رواية حب في المستشفي الجامعي--------روايةحزينه

سحر الشرق

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Dec 15, 2008
المشاركات
733
مستوى التفاعل
30
المطرح
دمشق
الجزء الرابع










التفت بشار إلى همسة ..
بتلك النظرة الساخرة التي اعتادتها همسة منه ..
وإن كانت مليئة بشيء من الدموع ..
وقال لها :
دكتورة ..
هل نسيت واجباتك ؟
لديك مرضى آخرين يجب أن تعتني بهم ..
قامت همسة ..
وكأنها لتوها قد أحست بالوقت ..
وهي تخفي بمهارة إحساسها بالقهر على إضاعته
وهي تقول :
لقد رتبت أموري جيداً ..
نظر لها بشار وضحك قائلاً :
القاعدة الأولى ..
لا بد أن يشعر المريض أنك طبيبة واثقة بحق ..
نظر لها مبتسماً ..
فابتسمت همسة ..
وأدركت أنها لن تخدع طبيباً ..
قامت من مكانها وقالت :
هل سنكمل حديثنا فيما بعد ..
نظر لها وقال :
لا بد عليك أولاً أن تتأكدي من العينات التي لديك يا دكتورة ..
إنها بالتأكيد ..
Osteosarcoma
ثم خفض رأسه وقال بخفوت :
مرض مايا ..
صمتت همسة وقالت :
سأتأكد بنفسي ..
ابتسم لها بشار ..
خرجت همسة من هناك ..
ودهشت كم استغرقت في عالم بشار ..
وكأنه كان مكاناً تام الانعزال عن بقية المشفى ..
لا بد أن أعرف بقية القصة ..
وكيف وصل هو إلى هذه الحالة ..
ومن هي مايا ؟
أهي تلك اليابانية ؟
أسئلة كثيرة كانت في ذهن همسة ..
ولكنها لم تعرف لها إجابة ..
توجهت لمكتبها ..
وعندما دخلت ..
وجدت تلك الوردة الحمراء كعادتها ..
أمسكتها ..
واشتمتها ..
لقد صار الأمر غريباً ..
كل يوم تجد وردة حمراء على مكتبها ..
على الرغم من أن همسة
ليست من ذلك النوع من الفتيات ..
اللواتي تروق لهن هذه الأمور الرومانسية
ولكنها لا تدري لم أحست في داخلها بشيء من اللذة .. بشيء من المتعة ..
شيء غريب ..
جلست على كرسيها
وأخذت تراجع سجلات بقية المرضى ..
ولكن بشار كان يشغل بالها على غير العادة ..
لم قصته مثيرة كهذا ..
فتحت كتبها ..
تبحث عن
Gp53
إنه الجين الحارس ..
الموجود في كل خلية ..
لا أظن أحداً فكر ..
لم لا تنمو أجسادنا في أشكال غريبة ..
طالما أن أجسادنا في حالة نمو مستمر ؟
بمعنى آخر ..
لم .. مجد أجسادنا تتوقف عند طول معين ..
والسبب في الجين Gp53
هو المسئول عن الموت المبرمج الذي تقوم به الخلية من تلقاء نفسها ..
قرأت في كتبها ..
ولكنها لم تجد البحث الذي كان يتحدث عنه بشار ..
أو بالأصح الدكتور بشار ..
ذهبت إلى كمبيوترها ..
فتحت شبكة النت ..
وفتحت محرك البحث google ..
أخذت تبحث عن هذا الموضوع
ووجدته ..
البحث الحائز على جائزة ..
المركز الثاني للهيئة العالمية لمعالجة الأورام في تورينتو بكندا ..
بواسطة :
البروفيسور : ميان ناريتا
والدكتور : بشار البدري
نتائج رائعة لهذا البحث بنسبة 60%
بعد تجارب حية ..
وينتظر منه أن يكون واحداً من أهم طرق علاج السرطان الجديدة ..
أخذت همسة تقرأ ..
وتقرأ وتقرأ ..
ومرة أخرى نست العالم كله ..
نست مرضاها ..
حتى أنها لم تهتم أبداً ..
لجهاز ندائها الآلي ..
لم تفق إلا بعد ساعتين ونصف من القراءة المتواصلة ..
على صوت جوالها ..
ندى ؟
أهلا أين أنت ؟
لقد بحثت عنك ولكني لم أجدك ..
سمعت همسة صوت ندى عاليا ..
نحن نبحث عنك أكثر من ساعة ..
والدكتور علي والدكتور ياسر ينتظرانك ..
انتبهت همسة للوقت ..
وقالت : سوف آتي حالاً
قالت ندى :
لا تنسي نتائج العينة ..
أحست همسة أن الدنيا كلها قد قلبت فوق رأسها بغتة وهي لا تدري ما العمل ..
قررت أخيراً ..
أن تذهب إلى بشار ..
لتأخذ منه عينة أخرى بسرعة ..
إنهم ينتظرون نتائجها بفارغ الصبر ..
ذهبت إلى بشار بسرعة ..
دخلت غرفته ..
أستاذ بشار .. أقصد دكتور ..
ابتسم لها بشار وقال :
ألم نقل بشار سادة بدون قشطة ..
ابتسمت همسة هذه المرة رغماً عنها ..
وقالت : بشار ..
لم تدري لم أحست بالخجل ..
شيء غريب هذا الذي يحصل لها هذه اليومين ..
إنها صارت تخجل كثيراً ..
إن شخصيتها ليست من هذا النوع ..
قالت له :
يجب أن أأخذ منك biopsy " عينة من الورم" بسرعة ..
الدكتور ياسر والدكتور علي ينتظران نتائج بحثي ..
نظر لها بشار وقال :
لا يا همسة ..
همت بأن تقول له : دكتورة لو سمحت ..
ولكنها لا تعلم لم أحست معه بألفة غريبة ..
ولكن بشار تابع
لا تفعلي هذا أبداً ..
أنت طبيبة ..
والعمل بهذه العشوائية لا يفيد أبداً ..
وبهذه الطريقة قد تفقدين حياة إنسان ..
اختل توازن همسة ..
ولم تعرف كيف تتصرف ..
أمسكت رأسها وجلست وهي تزفر بقوة ..
وعيناها على الأرض ..
صمتت لبرهة ..
" همسة "
رفعت همسة وجهها ..
كان بشار يقف أمامها وفي يده المزهرية ..
وبقي فيها ماءها ..
وفي لحظات ..
تششششششششششش ..
حدقت همسة في وجه بشار ..
وأحست أن قلبها قد توقف ..
لقد ألقى الماء في وجهها بقوة ..
أمسك بشار وجه همسة في قوة ..
وهو يهزه برفق ويقول :
همسة ..
اهدئي ..
ششششششش ..
وقفت تتأمل فيه للحظات ..
أحست بصوت موسيقى تعبر في أذنها بوداعة غريبة ..
أحست بحنان لا حدود له ..
أحست أنها في يد أمينة ..
بحق ..
تمنت لم أغمضت عيناها للأبد ..
أحست لوهلة أنها تحب هذا الإنسان ..
ولأول مرة تترك همسة لنفسها هذا العنان من المشاعر ..
لم تقل لا كما تفعل العادة ..
لم تقرع نفسها ..
لم تلم نفسها ..
بل سمحت لهذا الإحساس أن يدخل على قلبها بكل قوة ..
سمحت أن تجعل يديه تدفئ كل ركن في وجهها ..
أحست أنها تريد أن تبقى وتبقى إلى النهاية ..
أما بشار ..
أخذ يتأمل وجه همسة ..
بعد أن غطتها المياه ..
لأول مرة يتأمل تلك العيون الزرقاء الصافية ..
أحس أن فيها شيئاً ليس كالعادة ..
أحس أن فيها بنظرتها الحالمة تلك ..
ولكنه تأمل كل شيء في وجهها عن كثب ..
أغمض عينيه ..
وجعل بصره للأرض ..
ابتسم ..
ونظر فيها مرة أخرى ..
كل هذا كان في أقل من دقيقة ..
عجيبة بحق هي الدنيا ..
أمور قد تحصل في أيام ..
نحس بأنها لم تحصل حتى ..
وأمور تحصل في ثواني
نحس الوقت فيها أن الوقت لا يكاد ينتهي ..
صدق أينشتاين في نظريته النسبية بحق ..
أفاقت همسة من الحالة التي كانت فيها ..
وأحست بخجل بلا حدود ..
وهمت بأن تغادر الغرفة ..
همسة ..
توقفت همسة ولم تنظر حتى لبشار ..
كانت تخاف من أن يقول لها أي شيء ..
اقترب منها وقال :
خذي هذا ..
نظرت لما يحمل في يديه ..
وجدت أوراقاً وتقارير ..
نظرت فيه مستفهمة ..
قال :
إنها أوراق فحصي في اليابان ..
لا عليك مكتوبة بالإنجليزية ..
انسخي وصف تحليل العينة ..
قالت همسة : حسناً دون أن تفهم ما الموضوع ..
حملت الأوراق ..
وذهبت لمكتبها ..
وهي تحس أنها مخدرة ..
إنها لا تحس بأي شيء ..
تحس أنها في حلم ..
لا تدري لم أحست كأنها تشاهد حلماً ..
كانت فيه فتاة صغيرة بضفائرها ..
تلهو وتمرح ..
رأت شعرها أشقر اللون ..
وهي تلعب في تلك الحلقة التي يدور فيها الأطفال ..
وهي تمرح ..
والضحكة مليء شدقيها ..
ابتسمت ..
عندها توقفت ..
وجدت نفسها تنسخ النتائج ..
فتحت عينيها ..
وقد أصابها ذهول ..
إنها لأول مرة تفعل هذا في حياتها ..
كيف وهي الطالبة الأولى على الدفعة ..
بل كان بعض البنات يأخذن منها منا تقاريرها ..
والبعض الآخر يغش منها في قاعة الامتحان ..
كيف وصلت لهذه الدرجة ..
وأصبحت تغش ..
تذكرت عيون بشار الصغيرة ..
لا تدري لم أحست أن العيون تكبر ..
حتى تغمرها كلها ..
وكأنما أصبحت عيناه .. بحجم الغرفة ..
استمرت تكتب ..
وبعدها ذهبت إلى مكتب الدكتور علي والدكتور ياسر اللذان كانا ينتظرانها ..
دخلت بخفوت ..
أحس الدكتور علي أنها في حالة غير عادية ..
جلست همسة ..
وهي في حالة " تناحة " ..
رأى الدكتور علي التقرير وقال :
اممممممممممم
لم أكن أظن أن الموضوع خطير لهذه الدرجة ..
أخطأ الدكتور فراس في حكمه المسبق ..
ضاقت عينا همسة ..
فراس !
يا ربي .. ما هذا ؟!
"دكتورة همسة أنت هنا ؟"
هه ..
التفتت همسة للدكتور علي الذي كان يتكلم بجدية بالغة ..
قالت له : المعذرة ..
طالعها الدكتور علي في عيون جامدة وقال :
لا .. دكتورة .. لدينا أعمال كثيرة ..
ونحن هنا ننتظرك من أكثر من ساعة ..
وقت العمل عمل ..
أحست همسة أنها تريد أن تبكي ..
هنا ..
تدخل الدكتور ياسر .. وقال :
يبدو أن همسة لديها بعض الأمور ..
قال الدكتور علي :
عندما ندخل المستشفى ..
يجب أن تخلع كل هذه الأمور ..
ليس لدينا وقت لمثل هذه السخافات ..
نظر فيه الدكتور ياسر وقال :
لم أنت عصبي وحاد وهكذا ..
الفتاة قد سرحت فقط ..
التقرير أمامك ..
والفتاة لم تقصر في واجبها ..
قال لهمسة :
قومي معي ..
أخذها وخرج بها من الغرفة ..
كانت لتوها همسة قد أفاقت من حالة السكر التي كانت بها ..
مشاعر غير عادية كانت في فترة بسيطة ..
إعجاب .. ارتباك .. حزن .. حيرة .. غضب .. صرخة مكتومة ..
ولأول مرة أحست بالراحة لوجود الدكتور ياسر ..
مشى معها الدكتور ياسر في الرواق ..
وقال لها :
همسة ..
يبدو أن أعصابك بحاجة إلى الراحة ..
ما رأيك أن تغيري دوامك إلى الليل ..
إنه أكثر هدوءاً وأقل ازدحاماً ..
غيريه لمدة يومين ..
حتى تتحسن حالتك ..
لأول مرة أراك بهذه الطريقة ..
أنا أعرف أنك طالبة مجتهدة بحق ..
ولا عليك من الدكتور علي ..
إنه دوماً هكذا ..
أهم شيء في حياته العمل وفقط ..
ابتسم لها ..
وانتفخت فتحتا أنفه ..
ولأول مرة ..
تحس في أعماقها بامتنان لهذا الإنسان الذي لطالما كرهته ..
قالت له : سأفعل ..
شكراً لك يا دكتور ياسر ..
قال لها :
حسناً لدي بعض الأعمال ..
انتبهي على نفسك ..
ومشى ..
تابعته همسة ..
إلى أن ذهب ..
غريبة هي الحياة ..
إنها ليست بالصورة التي نراها في أحيان كثيرة ..
ليس هناك إنسان تام الشر ..
أو آخر تام الطيبة ..
إننا مزيج بين ذلك ..
قد يكون هذا الإنسان نسو نجيا ..
وقد يكون لئيماً ..
ولكنه في النهاية إنسان ..
لا بد أن تكون له حسنة ما ..
لا بد أن تظهر له صفة طيبة ..
نحن ننظر دوماً على الناس أنها إما ملائكة أو أبالسة ..
ولكن هذا غير صحيح ..

ابتسمت همسة ..
كانت الساعة قد اقتربت من الخامسة ..
اتصلت على السائق ..
وبعد دقائق ..
كانت في طريقها إلى المنزل ..
وطوال الطريق ..
أخذت تفكر فيما حصل ..
أخذت تفكر ..
ما الذي جعلها في هذه الحالة من الارتباك ..
ولكنها وصلت مرهقة للغاية ..
دخلت المنزل ..
كان والداها يتفرجان على التلفاز ..
دخلت حيتهم ..
اقتربت من والدها .. قبلت يديه ..
نظر فيها أبوها بشيء من الفخر ..
فقالت أمها :
Yeah , she grown up for sure
نظرت فيها همسة .. وجلست في حضنها ..
وأخذت أمها تحيطها بيديها ..
قال سعود الأب : ما رأيكم أن نأخذ رحلة إلى ماليزيا تستغرق بضعة أيام ..
قالت همسة بدلال قلما تفعله :
بابا لدي أعمال كثيرة هنا ..
تطلع لها أبوها في حنان ..
فابتسمت ..

في الليل ..
كان الكل نيام ..
إلا غرفة همسة كانت مضاءة ..
كانت تفكر ..
كانت تجلس على طرف سريرها ..
وقد أضاءت مصباحاً أنيقاً ..
فتحت حقيبتها ..
وجدت فيها وردة ..
أخذت تتأمل الوردة ..
بدأت تشتمها باستمتاع حقيقي ..
لم تكن تريد أن تفكر ..
كانت فقط تريد أن تشعر أكثر بما يجتاحها الآن ..
كانت تحس أن حياتها قد غسلت من جديد .. بماء بارد ..
أصبحت أحاسيسها جياشة ..
نهضت ..
أخذت تنظر في نفسها في المرآة ..
إنها جميلة ..
من المؤكد ..
ابتسمت ..
لا تدري لم أصبحت تحس مؤخراً أنها أنثى ..
نظرات بشار ..
لا تزال تحس ببعض بقاياها في أركان وجهها ..
لمسة يديه الحانية ..
أغلقت المصباح ..
ونامت ..

