائك وفي تربية نفسك و معايير غيرها كثيرة يعني أنك تُنظم حياتك وفق ما يُريحك تبعاً لمفاهيمك وطموحك، تجاربك و طباعك، لكن اتخاذ المعيار كأساسٍ لا يتبدل يجر خلفه تبعات التخلف في شؤون الحياة والرجوع للخلف بينما الركب للأمام يسير.
المعيار ضابط مرن لا خانقا وضاغطا نفسيا، الأنبياء والرسل وكل الناجحين والقادة اتخذوا لهم معايير تؤطّر لهم علاقاتهم وعملهم وتُوصلهم لهدفهم فلم يكن وصولهم صعبا بقدر ما كان وصول الآخرين لما هم عليه أكثر صعوبة، في ترتيب المعايير وتمحيصها راحة لك، وفي الكشف عنها والمصارحة بها راحة لمن حولك.
 
أعلى