استيقظت في الصباح ..
نشيطة ..
على صوت عصفور أخذ يغرد على شرفتها ..
نهضت بتكاسل ..
تثاءبت ..
تذكرت أن دوامها اليوم في الليل ..
أحست أنها اليوم تود أن تكون مختلفة بحق ..
نعم ..
تريد أن تكون بنتا ..
أحست أنها تريد أن تبعد عن رأسها كل ما يذكرها بالعمل ..
بالدراسة ..
بأي شيء ..
أحست أنها تريد أن تمنح نفسها وقتاً ..
ذهبت إلى النافذة ..
لأول مرة تتطلع في الحديقة الرائعة التي تطل عليها فلتهم ..
ابتسمت في جمال ..
استقلت على السرير ..
فردت شعرها البني ..
وقرر اليوم أن تتسوق ..
نعم تريد أن تغير من غرفتها الصارمة ..
المرتبة ..
إنها تريد أن تجعل من غرفتها وردية ..
نهضت ..
فتحت دولاب ملابسها ..
بحثت عن شيء بعيد عن الأناقة ..
أقرب ما يكون إلى البراءة ..
وبصعوبة بالغة وجدت قميصاً أبيض مرسوم عليه تويتي كبير ..
ولبست بنطلون أزرق سماوي خفيف ..
وضعت ماكياجا بسيطاً كعادتها ..
نظرت في نفسها في المرآة ..
أحست أنها طفلة ..
ابتسمت ..
قررت أن يكون اليوم مختلفاً في حياتها ..
كانت الساعة العاشرة صباحاً ..
ووالداها قد خرجا ..
خرجت مع السائق ..
وذهبت إلى شارع التحلية ..
دخلت دبنهامز الكبير هناك ..
صعدت إلى الدور الثاني ..
وجدت الكثير من الأشياء الجميلة ..
ذهبت إلى ركن الشموع ..
وجدت الكثير من الأغراض ..
وقررت شراء مجموعة كبيرة من هذه الشموع العطرية ..
كانت في بالها فكرة مميزة لليوم ..
ذهبت إلى ركن الملابس ..
وجدت بنطلون وردي ..
عليه بعض الإكسسوارات ..
وسلسلة على الوسط ..
كانت تذكر منذ زمن طويل ..
أنها لطالما أحبت الكثير من هذه الأشياء ..
وكانت تود أن تشتريها ..
ولكن والدتها كانت تعارض ..
وتقول : لا ..
هذا أفضل وهذا أجمل ..
لا تلبسي هذا ..
حتى أصبح ذوقها محدوداً بأمها ..
ولكنها اليوم قررت أن تشتري ما تحس فيه من الداخل أنه جميل وفقط ..
بحثت عن مقاسها وأخذته ..
ووجدت أيضاً فلينة ضيقة للغاية ..
مرسوم عليها أرنوبة توني نون ..
مكشوفة الكتف ..
قررت أن تأخذها ..
كان ذوقها مختلفاً تماماً ..
كانت ترى في هذه الأشياء دلع غير مبرر ..
ولا تناسب شخصيتها العملية ..
في الحقيقية ..
إنها لم يكن لديها وقت لتفكر في هذه الأمور ..
وكانت تفضل دوماً ..
الرسمي ..
الأنيق ..
ذهبت إلى ركن الزجاجيات ..
وجدت بروازا زجاجياً جملاً ..
قررت أخذه ..
اشترت الكثير من الأشياء ..
حتى بلغت مشترواتها حوالي 1300 ريال ..
ولكنها كانت سعيدة ..
لا تدري لم ..
رجعت إلى المنزل ..
دخلت الحمام ..
وجلبت معها ..
كيس بودي شوب ..
وأخرجت منه الرغوة والصابون ..
أضاءت الشموع ..
وعبأت البانيو بمياه ساخنة ..
دخلت فيه ..
وضعت الرغوة ..
جلست في الحمام ..
ووضعت موسيقى كلاسيكية ..
أحست أنها تنظر لبشار ..
أحست بيديه الدافئتين على وجهها ..
تركت لنفسها العنان قليلاً ..
ثم أفرطت فيه ..
لم تحس هكذا تجاه شخص ما ..
وجدت أمامها صورة الدكتور فراس ..
فتحت عيناها ..
ابتسمت في حيرة ..
خرجت من الحمام ..
كانت الساعة قد قاربت الثامنة ليلاً ..
حيث ستذهب إلى المستشفى لتباشر نوبتها ..
لبست فستاناً أزرقاً طويلاً ..
وحذاء أبيض رياضي ..
دخلت المستشفى ..
وهي تحس بانتعاش ..
وبحب للحياة على غير العادة ..
أخذت تراجع الحالات ..
وتقرأ التقارير ..
وشيئاً فشيئاً .. بدأت زحام المستشفى يخف ..
حتى أصبح هادئاً جداً ..
فقط يظهر عمال النظافة ..
حتى يمسحوا الأرض ..
وفي النهاية ..
قررت أن تمر على بشار ..
أحست بقلبها يرتجف ..
اقتربت من الباب ..
دقته بلطف ..
ادخلي يا منى ..
أحست همسة بانقباض ..
ولكنها دخلت وقالت بخفوت :
أنا همسة ..
التفت لها بشار في اهتمام ..
همسة ..
أين كنت ؟
كيف لا تطمأني على حالة مريضك ؟
ولكن همسة لازالت تحت تأثير كلمة منى ..
قالت له :
لقد غيرت مناوبتي .. لتكون في الليل ..
البارحة كان يوماً حافلاً ..
قال لها باهتمام :
كيف جرت الأمور ؟
ترددت قليلاً ثم قالت : يبدو أنك تنتظر زواراً ..
قال نعم :
أخي وابنته الصغيرة منى ..
أحبها أكثر من أي شيء في حياتي ..
كل يوم يأتون ليسلوني ..
شيء رائع أن يكون لديك أهل يسألون عنك دوماً ..
أحست همسة بارتياح كبير ..
ابتسمت ..
فقال بشار :
أليس من المفروض أن تأخذي مني عينة مرة أخرى ..
قالت له : ولهذا أتيت ..
ابتسم لها ..
بدأت في سحب العينة ..
قال لها : ما رأيك لو أرافقك إلى المختبر ..
منذ زمن بعيد لم أدخله ..
أومأت له موافقة ..
وذهبا سوية ..
وفي المختبر ..
قال لها ..
وضعت الشريحة ..
ووضعت على العدسة الجهاز حتى تتكبر الصورة على الشاشة ..
فأمسك هو الميكروسكوب وقال :
انظري ..
في أي عينة عن الأورام ..
لا بد أن تنظري للحد الفاصل ما بين
طبقة
Epithelium و connective tissue
" النسيج الطلائي والضام "
حتى تعرفي إن كان هناك اختراق أو لا ..
ألم تدرسي الصفات الستة للخلايا السرطانية ؟
قالت : بلى ..
أن تكون الأنوية غريبة الشكل ..
أن لا تماثل الخلايا الأصلية ..
أن يكون فيها انقسام غير مباشر نشط جداً ..
أن يكون فيها اختراق لطبقة النسيج الضام
أن يكون حجم السيتوبلازم إلى النواة
1:1
أن تكون النواة زرقاء ..
نظر لها بشار مبتسماً وقال :
يحق لك أن تكوني الأولى على الدفعة ..
ولكن الدراسة ليست أهم شيء ..
أهم شيء التطبيق ..
وأن تحسي أنك تقومي بما تحفظي ..
كثير هم الأطباء الذي يتحصلون على درجات عالية في السنوات الأكاديمية ..
ولكن الطبيب الذي يمارس المهنة باحتراف ..
ويتقن العمل ..
هو المطلوب هذه الأيام ..
أحست همسة .. أنه دكتور بحق ..
وأنها تتعلم منه خبراته ..
أخذت تستمع إليه في استمتاع حقيقي ..
وبعد أن نظرا ..
تأكدت أنه ورم خبيث ..
أحست قلبها ينقبض ..
أحست بحزن شديد ..
وصمتت لبرهة ..
أما هو فكأنما بشرح شيئاً لا يخصه ..
وكأنه لا يدرك أن هذا المرض قاتل ..
نظرت له وقالت بعيون بدأت تحمر وتتجمع فيها الدموع :
أنت تعلم أن حالتك خطيرة أليس كذلك ؟
نظر لها مبتسماً وقال :
لعلك تتساءلين من أين أملك هذا التفاؤل ..
ولعلك تتساءلين ..
لم لم أتعالج في الخارج ..
في اليابان ..
أو في أي مكان آخر ..
مادمت أعرف الذي أعرف ..
نظرت فيه متسائلة بحق ..
قال :
الموضوع طوووووووووووووويل ..
هل تريدي بحق أن تستمعي ؟
أومأت برأسها موافقة ..
قال لها مبتسماً :
ما رأيك أن أدعوك إلى كوب من القهوة أولاً ..
خرجا سويا ..
وذهبا إلى الكفتيريا ..
جلسا هناك ..
قال لها :
قولي لي أولاً ..
كيف جرت الأمور البارحة ..
ترددت قليلاً : ولكنها أخبرته ..
بكل الذي حصل ..
أحست براحة غريبة في الحديث معه ..
وأنها لا تخشى شيئاً في الحديث معه ..
أخبرته حتى اليوم عندما ذهبت إلى دبنهامز ..
نظر فيها وقال :
هل تريدني أن أفسر لك حالتك ؟
تطلعت فيه متشوقة أن تسمع لما يقول ..
فقال ..
سأخبرك ..
لقد مررت البارحة بضغط عالي بحق ..
مزيج مختلط من المشاعر ..
جعلك تحسين بالانفجار ..
ولولا تدخل الدكتور ياسر ..
لكنت الآن تمرين بحالة عصيبة ..
أتعرفين لم سكبت عليك الماء البارحة ؟
لأنك كنت متوترة ..
لا يجب أن يراك مرضاك هكذا ..
لا بد أن تكوني واثقة من نفسك ..
كان لا بد أن تفزعي قليلاً لتنسى كل هذا ..
فقالت هي : تلك هي القاعدة الأولى ..
فأومأ وهو بتابع ..
وقال ببطء ..
يبدو أنك تخافين الرومانسية ..
وتخفينها بذلك التهكم الذي تملئين به نفسك عندما تتحدثين ..
أظن أني البارحة حين مسست وجهك ..
وأطلت النظر ..
كسرت هذا الحاجز ..
أعتذر عن ذلك ..
وبعد ذلك أحسست أنك تريدين أن تتمردي على نفسك ..
على الحياة التي أغلقت نفسك فيها برغبتك ربما ..
وربما برغبة الحياة التي فرضتها عليك عائلتك ..
هل أمك سعودية ؟
فقالت : نعم إنها سعودية في الأصل .. ولكنها تمتلك الجنسية الأمريكية .. عاشت هنالك مع جدي معظم حياتها ..
جدتي أمريكية ..
ابتسم وقال : توقعت هذا ..
فقالت : لأني عيناي زرقاوان ؟
قال : لا .. بل لأنك فتاة عملية جداً ..
وتلك صفة لا تتوفر فينا نحن الشرقيين العاطفيين في الأغلب ..
ذهلت همسة من هذا التحليل الغريب ..
ولكنه بالفعل هذا الذي حصل ..
دون مراء ..
صمتت قليلاً ..
ثم قالت له :
ألن تخبرني ؟
قال لها :
اسمعيني إذا ..
هل تذكرين تلك الفتاة التي أخبرتك عنها ..
مايا ؟
قالت همسة : اسمها مايا ..
بدأ صوته يغلب عليه حزن ما وهو يقول ..
نعم اسمها مايا ..
كانت ..
وفجأة صدر صوت لنغمة خفيفة ..
رفع بشار جواله :
أهلاً وسام ..
أين أنت ؟
أنا في الكافتيريا .. لا .. لا ..
سآتي حالاً ..
هل منى معك ؟
ههههههههههههه ..
قل لها : عمو بشار سيهديك مفاجأة ..
أقفل الخط ..
التفت إلى همسة ..
التي قالت : أخوك ؟
قال : نعم ..
قالت : لن أعطلك ..
أراك غداً ..
ابتسم لها ..
ثم قال :
امممم .. هل تساعدينني ؟
قالت : فيم ؟
قال : أريد أن أشتري لابنة أخي هدية ..
ولا أعرف ما أختار ..
ذهبت معه إلى الكشك الصغير التابع للكافتيريا ..
الذي يشتري منه بعض الزوار هداياهم للمرضى ..
وجد دباً صغيراً ..
قال لها : ما رأيك في هذا الدب ؟
نظرت فيه ..
كان أبيض اللون ..
يعتمر قبعة وردية ..
ويمسك في يديه قلباً وردي اللون ..
ابتسمت وقالت : جميل جداً ..
فقال للبائع ..
أريد اثنين ..
دفع حسابهما ..
ومشى معها ..
حتى وصلا الغرفة ..
وعند الباب ..
قال لها : أراك غداً ..
ابتسمت له ..
تطلع فيها قليلاً ثم مد يده لها وقال :
هذه هدية لك ..
وقدم لها أحد الدبين ..
نظرت فيه ..
ابتسم وقال :
إنه ب 30 ريال .. وليس كنظارتك أم خمسة ريال ..
لم يترك لها فرصة للكلام ..
دخل الغرفة وأغلق الباب ..
وقفت هي في الرواق ..
تنظر في الدب ..

بعد ساعات ..
كانت تستقل سيارتها وهي عائدة إلى المنزل ..
وصلت ..
صعدت غرفتها ..
كان الصباح في بدايته ..
أخرجت من حقيبتها الدب ..
وضعته جوارها على الطاولة ..
هزته في أنفه ..
كانت تشعر بالنعاس ..
بعد تغير موعد نومها والترتيب الذي كانت تسير فيه في حياته ..
غطت نفسها في الفراش ..
بعد أن لبست بجامتها السوداء ذات الأطراف الحمراء ..
جلست فترة تحت الفراش ..
وهي تفكر ..
ترى ما حكايتك يا بشار ؟
أخذت تفكر وتفكر ..
ثم تنهدت وقالت :
غدا سأعرف كل شيء ..
ولكن الفضول كان أقوى منها ..
كانت تفكر وتفكر وتفكر ..
إلى أن غلبها النعاس فنامت ..
وكان الدب بجوار المصباح ..
في قمة الجمال يطالع لها في ود ..
وحب

الجزء القادم بأذن الله سيكون مميزا مميزا جدا
 

إنضم
Oct 3, 2008
المشاركات
6,719
مستوى التفاعل
69
المطرح
دمشق باب توما
كل مرة بنشد أكتر للقصة وكأنها مسلسل تلفزيوني بانتظار الجزء الفادم
 

دلوعه بس نغشه

بيلساني شهم

إنضم
May 6, 2009
المشاركات
285
مستوى التفاعل
5
المطرح
عرب 48
يسلمو كتيير انا الصراحه استمتعت بقرائتها انتظرها بفارغ الصبر
يسلموووووووووو
 

سحر الشرق

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Dec 15, 2008
المشاركات
733
مستوى التفاعل
30
المطرح
دمشق
بسم الله الرحمن الرحيم





الجزءالخامس









الساعة العاشرة صباحاً
..
استيقظت همسة على جوالها
..
بنغمةبلو
..
ردت على الجوال دون أنتنظر على الرقم
..
والحق يقال
..
ليس هناك أكثر عذوبة من ت فتاة لتوهاتستيقظ من النوم
..
صوت يغمره الدلال
..
يملأه الدلع
..
قالت : ألو؟

فرد عليها صوت أخذت بهدوء تحلله في عقلهاوهو يقول : همسة ؟
أخذت تفكر من يكون هذاالشخص ..
نظرت في شاشة جوالها
..
فقرأت
: Feras
حاولتأن تعدل من صوتها
..
علت شفتيها ابتسامة وهيتحاول أن تتكلم بصوت طبيعي
..
أهلاد. فراس
..
قال لها : آسف لم أكنأعلم أنك نائمة
..
قالت له : لا عليك
..
ثم تثاءبت
..
ومعها ابتسم فراس حتى أذنيه
..
كانت في غاية الفتنة
..
وصوتها أكثر جمالاً من أي وقت مضى
..
قال لها : فقط اتصلت حتى أطمأن عليك
..
البارحة لم أرك
..
واليوم أيضاً
..
أتمنى أن لا يكون مكروهاً قد أصابك
..
قالت له : لا .. فقط غيرت دوامي إلى الفترةالمسائية ليومين فقط
..
قاللها : آها .. أوكي
..
أأنتبخير ؟

قالت له : شكراً علىاتصالك ..
قال لها : لا داعي لأنتقولي هذا الكلام
..

المستشفى بدونك لا تعنيشيئاً
..
أحست همسة بالدم يتجمع فيخديها
..
أصبح الخجل شيئاً مألوفاًقد تتعامل معه يومياً
..
فقالتبهمس : شكراً
>>
صمت فراس للحظات ثم قال
:

إذا سأراك الثلاثاء؟

قالت له : بالتأكيد ..
رد عليها : أوكي مع السلامة
..
قالت : وعليكم السلام
..

أقفلت السماعة
..





إنهاأول مرة يتصل بها فراس
..
امممممم
..
ما الذي أحس به؟

لا أدري ..
جلست همسة على فراشها وشعرها البني قد انتفش
..
وأصبح أشعثاً
..
أخذت تتأمل الغرفة في شيء من الاستغراب
..
وكأنها تراها لأول مرة
..
وقع عينها على الدب في طاولتها جوار السرير
..
تأملته في بلاهة قليلاً
..


لمَ عواطفها في حالة منالاضطراب ؟؟








الساعةالثامنة مساءً ..
همسة تنزل من سيارةالسائق
..
وتمشي في خطى أنيقة إلىداخل المستشفى الجامعي
..
وفينفسها ارتياح عميق
..
لا تدري لم
..
ولكنها لم تكن على علم بما ينتظرها اليوم
..
لم تكن تعرف لأي مدى سوف تؤثر فيها قصة بشار
..
كانت تحس بأنها قصة عادية
..
تسير الدنيا من بعدها ولا تقف
..
ولكنها كانت على خطأ
..





دخلت المستشفى
..
كانتخطواتها منتعشة
..
مشت بمرح حتى وصلت إلى غرفتها
..
وقبلأن تدخلها
..
وجدت تلك الوردة الحمراء
..
علىالباب الذي كان مقفلاً
..
أخذت الوردة
..
طالعت فيها
..
وابتسمت
..



دخلت غرفتها
..
وأغلقت الباب
..
وبدأت في قراءة تقاريرها
..
وبعددقائق
..
خرجتمن الغرفة
..
بسماعة الأطباء الشهيرة
..
التييحلم الكثير من الآباء أن يرتديها أبناؤهم في يوم من الأيام
..
ذهبتإلى قسمها
..
قسم الأورام
..
توجهت نحو الغرفة 246
..
دخلت الغرفة
..


ثمووقفت على عتبة الباب
..
وجدتبشار .. يرتجف من شدة البرد
..
وجسدهينتفض بقوة أمامها
..
جرتنحوه
..
أخذت تنظر فيه
..
وكأنما لوهلة نست أنها طبيبة
..
وضعت يدها على جبهته
..
وجدته ساخنا جداً
..
ضغطت على زر استدعاء الممرضة
..
أخذت البطانية الثقيلة
..
وأخذت تغطيه
..
وهي تحس بجزع بلا حدود

دخلت الممرضة
..

قالت همسة بجدية تدل على طبيبة محترفةواثقة
:
Tramadol
وكمادات باردة
"
بسرعة
..
وبشار
..
لا يكاد يحس بشيء من هذا
..
إنه في حالة شديدة

Acute stage
حاولت همسة أن تدفع بشارجانباً
..
ولكن عضلاته كانت في حالةمتيبسة
..
فلم تجد بداً من أن تشقله ثياب المستشفى الزرقاء
..
وتخترق جلد يديه بالإبرة
..
ليتدفق السائل الشفاف في يد بشار
..
أخذت تنظر إليه في إشفاق
..
أحست كم هناك الكثير من الناس من يحتاجهابحق .. نظرت له بحنان
..
أخذتالكمادات من الممرضة
..
ووضعتها بيديها على رأس بشار
..
بعدأن غطته بتلك البطانيات
..
وبعدلحظات بدأ يسكن قليلاً
..


زفرت بقوة
..
ثم خرجت
..
وقالت للممرضة
:
What the hell you were doing?
كانت في حالة عصبية
..
فقالت الممرضة
:
I checked him before 10 minutes .. he was OK ..
نظرت لها همسة بقسوة
..
ثم أخذت بقية أوراقها
..
ومشت وهي تقول
:
Watch it out!


أحست أنها غاضبة بحق ..
وأخذت تمر على المرضى الباقين تطمأن على حالتهم ..
وبعد أن انتهت بعد ساعة ..
كانت متوترة جداً ..
جلست في مكتبها ..
تنهدت تنهدية طويلة ..



فكرت ..
لم لا أذهب إليه ..
فقط لأطمأن على حالته ..
أخذت تمشي في دهاليز المستشفى ..
ورائحة المنظفات تعبق في الهواء ..
وهدوء مخيف أحياناً يغمر المكان ..
وبرودة تبعث القشعريرة ..
مشت حتى وصلت إلى الباب ..
طرقته بلطف ..
ودخلت ..
لم تهتم للممرضة التي كانت حانقة عليها .. من تلك المعاملة الجافة ..
والتي أخذت تسبها بالفلبينية أمام صديقتها ..




كانت الغرفة مضاءة بضوء خافت .. فوق سرير بشار .. جلست جواره ..
أخذت تتأمل فيه ..
لم يكن بقي لها أي عمل ..
إنها فقط ترعى المرضى ..
وعند أي حالة .. يستطيعون أن يتصلوا بها على بيجرها ..
وهي طريقة مألوفة جداً لدى جميع الأطباء ..
نزعت عنه كمادة ..
ووضعت الأخرى ..

وعندما وضعتها ..
بدأ جسده يرتجف مرة أخرى ..
أحست همسة بالخوف ..
نهضت واقتربت منه ..
فصرخ في وجهها بصوت أجش .. وااااااااااااااااااااع ..
فرجعت إلى الوراء خائفة ..
وهي تصرخ :
آآآآآآآآ ..
توقفت لحظة ..
نظرت لبشار .. الذي كان يطالعها ..
ثم انفجر ضاحكاً ..
وقفت للحظات ..
نظرت إليه في حقد وغل ..
أما هو .. فنظر لها وهو يقول بسعادة :
يجب أن آخذ لك صورة ..
شكلك مضحك جداً ..
هههههههههههههههههههه


أما هي .. أحست بالغضب ..
نظرت في يديها التي كانت تضمها إلى صدرها بخوف حقيقي ..
دخلت الممرضة وقالت :
What happen?
نظرت لها همسة .. وألقت عليها ما تبقى من غضبها ..

وخرجت من الباب دونما كلمة ..
وذهبت ..
أما الممرضة .. فأخذت تنظر في بلاهة ..


وبعد أن مشت همسة للحظات ..
نظرت .. فوجدت نفسها في الكافتيريا ..
وقفت قليلاً ..
زمت شفتيها ..
ثم أنزلت رأسها على الأرض ..
تبسمت ..
ثم أخذت تضحك ..
ووضعت يدها على وجهها كأنها خجلة من نفسها ..
جلست على كرسي ..
وأخذت تفكر ..
ما هذا التصرف الصبياني ..

كيف كان هذا الإنسان طبيباً ؟!
سخيف بحق ..
ثم أخذ تضحك مرة أخرى ..
وهي تتخيل نفسها ..
أحست بالإحراج من شكلها ..
لا بد أنه كان سخيفاً بحق ..
طلبت عصير خوخ تروبيكانا الذي تحبه ..
وعندما همت بأن تدفع الحساب ..
وجدت يداً سمراء تمتد ..
وتضع 8 ريالات ..
وهو يقول ..
سأحاسب عنها أيضاً ..
نظرت فوجدت بشار ..
وهو بلباس المستشفى وقد تشقق جزء منه مكان الإبرة ..
نظرت له ..
قالت وكأنما نست لوهلة كل الذي حصل :
يجب أن تكون في الفراش الآن ..
قد تأتيك نوبة رعاش مرة أخرى ..
قال لها متجاهلاً كلامها بابتسامة:
هذا اعتذار مني لك على الحركة ..
نظرت له مبتسمة وقالت :
لا داعي .. شكراً ..
فنظر لها مازحاً وهو يقول :
علي الطلاق .. سوف تأخذينها ..
كان يتكلم معها كما لو كانا أصدقاء يعرفان بعض ..
ابتسمت وقالت : حسناً ..
كان يحتضن هو الآخر في يده عصير برتقال ..
كما لو كانت طفلته ..




وبينما هما يتوجهان نحو الغرفة ..
فتح بشار قنينة العصير .. وأخذ يشرب ..
وبعد أول رشفة قال :
يا ساتر .. حتى العصيرات هنا لها طعم الأدوية!
نظرت له همسة وضحكت ثم قالت :
لم يضربك أحد على يدك ..
فقال : عصير تانج من كافتيريا الأمانة بجوار بيتنا بريال ألذ منه والله ..

ابتسمت همسة ..
فعاد وقال : المشكلة أنه أيضاً بأربعة ريالات ..
قالت همسة :
انتهينا من هذا الموضوع ..
قال لها بتلك الطريقة المرحة:
"عشانك بس" .. لقد كنت عازماً على إقفال المستشفى بالشمع الأحمر ..
لكني قلت .. آخر مرة .. لن يعيدونها مرة أخرى ..
نظرت فيه همسة وابتسمت ..



كانوا قد وصلوا إلى الغرفة ..
دخل بشار ..
طلبت همسة من الممرضة نفسها ..
أن تجلب لها ثوباً جديداً لبشار الذي تقطع ..
ذهبت الممرضة ..
وبعد دقائق ..
جاءت بواحد جديد ..
ولكنه كان أصفر ..
فقالت لها همسة :
No .. you have to bring a blue one
انفجرت فيها الممرضة بسيل من الكلمات الفيليبينية ..
فجعت همسة ..
ولم ترد .. إلى أن خرجت الممرضة وأقفلت الباب خلفها بقوة ..
نظرت إلى الباب بعين ذاهلة ..
وقالت : ما بها ؟
لم تنتبه همسة كيف كانت تعامل الممرضة ..
ضحك بشار وقال :
ههههههههههههههههههههه
تحصل في أحسن العوائل ..
تجاهلت همسة الموضوع ..
قالت لبشار ..
كل شيء على ما يرام ؟
قال لها بمودة وأريحية:
اجلسي ..
لدي بسكويت رائع هنا ..
وحلويات ..
جميل أن يكون الإنسان مريضاً
تأتيه هدايا كثيرة ..
أخذت همسة تنظر له بتعجب ..
فضحك وقال : أمزح ..

الحمد لله على العافية ..
كانت تحاول أن تسيطر على ملامحها الجدية .. قدر ما تستطيع بما يليق بأن تكون طبيبة .. ثم قالت : إن احتجت شيئاً ..
الممرضة في الجوار ..





كانت تصطنع الثقل ..
رغم أنها كانت تود أن تسمع قصة مايا بكل جوارحها ..
فقال بشار ببساطة :
لم لا تجلسين قليلاً ..
سوف يأتي وسام ومعه حبيبتي منى ..
قالت همسة وهي تتصنع : امممممم ..
حسناً .. ولكني لن أطيل ..
ابتسم وقال : أعرف ..
جلست همسة ..
فقال بشار :
هل تريدين أن تعرفي ما الذي حصل لي مع مايا ؟
ثم جعل المخدة تحتضن رأسه ..
وذهب ببصره إلى أفق الغرفة البعييييييييد ..







دخل بشار غرفة مايا ..
كان حيوياً كعادته ..
كان يحمل معه باقة صغيرة من ورد أحمر جميل ..
"أهلا يا مايا "
نظرت مايا فيه بخجل شديد ..
وقالت وهي تنزل عينيها في الأرض : أهلاً ..
جلس جوارها .. ووضع الورد في المزهرية ..
فقالت بحياء :
ممن هذا الورد اليوم ؟
نظر فيها وقال وهي يتظاهر بالتفكير :
امممم
إنه من .. من .. من .. من حارس الأمن ..
فقالت له مبتسمة تجاريه:
لقد جلب لي قبل 3 أيام باقة ورد ..
قال لها : لا .. إنه رجل الأمن الآخر ..

فقالت مايا : دكتور بشار .. أرجوك .. لك أكثر من أسبوعين .. تجلب لي الورود ..
وفي كل مرة تقول لي بأنه من أحد العاملين في المستشفى .. هذا كثير ..
كانت تنطق اسم بشار بتلك اللكنة اليابانية التي تمسح معظم الأحرف .. حتى لتبدو الكلمات سائحة على بعضها .. ولكنها كانت على قلب بشار مثل العسل الصافي ..
نظر لها وقال مبتسماً :
لا شيء كثير عليك ..
تورد خداها في خجل شديد ..
كان بشار يمر عليها في هذه الأسبوعين كل يوم ..
لقد أصبح ينام في المستشفى ..
وهو أمر يفعله بعض الأطباء المجتهدين ..
الذين يريدون التعلم ..
فيكون لديهم مناوبات في الليل ..
وفي الصباح يرافقون بعض الأطباء المشهورين لإجراء عملية ما ..
وهكذا ..
شيء من التعب ..
ولكن رغبة العلم عند الأطباء بلا حدود ..
حتى في السعودية ..
طبعاً ليس الكل ..




وكانت مايا بدون نقاش تحس بأن بشار يعاملها معاملة خاصة للغاية ..
كانت تحس أنه يحبها بحق ..
كانت نسمة رقيقة بكل معاني هذه الكلمة ..
حساسة كصفحة ماء نقية ..
خجولة بشكل غير طبيعي ..
كانت بكل معاني الكلمة ملاكاً نقياً ..
عرف بشار فيما بعد أنها طالبة في السنة الأولى في كلية الفنون ..
كانت تحب الرسم ..
وكان بشار ..
يجلب لها دون أن تطلب هي .. بعض الألوان واللوحات ..
ويطلب منها أن ترسم ..
كانت ترسم الطبيعة ..
وعند علماء النفس ..
رسم الطبيعة دليل على الوحدة ..
والانطوائية ..
هكذا تعلم بشار من مادة علم النفس التي درسها في سنته الخامسة من كلية الطب ..
كان يحب أن يراها وهي ترسم ..
وهي كانت تتعمد أن تتحاشى نظراته ..
التي كان يمطرها إياها بكل استمتاع ..
كان يرى فيها براءة وعذوبة يستطيع أن يرتشف منها إلى الأبد ..
كان يتخيلها دوماً ..
مجسماً للرقة .. في دولاب زجاجي ..
لا يحق لأحد في الدنيا حتى مسه ..
 

سحر الشرق

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Dec 15, 2008
المشاركات
733
مستوى التفاعل
30
المطرح
دمشق
بسم الله الرحمن الرحيم





الجزءالخامس








الساعة العاشرة صباحاً ..
استيقظت همسة على جوالها ..
بنغمةبلو ..
ردت على الجوال دون أنتنظر على الرقم ..
والحق يقال ..
ليس هناك أكثر عذوبة من ت فتاة لتوهاتستيقظ من النوم ..
صوت يغمره الدلال ..
يملأه الدلع ..
قالت : ألو؟
فرد عليها صوت أخذت بهدوء تحلله في عقلهاوهو يقول : همسة ؟
أخذت تفكر من يكون هذاالشخص ..
نظرت في شاشة جوالها ..
فقرأت : Feras
حاولتأن تعدل من صوتها ..
علت شفتيها ابتسامة وهيتحاول أن تتكلم بصوت طبيعي ..
أهلاد. فراس ..
قال لها : آسف لم أكنأعلم أنك نائمة ..
قالت له : لا عليك ..
ثم تثاءبت ..
ومعها ابتسم فراس حتى أذنيه ..
كانت في غاية الفتنة ..
وصوتها أكثر جمالاً من أي وقت مضى ..
قال لها : فقط اتصلت حتى أطمأن عليك ..
البارحة لم أرك ..
واليوم أيضاً ..
أتمنى أن لا يكون مكروهاً قد أصابك ..
قالت له : لا .. فقط غيرت دوامي إلى الفترةالمسائية ليومين فقط ..
قاللها : آها .. أوكي ..
أأنتبخير ؟
قالت له : شكراً علىاتصالك ..
قال لها : لا داعي لأنتقولي هذا الكلام ..

المستشفى بدونك لا تعنيشيئاً ..
أحست همسة بالدم يتجمع فيخديها ..
أصبح الخجل شيئاً مألوفاًقد تتعامل معه يومياً ..
فقالتبهمس : شكراً >>
صمت فراس للحظات ثم قال :

إذا سأراك الثلاثاء؟
قالت له : بالتأكيد ..
رد عليها : أوكي مع السلامة ..
قالت : وعليكم السلام ..

أقفلت السماعة ..





إنهاأول مرة يتصل بها فراس ..
امممممم ..
ما الذي أحس به؟
لا أدري ..
جلست همسة على فراشها وشعرها البني قد انتفش ..
وأصبح أشعثاً ..
أخذت تتأمل الغرفة في شيء من الاستغراب ..
وكأنها تراها لأول مرة ..
وقع عينها على الدب في طاولتها جوار السرير ..
تأملته في بلاهة قليلاً ..


لمَ عواطفها في حالة منالاضطراب ؟؟







الساعةالثامنة مساءً ..
همسة تنزل من سيارةالسائق ..
وتمشي في خطى أنيقة إلىداخل المستشفى الجامعي ..
وفينفسها ارتياح عميق ..
لا تدري لم ..
ولكنها لم تكن على علم بما ينتظرها اليوم ..
لم تكن تعرف لأي مدى سوف تؤثر فيها قصة بشار ..
كانت تحس بأنها قصة عادية ..
تسير الدنيا من بعدها ولا تقف ..
ولكنها كانت على خطأ ..





دخلت المستشفى ..
كانتخطواتها منتعشة ..
مشت بمرح حتى وصلت إلى غرفتها ..
وقبلأن تدخلها ..
وجدت تلك الوردة الحمراء ..
علىالباب الذي كان مقفلاً ..
أخذت الوردة ..
طالعت فيها ..
وابتسمت..



دخلت غرفتها ..
وأغلقت الباب ..
وبدأت في قراءة تقاريرها ..
وبعددقائق ..
خرجتمن الغرفة ..
بسماعة الأطباء الشهيرة ..
التييحلم الكثير من الآباء أن يرتديها أبناؤهم في يوم من الأيام ..
ذهبتإلى قسمها ..
قسم الأورام ..
توجهت نحو الغرفة 246 ..
دخلت الغرفة ..


ثمووقفت على عتبة الباب ..
وجدتبشار .. يرتجف من شدة البرد ..
وجسدهينتفض بقوة أمامها ..
جرتنحوه ..
أخذت تنظر فيه ..
وكأنما لوهلة نست أنها طبيبة ..
وضعت يدها على جبهته ..
وجدته ساخنا جداً ..
ضغطت على زر استدعاء الممرضة ..
أخذت البطانية الثقيلة ..
وأخذت تغطيه ..
وهي تحس بجزع بلا حدود
دخلت الممرضة ..

قالت همسة بجدية تدل على طبيبة محترفةواثقة:
Tramadol
وكمادات باردة"
بسرعة ..
وبشار ..
لا يكاد يحس بشيء من هذا ..
إنه في حالة شديدة
Acute stage
حاولت همسة أن تدفع بشارجانباً ..
ولكن عضلاته كانت في حالةمتيبسة ..
فلم تجد بداً من أن تشقله ثياب المستشفى الزرقاء ..
وتخترق جلد يديه بالإبرة ..
ليتدفق السائل الشفاف في يد بشار ..
أخذت تنظر إليه في إشفاق ..
أحست كم هناك الكثير من الناس من يحتاجهابحق .. نظرت له بحنان ..
أخذتالكمادات من الممرضة ..
ووضعتها بيديها على رأس بشار ..
بعدأن غطته بتلك البطانيات ..
وبعدلحظات بدأ يسكن قليلاً ..


زفرت بقوة ..
ثم خرجت ..
وقالت للممرضة :
What the hell you were doing?
كانت في حالة عصبية ..
فقالت الممرضة :
I checked him before 10 minutes .. he was OK ..
نظرت لها همسة بقسوة ..
ثم أخذت بقية أوراقها ..
ومشت وهي تقول :
Watch it out!


أحست أنها غاضبة بحق ..
وأخذت تمر على المرضى الباقين تطمأن على حالتهم ..
وبعد أن انتهت بعد ساعة ..
كانت متوترة جداً ..
جلست في مكتبها ..
تنهدت تنهدية طويلة ..



فكرت ..
لم لا أذهب إليه ..
فقط لأطمأن على حالته ..
أخذت تمشي في دهاليز المستشفى ..
ورائحة المنظفات تعبق في الهواء ..
وهدوء مخيف أحياناً يغمر المكان ..
وبرودة تبعث القشعريرة ..
مشت حتى وصلت إلى الباب ..
طرقته بلطف ..
ودخلت ..
لم تهتم للممرضة التي كانت حانقة عليها .. من تلك المعاملة الجافة ..
والتي أخذت تسبها بالفلبينية أمام صديقتها ..




كانت الغرفة مضاءة بضوء خافت .. فوق سرير بشار .. جلست جواره ..
أخذت تتأمل فيه ..
لم يكن بقي لها أي عمل ..
إنها فقط ترعى المرضى ..
وعند أي حالة .. يستطيعون أن يتصلوا بها على بيجرها ..
وهي طريقة مألوفة جداً لدى جميع الأطباء ..
نزعت عنه كمادة ..
ووضعت الأخرى ..

وعندما وضعتها ..
بدأ جسده يرتجف مرة أخرى ..
أحست همسة بالخوف ..
نهضت واقتربت منه ..
فصرخ في وجهها بصوت أجش .. وااااااااااااااااااااع ..
فرجعت إلى الوراء خائفة ..
وهي تصرخ :
آآآآآآآآ ..
توقفت لحظة ..
نظرت لبشار .. الذي كان يطالعها ..
ثم انفجر ضاحكاً ..
وقفت للحظات ..
نظرت إليه في حقد وغل ..
أما هو .. فنظر لها وهو يقول بسعادة :
يجب أن آخذ لك صورة ..
شكلك مضحك جداً ..
هههههههههههههههههههه


أما هي .. أحست بالغضب ..
نظرت في يديها التي كانت تضمها إلى صدرها بخوف حقيقي ..
دخلت الممرضة وقالت :
What happen?
نظرت لها همسة .. وألقت عليها ما تبقى من غضبها ..

وخرجت من الباب دونما كلمة ..
وذهبت ..
أما الممرضة .. فأخذت تنظر في بلاهة ..


وبعد أن مشت همسة للحظات ..
نظرت .. فوجدت نفسها في الكافتيريا ..
وقفت قليلاً ..
زمت شفتيها ..
ثم أنزلت رأسها على الأرض ..
تبسمت ..
ثم أخذت تضحك ..
ووضعت يدها على وجهها كأنها خجلة من نفسها ..
جلست على كرسي ..
وأخذت تفكر ..
ما هذا التصرف الصبياني ..

كيف كان هذا الإنسان طبيباً ؟!
سخيف بحق ..
ثم أخذ تضحك مرة أخرى ..
وهي تتخيل نفسها ..
أحست بالإحراج من شكلها ..
لا بد أنه كان سخيفاً بحق ..
طلبت عصير خوخ تروبيكانا الذي تحبه ..
وعندما همت بأن تدفع الحساب ..
وجدت يداً سمراء تمتد ..
وتضع 8 ريالات ..
وهو يقول ..
سأحاسب عنها أيضاً ..
نظرت فوجدت بشار ..
وهو بلباس المستشفى وقد تشقق جزء منه مكان الإبرة ..
نظرت له ..
قالت وكأنما نست لوهلة كل الذي حصل :
يجب أن تكون في الفراش الآن ..
قد تأتيك نوبة رعاش مرة أخرى ..
قال لها متجاهلاً كلامها بابتسامة:
هذا اعتذار مني لك على الحركة ..
نظرت له مبتسمة وقالت :
لا داعي .. شكراً ..
فنظر لها مازحاً وهو يقول :
علي الطلاق .. سوف تأخذينها ..
كان يتكلم معها كما لو كانا أصدقاء يعرفان بعض ..
ابتسمت وقالت : حسناً ..
كان يحتضن هو الآخر في يده عصير برتقال ..
كما لو كانت طفلته ..




وبينما هما يتوجهان نحو الغرفة ..
فتح بشار قنينة العصير .. وأخذ يشرب ..
وبعد أول رشفة قال :
يا ساتر .. حتى العصيرات هنا لها طعم الأدوية!
نظرت له همسة وضحكت ثم قالت :
لم يضربك أحد على يدك ..
فقال : عصير تانج من كافتيريا الأمانة بجوار بيتنا بريال ألذ منه والله ..

ابتسمت همسة ..
فعاد وقال : المشكلة أنه أيضاً بأربعة ريالات ..
قالت همسة :
انتهينا من هذا الموضوع ..
قال لها بتلك الطريقة المرحة:
"عشانك بس" .. لقد كنت عازماً على إقفال المستشفى بالشمع الأحمر ..
لكني قلت .. آخر مرة .. لن يعيدونها مرة أخرى ..
نظرت فيه همسة وابتسمت ..



كانوا قد وصلوا إلى الغرفة ..
دخل بشار ..
طلبت همسة من الممرضة نفسها ..
أن تجلب لها ثوباً جديداً لبشار الذي تقطع ..
ذهبت الممرضة ..
وبعد دقائق ..
جاءت بواحد جديد ..
ولكنه كان أصفر ..
فقالت لها همسة :
No .. you have to bring a blue one
انفجرت فيها الممرضة بسيل من الكلمات الفيليبينية ..
فجعت همسة ..
ولم ترد .. إلى أن خرجت الممرضة وأقفلت الباب خلفها بقوة ..
نظرت إلى الباب بعين ذاهلة ..
وقالت : ما بها ؟
لم تنتبه همسة كيف كانت تعامل الممرضة ..
ضحك بشار وقال :
ههههههههههههههههههههه
تحصل في أحسن العوائل ..
تجاهلت همسة الموضوع ..
قالت لبشار ..
كل شيء على ما يرام ؟
قال لها بمودة وأريحية:
اجلسي ..
لدي بسكويت رائع هنا ..
وحلويات ..
جميل أن يكون الإنسان مريضاً
تأتيه هدايا كثيرة ..
أخذت همسة تنظر له بتعجب ..
فضحك وقال : أمزح ..

الحمد لله على العافية ..
كانت تحاول أن تسيطر على ملامحها الجدية .. قدر ما تستطيع بما يليق بأن تكون طبيبة .. ثم قالت : إن احتجت شيئاً ..
الممرضة في الجوار ..





كانت تصطنع الثقل ..
رغم أنها كانت تود أن تسمع قصة مايا بكل جوارحها ..
فقال بشار ببساطة :
لم لا تجلسين قليلاً ..
سوف يأتي وسام ومعه حبيبتي منى ..
قالت همسة وهي تتصنع : امممممم ..
حسناً .. ولكني لن أطيل ..
ابتسم وقال : أعرف ..
جلست همسة ..
فقال بشار :
هل تريدين أن تعرفي ما الذي حصل لي مع مايا ؟
ثم جعل المخدة تحتضن رأسه ..
وذهب ببصره إلى أفق الغرفة البعييييييييد ..







دخل بشار غرفة مايا ..
كان حيوياً كعادته ..
كان يحمل معه باقة صغيرة من ورد أحمر جميل ..
"أهلا يا مايا "
نظرت مايا فيه بخجل شديد ..
وقالت وهي تنزل عينيها في الأرض : أهلاً ..
جلس جوارها .. ووضع الورد في المزهرية ..
فقالت بحياء :
ممن هذا الورد اليوم ؟
نظر فيها وقال وهي يتظاهر بالتفكير :
امممم
إنه من .. من .. من .. من حارس الأمن ..
فقالت له مبتسمة تجاريه:
لقد جلب لي قبل 3 أيام باقة ورد ..
قال لها : لا .. إنه رجل الأمن الآخر ..

فقالت مايا : دكتور بشار .. أرجوك .. لك أكثر من أسبوعين .. تجلب لي الورود ..
وفي كل مرة تقول لي بأنه من أحد العاملين في المستشفى .. هذا كثير ..
كانت تنطق اسم بشار بتلك اللكنة اليابانية التي تمسح معظم الأحرف .. حتى لتبدو الكلمات سائحة على بعضها .. ولكنها كانت على قلب بشار مثل العسل الصافي ..
نظر لها وقال مبتسماً :
لا شيء كثير عليك ..
تورد خداها في خجل شديد ..
كان بشار يمر عليها في هذه الأسبوعين كل يوم ..
لقد أصبح ينام في المستشفى ..
وهو أمر يفعله بعض الأطباء المجتهدين ..
الذين يريدون التعلم ..
فيكون لديهم مناوبات في الليل ..
وفي الصباح يرافقون بعض الأطباء المشهورين لإجراء عملية ما ..
وهكذا ..
شيء من التعب ..
ولكن رغبة العلم عند الأطباء بلا حدود ..
حتى في السعودية ..
طبعاً ليس الكل ..




وكانت مايا بدون نقاش تحس بأن بشار يعاملها معاملة خاصة للغاية ..
كانت تحس أنه يحبها بحق ..
كانت نسمة رقيقة بكل معاني هذه الكلمة ..
حساسة كصفحة ماء نقية ..
خجولة بشكل غير طبيعي ..
كانت بكل معاني الكلمة ملاكاً نقياً ..
عرف بشار فيما بعد أنها طالبة في السنة الأولى في كلية الفنون ..
كانت تحب الرسم ..
وكان بشار ..
يجلب لها دون أن تطلب هي .. بعض الألوان واللوحات ..
ويطلب منها أن ترسم ..
كانت ترسم الطبيعة ..
وعند علماء النفس ..
رسم الطبيعة دليل على الوحدة ..
والانطوائية ..
هكذا تعلم بشار من مادة علم النفس التي درسها في سنته الخامسة من كلية الطب ..
كان يحب أن يراها وهي ترسم ..
وهي كانت تتعمد أن تتحاشى نظراته ..
التي كان يمطرها إياها بكل استمتاع ..
كان يرى فيها براءة وعذوبة يستطيع أن يرتشف منها إلى الأبد ..
كان يتخيلها دوماً ..
مجسماً للرقة .. في دولاب زجاجي ..
لا يحق لأحد في الدنيا حتى مسه ..
 

هنوو

بيلساني نشيط

إنضم
Jun 30, 2009
المشاركات
56
مستوى التفاعل
0
المطرح
السعوديه بالمدينه المنوره تحديداا
رااحه مررررا روووووووووعه بليييز كمليها
 

إنضم
Dec 19, 2008
المشاركات
7,822
مستوى التفاعل
15
المطرح
في احلامي
يلا كمليها الئصه كتير حلوه

يسلمو هي كم جزء؟
 

المستشـــار

أدميرال

إنضم
Aug 21, 2008
المشاركات
10,962
مستوى التفاعل
82
المطرح
Riyadh
يعطيكي الف عافية قصة كتير حلوه وبانتظار البقية:24:
 

آلبتول

أدميرال

إنضم
Jul 5, 2008
المشاركات
10,067
مستوى التفاعل
172
المطرح
من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
رسايل :

قد أكون ... فراشة تحلق في السماء ولكن في الحقيقة ... ألسع كالنحلة!

روايه متعددة الاجزاء
تم التثبيت :24::24:
 

Bilal Mohammad

رجُل الياسمين

إنضم
Apr 7, 2009
المشاركات
9,884
مستوى التفاعل
105
المطرح
في الســـــماء {..

إنضم
Oct 3, 2008
المشاركات
6,719
مستوى التفاعل
69
المطرح
دمشق باب توما
كتير حلوة القصة بانتظار البقية

:24::24::24:
 

بسمة سوريا

بيلساني ماجستير

إنضم
Jul 17, 2008
المشاركات
994
مستوى التفاعل
9
شو وين الكماالة

شكلها حلوة كتير الرواية
 

سحر الشرق

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Dec 15, 2008
المشاركات
733
مستوى التفاعل
30
المطرح
دمشق
الجزء السادس
كيفحالك اليوم ؟
نظرت فيه مبتسمة وقالت :
بخير
..
نظر في لوحتها التي كانت على طرف السرير
..
وقال : هممممم
..
جميل .. جميل جداً
..
ضحكت مايا وقالت
:
اسكت .. أنت لا تحب الفن كثيراً
..
نظر لها وقال
:
بعد أن عرفتك .. عرفت معنى الفن
..
ابتسمت واحمر خداها مجدداً
..
وضع اللوحة جانباً وقال
:
سوف أراك بعد ساعة
..
إن احتجت أي شيء ماذا ستفعلين؟

قالت بحياء :
أتصل بك
..
ابتسم لها ابتسامة أخيرة
..
وخرج من غرفتها
..


وخارجاً عند الباب
..
وقفبشار
..
ووضع يده على قلبه وقاليتنفس بقوة
:
يا رب
..

ما كل هذا الخفقان؟

ما كل هذا الإحساس؟
أكل هذا حب؟!


تنهد
..
ثم التمعت عينيه في بريق
..
توجه مباشره نحو غرفته
..
فتح الباب
..
ثم أضاء المصابيح
..
التي كشفت عن الأوراق المتناثرة هنا وهناك
..
والكتب الملقاة على الأرض
..
وملصقات صفراء في بعضها
..
وأوراق ملاحظات مكتوبةعلى الجدار
..
وعربة صغيرة
..
تحمل بعض أنابيب الاختبار .. وبعض المحاليل
..
وميكروسكوب ضوئي صغير علىالمكتب .

.
إنه بالتأكيد لم يمضي هذهالأسبوعين فقط ليجلس جوار مايا .. ولكن أيضاً لأنه يعمل بجد حقيقي .. على الرغم منأن هذا العمل كان هذه المرة من أجل مايا
..



خلعبالطو المستشفى
..
ووضعه في الشماعة
..
وجلس في كرسيه
..
فتح دفترا كبيراً أزرقاً
..
وأخذ يقرأ ما كان يكتب البارحة عندما نامعلى الدفتر
..
ثم تنهد
..
وبعد دقائق
..
دخل الدكتور ميان وقال بجدية وتسارع
:
بشار
..
تعال بسرعة
..
ارتدى بشار البالطو وخرج مسرعاً مع الدكتورميان
..
وذهبا حتى وصلا إلى غرفةالمختبر
..
كانت باردة كالثلج
..
دخلا
..

وعلىالشاشة الكبيرة
..
قال الدكتور ميان .. وهويشير إليها
:
هذا فلمللخلايا التي حقناها ب Gp53 alpha تحت المجهر الإلكتروني
..
وهو يعرض أحداثاً مسرعة لما حصل خلال 3أيام

كنا نراقب فيها الخلايا الحية .. بعد أنوضعناها في حضانة ..
كان ميان يتكلم بسرعةبالغة
..
حتى أن بشار بالكاد كانيفهم كلماته اليابانية السريعة
..


أخذبشار يطالع
..
كانت الخلايا تتحرك
..
ولم يكن هناك أي أثر لأي تغيير
..
ولكن فجأة
..
بدأت الخلايا بالحركة
..
وبدأت كرات صغيرة تظهر في نفس الخلايا
..
وتتجمع مع بعضها وتفتح على جارتها
..
حتى تصبح كرة كبيرة
..
وبعد ثواني
..
تفجرت هذه الكرة
..
وأخذت مكونات الخلية تنحسر
..


أخذبشار يطالع في ذهول
..
أفاقمن الدهشة ثم صرخ عالياً
:
نجحنا .. نجحناااااااااااااااااااااا

وقامواحتضن ميان ..
الذي أخذ يصرخ هو الآخر
..
ولكن ميان بدأ يهدأ وهويقول
..
لحظة .. لحظة
..
إننا لم نجرب هذا البحث على خلايا آدمية فيجسم إنسا
..
ولكن بشار قال
:
دكتور .. لم يبق شيء
..
لقد حللنا المشكلة .. الخلية أكلت نفسهابنفسها
..
حتى بقية الخلايا التي لمتتعرض للعقار
..
لم يحصل لها شيء
..
نستطيع أن نقتل بهذا أي ورم في 3 أيام فقط
..
هذا فاق توقعاتنا كثيراً
..
قال ميان في حماسة ممزوجةبسرحان : نعم لقد نجحنا
..
ههههههههههههه

خرج بشار من المختبر وهويكاد يطير من الفرح ..
متجهانحو غرفة مايا
..



دخل الغرفة دون أن يطرقها
..
كان في عنفوان حماسه
..
اقترب منها
..
احتضنها بقوة شديدة
..
وأغمض عينيه .. وكاد أن يقبلها
..
ولكن مايا .. أبعدته عنها بقوة
..
أحس بشار أنها خائفة منه
..
ابتعد
..
وخفت حماسته
..
فقالت : آسف .. لم أكن أقصد
..
فنظرت مايا في يديها
..
وانسدل شعرها على كتفها في نعومة
..
فقال بشار حتى لا تطير حماسته
:
لقد وجدناها يا مايا
..
اكتشفنا العقار أخيراً
..
نظرت له مايا مستفهمة
..
جلس جوارها .. وأخذ يتكلم في انفعال شديد
:
كنت أنا والدكتور ميان نعمل على هذا البحثمنذ زمن بعيد
..
لقد اكتشفنا الطريقة
..
سوف تنجين بإذن الله
..
لم تفهم مايا بإذن الله أبداً
..
ولكنها ابتسمت وقالت بتساؤل حقيقي
:
حقاً؟

قال لها ووجه محمر من كثرة الانفعال : طبعاً ..
لقد وعدتك بأنك ستعيشين
..
مايا
..
مايا
..
مايا .. أحبك ..


لم يعرف بشار كيف قال لها هذه الكلمة ..
ولكنها خرجت في لحظة انفعال
..
كان يحس أن الأحداث تمر بسرعة الصاروخ
..

أمامايا
..


هذا ما سأتوقف عند حدودهفي هذا الجزء
..
حتى أردت أن أفجر كلمعاني التشويق في فن القصة
..
لقدجئت إليكم من جديد
..
وسطوعي يبرق .. انتظروني
..

بأحداث أكثر تشويقاً مما ظننتم أيها السادة
..



كيفكانت ردة فعل مايا؟


ترى ..

هل سينجح بشار في علاج مايا؟


وما علاقة كل هذا بمرض بشار؟

أين فراس من هذه القصة؟

وباقي الأطباء ..

أم أنه انتهى عند هذه النقطة؟




هذا ما ستعرفونه خلاليومين إن شاء الله



1:15 am

الأربعاء بعد منتصف الليل

29 جمادي الثانية 1426ه

ملاحظة صغيرة: هذا الجزء يحتوي على معلومات علمية ..
ومصطلحات حاولت قدر المستطاع أن أترجمها
..
وصور حقيقة
..
أتمنى أن يروق لكم جهدي المتواضع


لقد وعدتك بأنك ستعيشين ..
مايا
..
مايا
..
مايا .. أحبك
..
لم يعرف بشار كيف قال لها هذه الكلمة
..
ولكنها خرجت في لحظة انفعال
..
كان يحس أن الأحداث تمر بسرعة الصاروخ
..

أما مايا
..
فأصابها الذهول
..
وضعت يديها على فمها
..
وهي ترفع حاجبيها
..
ثم توردت كلها دفعة واحدة
..
حتى أنها أخذت تمسك قلبها وتقول بصوت خافت
:
يا إلهي
..
نظر لها بشار وقال
:
مايا .. لا تخشي شيئاَ أنا معك
..
لأول مرة يحس بشار
..
كم هو قريب منها
..
لأول مرة .. يحس أنه في عالم آخر
..
أحس أنه يهوي في عالم بلا حدود
..
في حب بدون كوابح
..
أحس أنه يريد أن يطير
..
إنه سينقذ الفتاة التي يحبها
..
الفتاة التي اعتمرت قلبه كملاك عذب المحيا
..
رقيق المفاتن
..
لإنسانة لو مررت يديها على الورود .. لتفتحت بتلاتها في الشتاء
..
أخذ يتطلع فيها
..
وهي لا تكاد تنظر له من الخجل
..
كان يستلذ بخجلها
..
يحس بها
..
كم هي أنثى عذبة ورائعة بحق
..

تبسم بشار
..
نظرت له وتبسمت
..
وكأنما بريق في العيون تلألأ
..
وكأنما كرة شبه شفافة
..
أخذت تطوقهما
..
وتتسع
..
رويداً رويداً
..
حتى غمرت الكرة الأرضية كلها
..
كان هذا
..
إعلان حب ..





الساعة العاشرة صباحاً ..

بشار يجري في الرواق الغربي من مستشفى نينواه ..
العرق ظهر في وجهه
..
وصل إلى الغرفة
..
دخل إليها بسرعة
..
كانت صغيرة .. لها سقف منخفض
..
وبرودة لا تصدر إلا من تكييف مركزي
..
إضاءة خافتة على جمع غفير كان متوجداً .. وعلى ياقات كل معطف
..
توجد شارة تحمل اسماً وصورة
..
ليكتب فيها اسم الطبيب وصورته
..
وتلك النظرات اللامعة
..
التي تحمل ورائها الكثير من العلم
..

كان الدكتور ميان واقفاً في صدر القاعة
..
أمامه لاب توب من نوع سوني .. ومن وراءه صورة للبروجيكتر
..
مكتوب فيها بالخط العريض
..

Gp53 alpha

ولما شاهد بشار
..
تهللت أساريره
..
أمسك المايكروفون
..
وأخذ يقول
..
دعونا نرحب بالدكتور العبقري الصغير
..

بشار البدري ..

ومجدداً ..
كانت اللغة اليابانية تمسح كل الحروف ..
أحس بشار بالحرج ..
ولكنه وقف هناك محل الدكتور ميان ..
الذي شد على يديه .. وابتسم له مشجعاً ..
كان بشار متوتراً إزاء هذا العدد الكبير ..
من العيون الفاحصة والخبيرة ..
ولكنه وقف .. وشد قامته وقرب فمه من المايكروفون وقال :
صباح الخير ..
اسمي الدكتور بشار البدري ..
المساعد الأول للدكتور ميان منذ أكثر من 8 سنوات في هذا البحث ..
Gp53 alpha
وبمساعدة الدكتور قمت بتطوير عقار خاص ..
سميناه بنفس اسم البحث ..


كما تعلمون ..
إن الجينات التي يحملها الإنسان والتي هي موجودة في كل خلية ..
مزودة ببرمجة عالية الدقة ..
في اختيار وظائفها ..
وكما تعلمون أيضاً أن كل جين مسؤول عن عملية معينة ..
مثلاً الجين Tp53 "الاسم الحقيقي"
والذي يعرف ب Gp53
يقوم بعملية التدمير الذاتي للخلية ..
في حال عدم الاستفادة منها ..
أو في حال تلفها ..
ويمنع أيضاً انقسام الخلايا بالطريقة المباشرة ..
وبالتالي عدم استمرار النمو ..
إن استمرت خلايانا في الانقسام المباشر مدى الحياة ..
سوف تتضخم أجسادنا إلا ما لا نهاية ..
ولذلك كان موجوداً هذا الجين ليقوم بالحراسة والحماية ..

وكما هو معلوم أن الخلية السرطانية ..
دوماً ما يختفي عندها هذا الجين ..

كان الكل يستمع إليه في خشوع رهيب ..

وكأنما على رؤوسهم الطير ..
بكل اهتمام ..
حتى لو سقط منديل على الأرض لربما كان له صوت مسموع ..
نظر بشار في الحاضرين حتى يرى انفعالاتهم ..
ثم ضغط على لوحة المفاتيح .. لتظهر هذه الصورة ..

وأخذ يقول :
على الجهة اليسرى رسم توضيحي لخليه لم ينشط فيها الجين ..

أما الصورة على اليمين توضح ..
كيف أنه عندما نشط هذا الجين ..
عادت الخلية إلى مسارها الطبيعي ..
إما بأن تقتل نفسها ..
وإما بأن تصلح نفسها ..
وتعدل من وظائفها مرة أخرى ..

وظيفة Gp53 alpha ..
تنشيط هذا الجين من الخلايا المجاورة ..

على أن يدخل إليها بواسطة الانتشار البسيط ..
عن طريق الغشاء السيتوبلازمي ..
ويعمل عملها المفقود ..
وبالتالي يعيد النظام إلى الخلية ..

كان تأثير كلام بشار على الحضور عمل السحر في النفوس ..





نظر إلى الحاضرين ..
كانت أعينهم تحملق في
الصور في رهبة
..

وبعد لحظات من الصمت
..
توقف رجل مسن تبدو عليه علامات الوقار
..
وقال : دكتور بشار
..
جهد رائع اللذي بذلته
..
عندي سؤال هل تسمح لي به
؟


صمت الرجل لبرهة وهو يتأمل
نظرات التساؤل في عين بشار
..
فقال
: ولكن ألا تظن أن الجين
BAX2
له دور في هذه المسألة
..
إن الموضوع لا ينتهي
ب Tp 53فقط
..
أنا
أعمل في بحث مطول حول هذا الموضوع من أكثر من 6 سنوات
..
وأظن انه لا يكفي أن
ننشط الجين وحده دون بقية الجينات المؤثرة
..


نظر له
بشار وقال وقد أحس بتوتر طفيف .. رغم إنه يثق فيما لديه من دراية وخبرة في الموضوع
..
ولكننا قد جربنا هذا العقار
..
أما جين
BAX2 فهو خاص بقتل الخلية بطريقة أخرى
..
وإننا لو استطعنا أن ننشط جين واحد على
الأقل فإن الأمر كافي
..
المهم
أن نوقف المرض وليس أن نستعيد كل أنظمة دفاع الجسم والجهاز المناعي
..

والدلائل بالصور لديك الآن
..

جمع
أنفاسه ووجه خطابه للكل
..
كل ما
نطلبه أن تتبنى المستشفى تكاليف التجارب الأخرى
..


فقام رجل أصلع الرأس
.. يرتدي عوينات
..
وبذلة حريرية فاخرة وقال
:
هذه الخلايا آدمية أم لشامبانزي؟

فقال بشار
:
لم نستطع أن نوفر شامبانزي
..
فكما تعلمون الموضوع مكلف ويحتاج إلى الكثير
من الإجراءات
..
استعملنا الأرنب لأنه قريب
جداً من تشريح جسد الإنسان
..
كما أن
لجنة حقوق الإنس
..
قاطعه ذات الرجل وقال
:
عذراً ولكني لن أستطيع أن آخذ هذه النتائج
على محمل الجدية بهذه الطريقة
..

أحس
بشار أنه في موقف حرج
..
على
الرغم من أن نتائج بحثه كانت واضحة
..
ولكن
الرجل المسن قال
:
لا بل يؤخذ
..
إن هذه النتائج لم يتوصل إليها أحد قبلاً
..
ولابد لنا من التجربة على الأقل
..
لن نخسر شيئاً
..
إن هدفنا خدمة البشر
..
والمحاولة في مداواتهم قدر ما نستطيع
..
وأن نخفف من معاناة الناس
..
كم من إنسان ينتظر مثل هذا العقار حتى ينهي
ألمه ومرضه
..


أحس بشار
بارتياح بالغ لهذه الكلمات
..
فتابع
المسن وهو ينظر لبشار بسلطة من المؤكد أنه يحملها
:
أظن أننا سنسمح لك بإكمال التجارب
..
ولكن لن نوافق على إجازتها قبل أن نرى
النتائج كاملة
..
إجراءات الشامبانزي قد
تستمر لحوالي سنة
..
تستطيع في هذه الفترة أن
تبحث في الموضوع
..

وتجري المزيد من التجارب
..


سادت
همهمة كبيرة في الغرفة
..
بعدها
وقف أحد الحاضرين
..
وقام بالتصفيق
..
صفق الجميع للدكتور بشار
..
الذي وقف في خجل أمام هذا الجمع الغفير من
الناس ..


وهو يسمع بعض الأصوات وهي تقول : رائع جداً .. عمل باهر ..


وبعد نصف ساعة .. كان بشار
يسير متوجهاً نحو غرفة مايا
..
وهو
يحمل في يديه باقة ورد رائعة
..
كان
مفعماً بالحيوية
..
سعيداً بما حصل اليوم من
إنجاز
..
دق الباب بلطف
..
ثم دخل ووجه مشرق
..

ولكن
أمامه
..
كانت كارثة إنسانية
..
كانت مايا ملقاة على الأرض
..
وهي تستفرغ
..
تمزق طرف ملاءتها
..
يبدو أنها سقطت بقوة على الأرض
..
لم يشعر بشار بنفسه وهو يرمي الورود على
الأرض .. ويجري نحوها بأقصى سرعة
..


الساعة
الثالثة ظهراً
..
بشار في المختبر
..
يجري تحليلاً لعينة حديثة من مايا
..
من ورمها في الكبد
..
الخلايا بدأت تصبح أكثر شراسة
..
المرض في حالة متقدمة للغاية
..
والعلاج الكيماوي لا يفيد
..





قد لا
يعرف البعض
..
ولكن العلاج الكيماوي
للسرطان
..
مسبب كبير لسرطانات أخرى
في الجسم
..
إذا ما الفائدة من العلاج
به؟
!
تطويل عمر المريض قدر الإمكان
..
وفي ذات الوقت إطالة المعانة
..
هذه حقيقة مؤلمة لأصحاب القلوب المرهفة
..
ولكنها حقيقة
..
لا تروق للحالمين أبداً
..
الواقع يكسر أحلامنا
على صخوره الحادة
..


اخذ
بشار في نفسه يفكر
..
إنه
كان يأمل أن تصمد مايا قليلاً
..
حتى
يتمكن من استخدام العقار
..
ولكن
مستحيل
..
لا بد لها من علاج سريع
..
لا بد
..
أخذ يحس أنه سيفقد الإنسانة التي يحب
..

ولكنه عزم أمره وقرر شيئاً
ما
..
أغلق مصابيح المختبر
..
وتوجه بخطى ثابتة إلى مايا
..
سأل الممرضة عنها قبل دخوله
..
فقالت : إنها بخير
..


طرق الباب بلطف
..
دخل على مايا التي كانت شاحبة اللون
..
وأخذت ترسم أماها لوحة
..
جاء بشار إليها
..
كانت اللوحة عبارة عن فراشة لتوها خرجت من
شرنقتها في تابوت زجاجي
..

نظر
لها بشار وقال بألم
:
مايا .. لم ترسمين
هكذا؟
نظرت له مايا وابتسمت
بطيبة لا حدود لها
..
إلهي
.. كيف تمشي هذه العذبة في الدنيا
..
دون
ألا تسحر العالم من حولها
..
كأنما
هي ملاك أبيض
..
تمسك في يديها النجوم
وتوزعها على باقي البشر
..



نظرت
في بشار
..
ثم ابتسمت في خجل
..
تأملها بشار
..
ثم جلس جوارها
..
وأخذ يديها
..
ونظر في عينيها بعمق
..
فلم تتحمل هذه النظرة التي حملت معها حنان
الدنيا
..
وكأنما نسي هو الواقع
وقال
:
أحبك
..
مال رأس مايا إلى الجهة الثانية وهي في قمة
الخجل
..

لحظات
حتى عاد بشار لواقعه
..
واكتست
ملامحه بالجدية وقال
:
مايا أريد أن أخبرك بأمر
..
بقيت مايا ووجها في الجهة الأخرى
..
لا يظهر منها إلا شعرها الناعم الفاحم
..
وطرف خدها الوضاء
..
وقالت : سأموت أليس كذلك
؟
صمت بشار .. وأحس أنه عاجز
..
أحس انه لا يقدر على شيء
..
أحس بالقهر
..
ضغط على يديها وقال
:
سأنقذك
..
لا تقلقي يا حبيبتي
..
قالها وهو يضمر في نفسه أمراً
..



في
صباح اليوم التالي كان بشار متوجهاً إلى وزارة الصحة اليابانية
..
في طوكيو
..
وبعد رحلة بالقطار من أوساكا إلى طوكيو
..
تستغرق 45 دقيقة
..
دخل المبنى الأزرق البديع
..
وبعد أن استقل المصعد الزيتي اللون
..
كان قد وصل إلى رئيس قسم الأبحاث والتطوير
الطبي
.
دخل المكتب وهو يتنهد في
قلق
..


كان الوقت قد شارف على
صلاة الظهر
..
حين كان بشار يستقل القطار
عائداً إلى أوساكا .. محملاً بخيبة أمل كبيرة
..
وفي أذنه أخذت ترن كلمات رئيس قسم الأبحاث
والتطوير الطبي
..
" لا نستطيع أن نعطيك إذناً بتجربة
عقار .. لم يتم التأكد منه .. أرواح الناس ليست لعبة .. نحن هنا في اليابان نهتم بمرضانا
..
تستطيع أن تجرب ما تشاء
على من تشاء في بلدك
..
لا أستطيع أن أحملك
مسؤولية حياة إنسان ياباني واحد


زفر بشار
..
على الرغم من كل الآمال التي كان يعلقها على
هذه الزيارة
..
ولكن كل شيء ذهب أدراج
الرياح
..
لم يعرف كيف سيتصرف
..
أحس أنه مشلول مرة أخرى
..
وقهر عظيم
..
وحرقة في صدر عاشق مولوع
..
وإحساس بالألم يتفجر في داخله بأسى
..
كم يتمنى أن يعطيها عمره لتعيش بدلاً منه
..
أحس بدمعة مرة تعتلي جفنه
..
ولكنه أخفاها بمهارة في كمه
..

عاد إلى
المستشفى
..
وهو يحمل في صدره غصة لا
حدود لها
..
دخل المستشفى
..
بخطى ثقيلة للغاية
..
حتى استغرب كل من كان يعرفه
..
ما كان بشار يدخل هكذا أبداً
..
لطالما كان المرح والسرور يغمر محياه كلما
..
بل كم وكم وزع أملاً لأصحاب القلوب المحبطة
..
كان محبوباً بحق لظرفه .. وخفه دمه
..
وبساطته وأريحيته في التعامل
..


ولكنه
ذلك اليوم لم يكن يأبه لشيء
..
لم يكن
يأبه إلا أن حبيبته ستموت
..
وهو
..
سيقف متفرجاً على المأساة
..

دخل
غرفته
..
وجلس فيها
..
وهو لا يهتم بالأوراق التي داسها بقدمه
..
جلس ووضع رأسه بين كفيه
..
أحس بالمرارة
..
ثم أسند رأسه للجدار
..
وبعد لحظات

راح في شبه غفوة
..
إنها تلك الحالة التي لا تنام فيها ولا تكون
متيقظاً
..
تلك الساعة التي تنامها
وتحس بعدها بأفظع الآلام في رقبتك
..
وتمر
عليك فيها الكوابيس التي لا تتذكرها أبداً
..

نهض بشار وهو يلهث من فرط
الإرهاق
..
والعرق يتصبب على ياقة
قميصه
..
أحس بحرّ شديد
..

ولكن فكرة ما
..
لمعت في رأسه
..
أخذ ينظر هنالك البعيد باهتمام شديد
..
أخذ يفكر ويفكر ويفكر
..
وأطال التفكير
..
والتمعت عينيه ببريق حاد
..
ولدت في عقله فكرة جهنمية
..
كان مصمماً على إنقاذ مايا وبأي ثمن
..


قام من
كرسيه وأخذ يجري
..
حتى وصل إلى غرفة مايا
..
دخل الغرفة
..
نظر إلى مايا
..
التي أخذت تنظر فيه بدهشة
..
أمسكها من كتفيها وقال
:
مايا .. هل تثقين في
؟
نظرت له وقالت
:
بشار .. ما الموضوع
؟
نظر لها بشار وابتسم لحظة ثم قال : أول مرة
تقولين بشار بدون ألقاب
..
ابتسمت
مايا وأشاحت بوجهها
..
فقال
لها بشار
:
لأجل هذه الابتسامة
الخجولة
..
أبيع عمري
..





وكان هذا الذي حصل بحق
..

ترى كيف كان ذلك
؟

هذا ما سنراه في الجزء القادم ..
"كيف التشويق بس؟؟؟ "
في الحلقة الجديدة من ..

حب في المستشفى الجامعي






أتمنى أن
الجزء كان على قدر المنتظر


يتبع









 

سحر الشرق

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Dec 15, 2008
المشاركات
733
مستوى التفاعل
30
المطرح
دمشق
الجزء السادس
كيفحالك اليوم ؟
نظرت فيه مبتسمة وقالت :
بخير
..
نظر في لوحتها التي كانت على طرف السرير
..
وقال : هممممم
..
جميل .. جميل جداً
..
ضحكت مايا وقالت
:
اسكت .. أنت لا تحب الفن كثيراً
..
نظر لها وقال
:
بعد أن عرفتك .. عرفت معنى الفن
..
ابتسمت واحمر خداها مجدداً
..
وضع اللوحة جانباً وقال
:
سوف أراك بعد ساعة
..
إن احتجت أي شيء ماذا ستفعلين؟

قالت بحياء :
أتصل بك
..
ابتسم لها ابتسامة أخيرة
..
وخرج من غرفتها
..


وخارجاً عند الباب
..
وقفبشار
..
ووضع يده على قلبه وقاليتنفس بقوة
:
يا رب
..

ما كل هذا الخفقان؟

ما كل هذا الإحساس؟
أكل هذا حب؟!


تنهد
..
ثم التمعت عينيه في بريق
..
توجه مباشره نحو غرفته
..
فتح الباب
..
ثم أضاء المصابيح
..
التي كشفت عن الأوراق المتناثرة هنا وهناك
..
والكتب الملقاة على الأرض
..
وملصقات صفراء في بعضها
..
وأوراق ملاحظات مكتوبةعلى الجدار
..
وعربة صغيرة
..
تحمل بعض أنابيب الاختبار .. وبعض المحاليل
..
وميكروسكوب ضوئي صغير علىالمكتب .

.
إنه بالتأكيد لم يمضي هذهالأسبوعين فقط ليجلس جوار مايا .. ولكن أيضاً لأنه يعمل بجد حقيقي .. على الرغم منأن هذا العمل كان هذه المرة من أجل مايا
..



خلعبالطو المستشفى
..
ووضعه في الشماعة
..
وجلس في كرسيه
..
فتح دفترا كبيراً أزرقاً
..
وأخذ يقرأ ما كان يكتب البارحة عندما نامعلى الدفتر
..
ثم تنهد
..
وبعد دقائق
..
دخل الدكتور ميان وقال بجدية وتسارع
:
بشار
..
تعال بسرعة
..
ارتدى بشار البالطو وخرج مسرعاً مع الدكتورميان
..
وذهبا حتى وصلا إلى غرفةالمختبر
..
كانت باردة كالثلج
..
دخلا
..

وعلىالشاشة الكبيرة
..
قال الدكتور ميان .. وهويشير إليها
:
هذا فلمللخلايا التي حقناها ب Gp53 alpha تحت المجهر الإلكتروني
..
وهو يعرض أحداثاً مسرعة لما حصل خلال 3أيام

كنا نراقب فيها الخلايا الحية .. بعد أنوضعناها في حضانة ..
كان ميان يتكلم بسرعةبالغة
..
حتى أن بشار بالكاد كانيفهم كلماته اليابانية السريعة
..


أخذبشار يطالع
..
كانت الخلايا تتحرك
..
ولم يكن هناك أي أثر لأي تغيير
..
ولكن فجأة
..
بدأت الخلايا بالحركة
..
وبدأت كرات صغيرة تظهر في نفس الخلايا
..
وتتجمع مع بعضها وتفتح على جارتها
..
حتى تصبح كرة كبيرة
..
وبعد ثواني
..
تفجرت هذه الكرة
..
وأخذت مكونات الخلية تنحسر
..


أخذبشار يطالع في ذهول
..
أفاقمن الدهشة ثم صرخ عالياً
:
نجحنا .. نجحناااااااااااااااااااااا

وقامواحتضن ميان ..
الذي أخذ يصرخ هو الآخر
..
ولكن ميان بدأ يهدأ وهويقول
..
لحظة .. لحظة
..
إننا لم نجرب هذا البحث على خلايا آدمية فيجسم إنسا
..
ولكن بشار قال
:
دكتور .. لم يبق شيء
..
لقد حللنا المشكلة .. الخلية أكلت نفسهابنفسها
..
حتى بقية الخلايا التي لمتتعرض للعقار
..
لم يحصل لها شيء
..
نستطيع أن نقتل بهذا أي ورم في 3 أيام فقط
..
هذا فاق توقعاتنا كثيراً
..
قال ميان في حماسة ممزوجةبسرحان : نعم لقد نجحنا
..
ههههههههههههه

خرج بشار من المختبر وهويكاد يطير من الفرح ..
متجهانحو غرفة مايا
..



دخل الغرفة دون أن يطرقها
..
كان في عنفوان حماسه
..
اقترب منها
..
احتضنها بقوة شديدة
..
وأغمض عينيه .. وكاد أن يقبلها
..
ولكن مايا .. أبعدته عنها بقوة
..
أحس بشار أنها خائفة منه
..
ابتعد
..
وخفت حماسته
..
فقالت : آسف .. لم أكن أقصد
..
فنظرت مايا في يديها
..
وانسدل شعرها على كتفها في نعومة
..
فقال بشار حتى لا تطير حماسته
:
لقد وجدناها يا مايا
..
اكتشفنا العقار أخيراً
..
نظرت له مايا مستفهمة
..
جلس جوارها .. وأخذ يتكلم في انفعال شديد
:
كنت أنا والدكتور ميان نعمل على هذا البحثمنذ زمن بعيد
..
لقد اكتشفنا الطريقة
..
سوف تنجين بإذن الله
..
لم تفهم مايا بإذن الله أبداً
..
ولكنها ابتسمت وقالت بتساؤل حقيقي
:
حقاً؟

قال لها ووجه محمر من كثرة الانفعال : طبعاً ..
لقد وعدتك بأنك ستعيشين
..
مايا
..
مايا
..
مايا .. أحبك ..


لم يعرف بشار كيف قال لها هذه الكلمة ..
ولكنها خرجت في لحظة انفعال
..
كان يحس أن الأحداث تمر بسرعة الصاروخ
..

أمامايا
..


هذا ما سأتوقف عند حدودهفي هذا الجزء
..
حتى أردت أن أفجر كلمعاني التشويق في فن القصة
..
لقدجئت إليكم من جديد
..
وسطوعي يبرق .. انتظروني
..

بأحداث أكثر تشويقاً مما ظننتم أيها السادة
..



كيفكانت ردة فعل مايا؟


ترى ..

هل سينجح بشار في علاج مايا؟


وما علاقة كل هذا بمرض بشار؟

أين فراس من هذه القصة؟

وباقي الأطباء ..

أم أنه انتهى عند هذه النقطة؟




مالح طول عليكم شوفو شو صار


1:15 am

الأربعاء بعد منتصف الليل

29 جمادي الثانية 1426ه
ملاحظة صغيرة: هذا الجزء يحتوي على معلومات علمية ..
ومصطلحات حاولت قدر المستطاع أن أترجمها
..
وصور حقيقة
..
أتمنى أن يروق لكم جهدي المتواضع










لقد وعدتك بأنك ستعيشين ..
مايا
..
مايا
..
مايا .. أحبك
..
لم يعرف بشار كيف قال لها هذه الكلمة
..
ولكنها خرجت في لحظة انفعال
..
كان يحس أن الأحداث تمر بسرعة الصاروخ
..

أما مايا
..
فأصابها الذهول
..
وضعت يديها على فمها
..
وهي ترفع حاجبيها
..
ثم توردت كلها دفعة واحدة
..
حتى أنها أخذت تمسك قلبها وتقول بصوت خافت
:
يا إلهي
..
نظر لها بشار وقال
:
مايا .. لا تخشي شيئاَ أنا معك
..
لأول مرة يحس بشار
..
كم هو قريب منها
..
لأول مرة .. يحس أنه في عالم آخر
..
أحس أنه يهوي في عالم بلا حدود
..
في حب بدون كوابح
..
أحس أنه يريد أن يطير
..
إنه سينقذ الفتاة التي يحبها
..
الفتاة التي اعتمرت قلبه كملاك عذب المحيا
..
رقيق المفاتن
..
لإنسانة لو مررت يديها على الورود .. لتفتحت بتلاتها في الشتاء
..
أخذ يتطلع فيها
..
وهي لا تكاد تنظر له من الخجل
..
كان يستلذ بخجلها
..
يحس بها
..
كم هي أنثى عذبة ورائعة بحق
..

تبسم بشار
..
نظرت له وتبسمت
..
وكأنما بريق في العيون تلألأ
..
وكأنما كرة شبه شفافة
..
أخذت تطوقهما
..
وتتسع
..
رويداً رويداً
..
حتى غمرت الكرة الأرضية كلها
..
كان هذا
..
إعلان حب ..





الساعة العاشرة صباحاً ..

بشار يجري في الرواق الغربي من مستشفى نينواه ..
العرق ظهر في وجهه
..
وصل إلى الغرفة
..
دخل إليها بسرعة
..
كانت صغيرة .. لها سقف منخفض
..
وبرودة لا تصدر إلا من تكييف مركزي
..
إضاءة خافتة على جمع غفير كان متوجداً .. وعلى ياقات كل معطف
..
توجد شارة تحمل اسماً وصورة
..
ليكتب فيها اسم الطبيب وصورته
..
وتلك النظرات اللامعة
..
التي تحمل ورائها الكثير من العلم
..

كان الدكتور ميان واقفاً في صدر القاعة
..
أمامه لاب توب من نوع سوني .. ومن وراءه صورة للبروجيكتر
..
مكتوب فيها بالخط العريض
..

Gp53 alpha

ولما شاهد بشار
..
تهللت أساريره
..
أمسك المايكروفون
..
وأخذ يقول
..
دعونا نرحب بالدكتور العبقري الصغير
..

بشار البدري ..

ومجدداً ..
كانت اللغة اليابانية تمسح كل الحروف ..
أحس بشار بالحرج ..
ولكنه وقف هناك محل الدكتور ميان ..
الذي شد على يديه .. وابتسم له مشجعاً ..
كان بشار متوتراً إزاء هذا العدد الكبير ..
من العيون الفاحصة والخبيرة ..
ولكنه وقف .. وشد قامته وقرب فمه من المايكروفون وقال :
صباح الخير ..
اسمي الدكتور بشار البدري ..
المساعد الأول للدكتور ميان منذ أكثر من 8 سنوات في هذا البحث ..
Gp53 alpha
وبمساعدة الدكتور قمت بتطوير عقار خاص ..
سميناه بنفس اسم البحث ..


كما تعلمون ..
إن الجينات التي يحملها الإنسان والتي هي موجودة في كل خلية ..
مزودة ببرمجة عالية الدقة ..
في اختيار وظائفها ..
وكما تعلمون أيضاً أن كل جين مسؤول عن عملية معينة ..
مثلاً الجين Tp53 "الاسم الحقيقي"
والذي يعرف ب Gp53
يقوم بعملية التدمير الذاتي للخلية ..
في حال عدم الاستفادة منها ..
أو في حال تلفها ..
ويمنع أيضاً انقسام الخلايا بالطريقة المباشرة ..
وبالتالي عدم استمرار النمو ..
إن استمرت خلايانا في الانقسام المباشر مدى الحياة ..
سوف تتضخم أجسادنا إلا ما لا نهاية ..
ولذلك كان موجوداً هذا الجين ليقوم بالحراسة والحماية ..

وكما هو معلوم أن الخلية السرطانية ..
دوماً ما يختفي عندها هذا الجين ..

كان الكل يستمع إليه في خشوع رهيب ..

وكأنما على رؤوسهم الطير ..
بكل اهتمام ..
حتى لو سقط منديل على الأرض لربما كان له صوت مسموع ..
نظر بشار في الحاضرين حتى يرى انفعالاتهم ..
ثم ضغط على لوحة المفاتيح .. لتظهر هذه الصورة ..

وأخذ يقول :
على الجهة اليسرى رسم توضيحي لخليه لم ينشط فيها الجين ..

أما الصورة على اليمين توضح ..
كيف أنه عندما نشط هذا الجين ..
عادت الخلية إلى مسارها الطبيعي ..
إما بأن تقتل نفسها ..
وإما بأن تصلح نفسها ..
وتعدل من وظائفها مرة أخرى ..

وظيفة Gp53 alpha ..
تنشيط هذا الجين من الخلايا المجاورة ..

على أن يدخل إليها بواسطة الانتشار البسيط ..
عن طريق الغشاء السيتوبلازمي ..
ويعمل عملها المفقود ..
وبالتالي يعيد النظام إلى الخلية ..

كان تأثير كلام بشار على الحضور عمل السحر في النفوس ..





نظر إلى الحاضرين ..
كانت أعينهم تحملق في
الصور في رهبة
..

وبعد لحظات من الصمت
..
توقف رجل مسن تبدو عليه علامات الوقار
..
وقال : دكتور بشار
..
جهد رائع اللذي بذلته
..
عندي سؤال هل تسمح لي به
؟


صمت الرجل لبرهة وهو يتأمل
نظرات التساؤل في عين بشار
..
فقال
: ولكن ألا تظن أن الجين
BAX2
له دور في هذه المسألة
..
إن الموضوع لا ينتهي
ب Tp 53فقط
..
أنا
أعمل في بحث مطول حول هذا الموضوع من أكثر من 6 سنوات
..
وأظن انه لا يكفي أن
ننشط الجين وحده دون بقية الجينات المؤثرة
..


نظر له
بشار وقال وقد أحس بتوتر طفيف .. رغم إنه يثق فيما لديه من دراية وخبرة في الموضوع
..
ولكننا قد جربنا هذا العقار
..
أما جين
BAX2 فهو خاص بقتل الخلية بطريقة أخرى
..
وإننا لو استطعنا أن ننشط جين واحد على
الأقل فإن الأمر كافي
..
المهم
أن نوقف المرض وليس أن نستعيد كل أنظمة دفاع الجسم والجهاز المناعي
..

والدلائل بالصور لديك الآن
..

جمع
أنفاسه ووجه خطابه للكل
..
كل ما
نطلبه أن تتبنى المستشفى تكاليف التجارب الأخرى
..


فقام رجل أصلع الرأس
.. يرتدي عوينات
..
وبذلة حريرية فاخرة وقال
:
هذه الخلايا آدمية أم لشامبانزي؟

فقال بشار
:
لم نستطع أن نوفر شامبانزي
..
فكما تعلمون الموضوع مكلف ويحتاج إلى الكثير
من الإجراءات
..
استعملنا الأرنب لأنه قريب
جداً من تشريح جسد الإنسان
..
كما أن
لجنة حقوق الإنس
..
قاطعه ذات الرجل وقال
:
عذراً ولكني لن أستطيع أن آخذ هذه النتائج
على محمل الجدية بهذه الطريقة
..

أحس
بشار أنه في موقف حرج
..
على
الرغم من أن نتائج بحثه كانت واضحة
..
ولكن
الرجل المسن قال
:
لا بل يؤخذ
..
إن هذه النتائج لم يتوصل إليها أحد قبلاً
..
ولابد لنا من التجربة على الأقل
..
لن نخسر شيئاً
..
إن هدفنا خدمة البشر
..
والمحاولة في مداواتهم قدر ما نستطيع
..
وأن نخفف من معاناة الناس
..
كم من إنسان ينتظر مثل هذا العقار حتى ينهي
ألمه ومرضه
..


أحس بشار
بارتياح بالغ لهذه الكلمات
..
فتابع
المسن وهو ينظر لبشار بسلطة من المؤكد أنه يحملها
:
أظن أننا سنسمح لك بإكمال التجارب
..
ولكن لن نوافق على إجازتها قبل أن نرى
النتائج كاملة
..
إجراءات الشامبانزي قد
تستمر لحوالي سنة
..
تستطيع في هذه الفترة أن
تبحث في الموضوع
..

وتجري المزيد من التجارب
..


سادت
همهمة كبيرة في الغرفة
..
بعدها
وقف أحد الحاضرين
..
وقام بالتصفيق
..
صفق الجميع للدكتور بشار
..
الذي وقف في خجل أمام هذا الجمع الغفير من
الناس ..


وهو يسمع بعض الأصوات وهي تقول : رائع جداً .. عمل باهر ..


وبعد نصف ساعة .. كان بشار
يسير متوجهاً نحو غرفة مايا
..
وهو
يحمل في يديه باقة ورد رائعة
..
كان
مفعماً بالحيوية
..
سعيداً بما حصل اليوم من
إنجاز
..
دق الباب بلطف
..
ثم دخل ووجه مشرق
..

ولكن
أمامه
..
كانت كارثة إنسانية
..
كانت مايا ملقاة على الأرض
..
وهي تستفرغ
..
تمزق طرف ملاءتها
..
يبدو أنها سقطت بقوة على الأرض
..
لم يشعر بشار بنفسه وهو يرمي الورود على
الأرض .. ويجري نحوها بأقصى سرعة
..


الساعة
الثالثة ظهراً
..
بشار في المختبر
..
يجري تحليلاً لعينة حديثة من مايا
..
من ورمها في الكبد
..
الخلايا بدأت تصبح أكثر شراسة
..
المرض في حالة متقدمة للغاية
..
والعلاج الكيماوي لا يفيد
..





قد لا
يعرف البعض
..
ولكن العلاج الكيماوي
للسرطان
..
مسبب كبير لسرطانات أخرى
في الجسم
..
إذا ما الفائدة من العلاج
به؟
!
تطويل عمر المريض قدر الإمكان
..
وفي ذات الوقت إطالة المعانة
..
هذه حقيقة مؤلمة لأصحاب القلوب المرهفة
..
ولكنها حقيقة
..
لا تروق للحالمين أبداً
..
الواقع يكسر أحلامنا
على صخوره الحادة
..


اخذ
بشار في نفسه يفكر
..
إنه
كان يأمل أن تصمد مايا قليلاً
..
حتى
يتمكن من استخدام العقار
..
ولكن
مستحيل
..
لا بد لها من علاج سريع
..
لا بد
..
أخذ يحس أنه سيفقد الإنسانة التي يحب
..

ولكنه عزم أمره وقرر شيئاً
ما
..
أغلق مصابيح المختبر
..
وتوجه بخطى ثابتة إلى مايا
..
سأل الممرضة عنها قبل دخوله
..
فقالت : إنها بخير
..


طرق الباب بلطف
..
دخل على مايا التي كانت شاحبة اللون
..
وأخذت ترسم أماها لوحة
..
جاء بشار إليها
..
كانت اللوحة عبارة عن فراشة لتوها خرجت من
شرنقتها في تابوت زجاجي
..

نظر
لها بشار وقال بألم
:
مايا .. لم ترسمين
هكذا؟
نظرت له مايا وابتسمت
بطيبة لا حدود لها
..
إلهي
.. كيف تمشي هذه العذبة في الدنيا
..
دون
ألا تسحر العالم من حولها
..
كأنما
هي ملاك أبيض
..
تمسك في يديها النجوم
وتوزعها على باقي البشر
..



نظرت
في بشار
..
ثم ابتسمت في خجل
..
تأملها بشار
..
ثم جلس جوارها
..
وأخذ يديها
..
ونظر في عينيها بعمق
..
فلم تتحمل هذه النظرة التي حملت معها حنان
الدنيا
..
وكأنما نسي هو الواقع
وقال
:
أحبك
..
مال رأس مايا إلى الجهة الثانية وهي في قمة
الخجل
..

لحظات
حتى عاد بشار لواقعه
..
واكتست
ملامحه بالجدية وقال
:
مايا أريد أن أخبرك بأمر
..
بقيت مايا ووجها في الجهة الأخرى
..
لا يظهر منها إلا شعرها الناعم الفاحم
..
وطرف خدها الوضاء
..
وقالت : سأموت أليس كذلك
؟
صمت بشار .. وأحس أنه عاجز
..
أحس انه لا يقدر على شيء
..
أحس بالقهر
..
ضغط على يديها وقال
:
سأنقذك
..
لا تقلقي يا حبيبتي
..
قالها وهو يضمر في نفسه أمراً
..



في
صباح اليوم التالي كان بشار متوجهاً إلى وزارة الصحة اليابانية
..
في طوكيو
..
وبعد رحلة بالقطار من أوساكا إلى طوكيو
..
تستغرق 45 دقيقة
..
دخل المبنى الأزرق البديع
..
وبعد أن استقل المصعد الزيتي اللون
..
كان قد وصل إلى رئيس قسم الأبحاث والتطوير
الطبي
.
دخل المكتب وهو يتنهد في
قلق
..


كان الوقت قد شارف على
صلاة الظهر
..
حين كان بشار يستقل القطار
عائداً إلى أوساكا .. محملاً بخيبة أمل كبيرة
..
وفي أذنه أخذت ترن كلمات رئيس قسم الأبحاث
والتطوير الطبي
..
" لا نستطيع أن نعطيك إذناً بتجربة
عقار .. لم يتم التأكد منه .. أرواح الناس ليست لعبة .. نحن هنا في اليابان نهتم بمرضانا
..
تستطيع أن تجرب ما تشاء
على من تشاء في بلدك
..
لا أستطيع أن أحملك
مسؤولية حياة إنسان ياباني واحد


زفر بشار
..
على الرغم من كل الآمال التي كان يعلقها على
هذه الزيارة
..
ولكن كل شيء ذهب أدراج
الرياح
..
لم يعرف كيف سيتصرف
..
أحس أنه مشلول مرة أخرى
..
وقهر عظيم
..
وحرقة في صدر عاشق مولوع
..
وإحساس بالألم يتفجر في داخله بأسى
..
كم يتمنى أن يعطيها عمره لتعيش بدلاً منه
..
أحس بدمعة مرة تعتلي جفنه
..
ولكنه أخفاها بمهارة في كمه
..

عاد إلى
المستشفى
..
وهو يحمل في صدره غصة لا
حدود لها
..
دخل المستشفى
..
بخطى ثقيلة للغاية
..
حتى استغرب كل من كان يعرفه
..
ما كان بشار يدخل هكذا أبداً
..
لطالما كان المرح والسرور يغمر محياه كلما
..
بل كم وكم وزع أملاً لأصحاب القلوب المحبطة
..
كان محبوباً بحق لظرفه .. وخفه دمه
..
وبساطته وأريحيته في التعامل
..


ولكنه
ذلك اليوم لم يكن يأبه لشيء
..
لم يكن
يأبه إلا أن حبيبته ستموت
..
وهو
..
سيقف متفرجاً على المأساة
..

دخل
غرفته
..
وجلس فيها
..
وهو لا يهتم بالأوراق التي داسها بقدمه
..
جلس ووضع رأسه بين كفيه
..
أحس بالمرارة
..
ثم أسند رأسه للجدار
..
وبعد لحظات

راح في شبه غفوة
..
إنها تلك الحالة التي لا تنام فيها ولا تكون
متيقظاً
..
تلك الساعة التي تنامها
وتحس بعدها بأفظع الآلام في رقبتك
..
وتمر
عليك فيها الكوابيس التي لا تتذكرها أبداً
..

نهض بشار وهو يلهث من فرط
الإرهاق
..
والعرق يتصبب على ياقة
قميصه
..
أحس بحرّ شديد
..

ولكن فكرة ما
..
لمعت في رأسه
..
أخذ ينظر هنالك البعيد باهتمام شديد
..
أخذ يفكر ويفكر ويفكر
..
وأطال التفكير
..
والتمعت عينيه ببريق حاد
..
ولدت في عقله فكرة جهنمية
..
كان مصمماً على إنقاذ مايا وبأي ثمن
..


قام من
كرسيه وأخذ يجري
..
حتى وصل إلى غرفة مايا
..
دخل الغرفة
..
نظر إلى مايا
..
التي أخذت تنظر فيه بدهشة
..
أمسكها من كتفيها وقال
:
مايا .. هل تثقين في
؟
نظرت له وقالت
:
بشار .. ما الموضوع
؟
نظر لها بشار وابتسم لحظة ثم قال : أول مرة
تقولين بشار بدون ألقاب
..
ابتسمت
مايا وأشاحت بوجهها
..
فقال
لها بشار
:
لأجل هذه الابتسامة
الخجولة
..
أبيع عمري
..





وكان هذا الذي حصل بحق
..

ترى كيف كان ذلك
؟

هذا ما سنراه في الجزء القادم ..
"كيف التشويق بس؟؟؟ "
في الحلقة الجديدة من ..

حب في المستشفى الجامعي






أتمنى أن
الجزء كان على قدر المنتظر




 

سحر الشرق

بيلساني سنة رابعة

إنضم
Dec 15, 2008
المشاركات
733
مستوى التفاعل
30
المطرح
دمشق
الجزء السادس

كيفحالك اليوم ؟
نظرت فيه مبتسمة وقالت :
بخير
..
نظر في لوحتها التي كانت على طرف السرير
..
وقال : هممممم
..
جميل .. جميل جداً
..
ضحكت مايا وقالت
:
اسكت .. أنت لا تحب الفن كثيراً
..
نظر لها وقال
:
بعد أن عرفتك .. عرفت معنى الفن
..
ابتسمت واحمر خداها مجدداً
..
وضع اللوحة جانباً وقال
:
سوف أراك بعد ساعة
..
إن احتجت أي شيء ماذا ستفعلين؟

قالت بحياء :
أتصل بك
..
ابتسم لها ابتسامة أخيرة
..
وخرج من غرفتها
..


وخارجاً عند الباب
..
وقفبشار
..
ووضع يده على قلبه وقاليتنفس بقوة
:
يا رب
..

ما كل هذا الخفقان؟

ما كل هذا الإحساس؟
أكل هذا حب؟!


تنهد
..
ثم التمعت عينيه في بريق
..
توجه مباشره نحو غرفته
..
فتح الباب
..
ثم أضاء المصابيح
..
التي كشفت عن الأوراق المتناثرة هنا وهناك
..
والكتب الملقاة على الأرض
..
وملصقات صفراء في بعضها
..
وأوراق ملاحظات مكتوبةعلى الجدار
..
وعربة صغيرة
..
تحمل بعض أنابيب الاختبار .. وبعض المحاليل
..
وميكروسكوب ضوئي صغير علىالمكتب .

.
إنه بالتأكيد لم يمضي هذهالأسبوعين فقط ليجلس جوار مايا .. ولكن أيضاً لأنه يعمل بجد حقيقي .. على الرغم منأن هذا العمل كان هذه المرة من أجل مايا
..



خلعبالطو المستشفى
..
ووضعه في الشماعة
..
وجلس في كرسيه
..
فتح دفترا كبيراً أزرقاً
..
وأخذ يقرأ ما كان يكتب البارحة عندما نامعلى الدفتر
..
ثم تنهد
..
وبعد دقائق
..
دخل الدكتور ميان وقال بجدية وتسارع
:
بشار
..
تعال بسرعة
..
ارتدى بشار البالطو وخرج مسرعاً مع الدكتورميان
..
وذهبا حتى وصلا إلى غرفةالمختبر
..
كانت باردة كالثلج
..
دخلا
..

وعلىالشاشة الكبيرة
..
قال الدكتور ميان .. وهويشير إليها
:
هذا فلمللخلايا التي حقناها ب Gp53 alpha تحت المجهر الإلكتروني
..
وهو يعرض أحداثاً مسرعة لما حصل خلال 3أيام

كنا نراقب فيها الخلايا الحية .. بعد أنوضعناها في حضانة ..
كان ميان يتكلم بسرعةبالغة
..
حتى أن بشار بالكاد كانيفهم كلماته اليابانية السريعة
..


أخذبشار يطالع
..
كانت الخلايا تتحرك
..
ولم يكن هناك أي أثر لأي تغيير
..
ولكن فجأة
..
بدأت الخلايا بالحركة
..
وبدأت كرات صغيرة تظهر في نفس الخلايا
..
وتتجمع مع بعضها وتفتح على جارتها
..
حتى تصبح كرة كبيرة
..
وبعد ثواني
..
تفجرت هذه الكرة
..
وأخذت مكونات الخلية تنحسر
..


أخذبشار يطالع في ذهول
..
أفاقمن الدهشة ثم صرخ عالياً
:
نجحنا .. نجحناااااااااااااااااااااا

وقامواحتضن ميان ..
الذي أخذ يصرخ هو الآخر
..
ولكن ميان بدأ يهدأ وهويقول
..
لحظة .. لحظة
..
إننا لم نجرب هذا البحث على خلايا آدمية فيجسم إنسا
..
ولكن بشار قال
:
دكتور .. لم يبق شيء
..
لقد حللنا المشكلة .. الخلية أكلت نفسهابنفسها
..
حتى بقية الخلايا التي لمتتعرض للعقار
..
لم يحصل لها شيء
..
نستطيع أن نقتل بهذا أي ورم في 3 أيام فقط
..
هذا فاق توقعاتنا كثيراً
..
قال ميان في حماسة ممزوجةبسرحان : نعم لقد نجحنا
..
ههههههههههههه

خرج بشار من المختبر وهويكاد يطير من الفرح ..
متجهانحو غرفة مايا
..



دخل الغرفة دون أن يطرقها
..
كان في عنفوان حماسه
..
اقترب منها
..
احتضنها بقوة شديدة
..
وأغمض عينيه .. وكاد أن يقبلها
..
ولكن مايا .. أبعدته عنها بقوة
..
أحس بشار أنها خائفة منه
..
ابتعد
..
وخفت حماسته
..
فقالت : آسف .. لم أكن أقصد
..
فنظرت مايا في يديها
..
وانسدل شعرها على كتفها في نعومة
..
فقال بشار حتى لا تطير حماسته
:
لقد وجدناها يا مايا
..
اكتشفنا العقار أخيراً
..
نظرت له مايا مستفهمة
..
جلس جوارها .. وأخذ يتكلم في انفعال شديد
:
كنت أنا والدكتور ميان نعمل على هذا البحثمنذ زمن بعيد
..
لقد اكتشفنا الطريقة
..
سوف تنجين بإذن الله
..
لم تفهم مايا بإذن الله أبداً
..
ولكنها ابتسمت وقالت بتساؤل حقيقي
:
حقاً؟

قال لها ووجه محمر من كثرة الانفعال : طبعاً ..
لقد وعدتك بأنك ستعيشين
..
مايا
..
مايا
..
مايا .. أحبك ..


لم يعرف بشار كيف قال لها هذه الكلمة ..
ولكنها خرجت في لحظة انفعال
..
كان يحس أن الأحداث تمر بسرعة الصاروخ
..

أمامايا
..


هذا ما سأتوقف عند حدودهفي هذا الجزء
..
حتى أردت أن أفجر كلمعاني التشويق في فن القصة
..
لقدجئت إليكم من جديد
..
وسطوعي يبرق .. انتظروني
..

بأحداث أكثر تشويقاً مما ظننتم أيها السادة
..



كيفكانت ردة فعل مايا؟


ترى ..

هل سينجح بشار في علاج مايا؟


وما علاقة كل هذا بمرض بشار؟

أين فراس من هذه القصة؟

وباقي الأطباء ..

أم أنه انتهى عند هذه النقطة؟




هذا ما ستعرفونه خلاليومين إن شاء الله



1:15 am

الأربعاء بعد منتصف الليل

29 جمادي الثانية 1426ه

(مالح طول عليكونشوفو شو صار)

ملاحظة صغيرة: هذا الجزء يحتوي على معلومات علمية ..
ومصطلحات حاولت قدر المستطاع أن أترجمها
..
وصور حقيقة
..
أتمنى أن يروق لكم جهدي المتواضع

لقد وعدتك بأنك ستعيشين ..
مايا
..
مايا
..
مايا .. أحبك
..
لم يعرف بشار كيف قال لها هذه الكلمة
..
ولكنها خرجت في لحظة انفعال
..
كان يحس أن الأحداث تمر بسرعة الصاروخ
..

أما مايا
..
فأصابها الذهول
..
وضعت يديها على فمها
..
وهي ترفع حاجبيها
..
ثم توردت كلها دفعة واحدة
..
حتى أنها أخذت تمسك قلبها وتقول بصوت خافت
:
يا إلهي
..
نظر لها بشار وقال
:
مايا .. لا تخشي شيئاَ أنا معك
..
لأول مرة يحس بشار
..
كم هو قريب منها
..
لأول مرة .. يحس أنه في عالم آخر
..
أحس أنه يهوي في عالم بلا حدود
..
في حب بدون كوابح
..
أحس أنه يريد أن يطير
..
إنه سينقذ الفتاة التي يحبها
..
الفتاة التي اعتمرت قلبه كملاك عذب المحيا
..
رقيق المفاتن
..
لإنسانة لو مررت يديها على الورود .. لتفتحت بتلاتها في الشتاء
..
أخذ يتطلع فيها
..
وهي لا تكاد تنظر له من الخجل
..
كان يستلذ بخجلها
..
يحس بها
..
كم هي أنثى عذبة ورائعة بحق
..

تبسم بشار
..
نظرت له وتبسمت
..
وكأنما بريق في العيون تلألأ
..
وكأنما كرة شبه شفافة
..
أخذت تطوقهما
..
وتتسع
..
رويداً رويداً
..
حتى غمرت الكرة الأرضية كلها
..
كان هذا
..
إعلان حب ..





الساعة العاشرة صباحاً ..

بشار يجري في الرواق الغربي من مستشفى نينواه ..
العرق ظهر في وجهه
..
وصل إلى الغرفة
..
دخل إليها بسرعة
..
كانت صغيرة .. لها سقف منخفض
..
وبرودة لا تصدر إلا من تكييف مركزي
..
إضاءة خافتة على جمع غفير كان متوجداً .. وعلى ياقات كل معطف
..
توجد شارة تحمل اسماً وصورة
..
ليكتب فيها اسم الطبيب وصورته
..
وتلك النظرات اللامعة
..
التي تحمل ورائها الكثير من العلم
..

كان الدكتور ميان واقفاً في صدر القاعة
..
أمامه لاب توب من نوع سوني .. ومن وراءه صورة للبروجيكتر
..
مكتوب فيها بالخط العريض
..

Gp53 alpha

ولما شاهد بشار
..
تهللت أساريره
..
أمسك المايكروفون
..
وأخذ يقول
..
دعونا نرحب بالدكتور العبقري الصغير
..

بشار البدري ..

ومجدداً ..
كانت اللغة اليابانية تمسح كل الحروف ..
أحس بشار بالحرج ..
ولكنه وقف هناك محل الدكتور ميان ..
الذي شد على يديه .. وابتسم له مشجعاً ..
كان بشار متوتراً إزاء هذا العدد الكبير ..
من العيون الفاحصة والخبيرة ..
ولكنه وقف .. وشد قامته وقرب فمه من المايكروفون وقال :
صباح الخير ..
اسمي الدكتور بشار البدري ..
المساعد الأول للدكتور ميان منذ أكثر من 8 سنوات في هذا البحث ..
Gp53 alpha
وبمساعدة الدكتور قمت بتطوير عقار خاص ..
سميناه بنفس اسم البحث ..


كما تعلمون ..
إن الجينات التي يحملها الإنسان والتي هي موجودة في كل خلية ..
مزودة ببرمجة عالية الدقة ..
في اختيار وظائفها ..
وكما تعلمون أيضاً أن كل جين مسؤول عن عملية معينة ..
مثلاً الجين Tp53 "الاسم الحقيقي"
والذي يعرف ب Gp53
يقوم بعملية التدمير الذاتي للخلية ..
في حال عدم الاستفادة منها ..
أو في حال تلفها ..
ويمنع أيضاً انقسام الخلايا بالطريقة المباشرة ..
وبالتالي عدم استمرار النمو ..
إن استمرت خلايانا في الانقسام المباشر مدى الحياة ..
سوف تتضخم أجسادنا إلا ما لا نهاية ..
ولذلك كان موجوداً هذا الجين ليقوم بالحراسة والحماية ..

وكما هو معلوم أن الخلية السرطانية ..
دوماً ما يختفي عندها هذا الجين ..

كان الكل يستمع إليه في خشوع رهيب ..

وكأنما على رؤوسهم الطير ..
بكل اهتمام ..
حتى لو سقط منديل على الأرض لربما كان له صوت مسموع ..
نظر بشار في الحاضرين حتى يرى انفعالاتهم ..
ثم ضغط على لوحة المفاتيح .. لتظهر هذه الصورة ..

وأخذ يقول :
على الجهة اليسرى رسم توضيحي لخليه لم ينشط فيها الجين ..

أما الصورة على اليمين توضح ..
كيف أنه عندما نشط هذا الجين ..
عادت الخلية إلى مسارها الطبيعي ..
إما بأن تقتل نفسها ..
وإما بأن تصلح نفسها ..
وتعدل من وظائفها مرة أخرى ..

وظيفة Gp53 alpha ..
تنشيط هذا الجين من الخلايا المجاورة ..

على أن يدخل إليها بواسطة الانتشار البسيط ..
عن طريق الغشاء السيتوبلازمي ..
ويعمل عملها المفقود ..
وبالتالي يعيد النظام إلى الخلية ..

كان تأثير كلام بشار على الحضور عمل السحر في النفوس ..





نظر إلى الحاضرين ..
كانت أعينهم تحملق في
الصور في رهبة
..

وبعد لحظات من الصمت
..
توقف رجل مسن تبدو عليه علامات الوقار
..
وقال : دكتور بشار
..
جهد رائع اللذي بذلته
..
عندي سؤال هل تسمح لي به
؟


صمت الرجل لبرهة وهو يتأمل
نظرات التساؤل في عين بشار
..
فقال
: ولكن ألا تظن أن الجين
BAX2
له دور في هذه المسألة
..
إن الموضوع لا ينتهي
ب Tp 53فقط
..
أنا
أعمل في بحث مطول حول هذا الموضوع من أكثر من 6 سنوات
..
وأظن انه لا يكفي أن
ننشط الجين وحده دون بقية الجينات المؤثرة
..


نظر له
بشار وقال وقد أحس بتوتر طفيف .. رغم إنه يثق فيما لديه من دراية وخبرة في الموضوع
..
ولكننا قد جربنا هذا العقار
..
أما جين
BAX2 فهو خاص بقتل الخلية بطريقة أخرى
..
وإننا لو استطعنا أن ننشط جين واحد على
الأقل فإن الأمر كافي
..
المهم
أن نوقف المرض وليس أن نستعيد كل أنظمة دفاع الجسم والجهاز المناعي
..

والدلائل بالصور لديك الآن
..

جمع
أنفاسه ووجه خطابه للكل
..
كل ما
نطلبه أن تتبنى المستشفى تكاليف التجارب الأخرى
..


فقام رجل أصلع الرأس
.. يرتدي عوينات
..
وبذلة حريرية فاخرة وقال
:
هذه الخلايا آدمية أم لشامبانزي؟

فقال بشار
:
لم نستطع أن نوفر شامبانزي
..
فكما تعلمون الموضوع مكلف ويحتاج إلى الكثير
من الإجراءات
..
استعملنا الأرنب لأنه قريب
جداً من تشريح جسد الإنسان
..
كما أن
لجنة حقوق الإنس
..
قاطعه ذات الرجل وقال
:
عذراً ولكني لن أستطيع أن آخذ هذه النتائج
على محمل الجدية بهذه الطريقة
..

أحس
بشار أنه في موقف حرج
..
على
الرغم من أن نتائج بحثه كانت واضحة
..
ولكن
الرجل المسن قال
:
لا بل يؤخذ
..
إن هذه النتائج لم يتوصل إليها أحد قبلاً
..
ولابد لنا من التجربة على الأقل
..
لن نخسر شيئاً
..
إن هدفنا خدمة البشر
..
والمحاولة في مداواتهم قدر ما نستطيع
..
وأن نخفف من معاناة الناس
..
كم من إنسان ينتظر مثل هذا العقار حتى ينهي
ألمه ومرضه
..


أحس بشار
بارتياح بالغ لهذه الكلمات
..
فتابع
المسن وهو ينظر لبشار بسلطة من المؤكد أنه يحملها
:
أظن أننا سنسمح لك بإكمال التجارب
..
ولكن لن نوافق على إجازتها قبل أن نرى
النتائج كاملة
..
إجراءات الشامبانزي قد
تستمر لحوالي سنة
..
تستطيع في هذه الفترة أن
تبحث في الموضوع
..

وتجري المزيد من التجارب
..


سادت
همهمة كبيرة في الغرفة
..
بعدها
وقف أحد الحاضرين
..
وقام بالتصفيق
..
صفق الجميع للدكتور بشار
..
الذي وقف في خجل أمام هذا الجمع الغفير من
الناس ..


وهو يسمع بعض الأصوات وهي تقول : رائع جداً .. عمل باهر ..


وبعد نصف ساعة .. كان بشار
يسير متوجهاً نحو غرفة مايا
..
وهو
يحمل في يديه باقة ورد رائعة
..
كان
مفعماً بالحيوية
..
سعيداً بما حصل اليوم من
إنجاز
..
دق الباب بلطف
..
ثم دخل ووجه مشرق
..

ولكن
أمامه
..
كانت كارثة إنسانية
..
كانت مايا ملقاة على الأرض
..
وهي تستفرغ
..
تمزق طرف ملاءتها
..
يبدو أنها سقطت بقوة على الأرض
..
لم يشعر بشار بنفسه وهو يرمي الورود على
الأرض .. ويجري نحوها بأقصى سرعة
..


الساعة
الثالثة ظهراً
..
بشار في المختبر
..
يجري تحليلاً لعينة حديثة من مايا
..
من ورمها في الكبد
..
الخلايا بدأت تصبح أكثر شراسة
..
المرض في حالة متقدمة للغاية
..
والعلاج الكيماوي لا يفيد
..





قد لا
يعرف البعض
..
ولكن العلاج الكيماوي
للسرطان
..
مسبب كبير لسرطانات أخرى
في الجسم
..
إذا ما الفائدة من العلاج
به؟
!
تطويل عمر المريض قدر الإمكان
..
وفي ذات الوقت إطالة المعانة
..
هذه حقيقة مؤلمة لأصحاب القلوب المرهفة
..
ولكنها حقيقة
..
لا تروق للحالمين أبداً
..
الواقع يكسر أحلامنا
على صخوره الحادة
..


اخذ
بشار في نفسه يفكر
..
إنه
كان يأمل أن تصمد مايا قليلاً
..
حتى
يتمكن من استخدام العقار
..
ولكن
مستحيل
..
لا بد لها من علاج سريع
..
لا بد
..
أخذ يحس أنه سيفقد الإنسانة التي يحب
..

ولكنه عزم أمره وقرر شيئاً
ما
..
أغلق مصابيح المختبر
..
وتوجه بخطى ثابتة إلى مايا
..
سأل الممرضة عنها قبل دخوله
..
فقالت : إنها بخير
..


طرق الباب بلطف
..
دخل على مايا التي كانت شاحبة اللون
..
وأخذت ترسم أماها لوحة
..
جاء بشار إليها
..
كانت اللوحة عبارة عن فراشة لتوها خرجت من
شرنقتها في تابوت زجاجي
..

نظر
لها بشار وقال بألم
:
مايا .. لم ترسمين
هكذا؟
نظرت له مايا وابتسمت
بطيبة لا حدود لها
..
إلهي
.. كيف تمشي هذه العذبة في الدنيا
..
دون
ألا تسحر العالم من حولها
..
كأنما
هي ملاك أبيض
..
تمسك في يديها النجوم
وتوزعها على باقي البشر
..



نظرت
في بشار
..
ثم ابتسمت في خجل
..
تأملها بشار
..
ثم جلس جوارها
..
وأخذ يديها
..
ونظر في عينيها بعمق
..
فلم تتحمل هذه النظرة التي حملت معها حنان
الدنيا
..
وكأنما نسي هو الواقع
وقال
:
أحبك
..
مال رأس مايا إلى الجهة الثانية وهي في قمة
الخجل
..

لحظات
حتى عاد بشار لواقعه
..
واكتست
ملامحه بالجدية وقال
:
مايا أريد أن أخبرك بأمر
..
بقيت مايا ووجها في الجهة الأخرى
..
لا يظهر منها إلا شعرها الناعم الفاحم
..
وطرف خدها الوضاء
..
وقالت : سأموت أليس كذلك
؟
صمت بشار .. وأحس أنه عاجز
..
أحس انه لا يقدر على شيء
..
أحس بالقهر
..
ضغط على يديها وقال
:
سأنقذك
..
لا تقلقي يا حبيبتي
..
قالها وهو يضمر في نفسه أمراً
..



في
صباح اليوم التالي كان بشار متوجهاً إلى وزارة الصحة اليابانية
..
في طوكيو
..
وبعد رحلة بالقطار من أوساكا إلى طوكيو
..
تستغرق 45 دقيقة
..
دخل المبنى الأزرق البديع
..
وبعد أن استقل المصعد الزيتي اللون
..
كان قد وصل إلى رئيس قسم الأبحاث والتطوير
الطبي
.
دخل المكتب وهو يتنهد في
قلق
..


كان الوقت قد شارف على
صلاة الظهر
..
حين كان بشار يستقل القطار
عائداً إلى أوساكا .. محملاً بخيبة أمل كبيرة
..
وفي أذنه أخذت ترن كلمات رئيس قسم الأبحاث
والتطوير الطبي
..
" لا نستطيع أن نعطيك إذناً بتجربة
عقار .. لم يتم التأكد منه .. أرواح الناس ليست لعبة .. نحن هنا في اليابان نهتم بمرضانا
..
تستطيع أن تجرب ما تشاء
على من تشاء في بلدك
..
لا أستطيع أن أحملك
مسؤولية حياة إنسان ياباني واحد


زفر بشار
..
على الرغم من كل الآمال التي كان يعلقها على
هذه الزيارة
..
ولكن كل شيء ذهب أدراج
الرياح
..
لم يعرف كيف سيتصرف
..
أحس أنه مشلول مرة أخرى
..
وقهر عظيم
..
وحرقة في صدر عاشق مولوع
..
وإحساس بالألم يتفجر في داخله بأسى
..
كم يتمنى أن يعطيها عمره لتعيش بدلاً منه
..
أحس بدمعة مرة تعتلي جفنه
..
ولكنه أخفاها بمهارة في كمه
..

عاد إلى
المستشفى
..
وهو يحمل في صدره غصة لا
حدود لها
..
دخل المستشفى
..
بخطى ثقيلة للغاية
..
حتى استغرب كل من كان يعرفه
..
ما كان بشار يدخل هكذا أبداً
..
لطالما كان المرح والسرور يغمر محياه كلما
..
بل كم وكم وزع أملاً لأصحاب القلوب المحبطة
..
كان محبوباً بحق لظرفه .. وخفه دمه
..
وبساطته وأريحيته في التعامل
..


ولكنه
ذلك اليوم لم يكن يأبه لشيء
..
لم يكن
يأبه إلا أن حبيبته ستموت
..
وهو
..
سيقف متفرجاً على المأساة
..

دخل
غرفته
..
وجلس فيها
..
وهو لا يهتم بالأوراق التي داسها بقدمه
..
جلس ووضع رأسه بين كفيه
..
أحس بالمرارة
..
ثم أسند رأسه للجدار
..
وبعد لحظات

راح في شبه غفوة
..
إنها تلك الحالة التي لا تنام فيها ولا تكون
متيقظاً
..
تلك الساعة التي تنامها
وتحس بعدها بأفظع الآلام في رقبتك
..
وتمر
عليك فيها الكوابيس التي لا تتذكرها أبداً
..

نهض بشار وهو يلهث من فرط
الإرهاق
..
والعرق يتصبب على ياقة
قميصه
..
أحس بحرّ شديد
..

ولكن فكرة ما
..
لمعت في رأسه
..
أخذ ينظر هنالك البعيد باهتمام شديد
..
أخذ يفكر ويفكر ويفكر
..
وأطال التفكير
..
والتمعت عينيه ببريق حاد
..
ولدت في عقله فكرة جهنمية
..
كان مصمماً على إنقاذ مايا وبأي ثمن
..


قام من
كرسيه وأخذ يجري
..
حتى وصل إلى غرفة مايا
..
دخل الغرفة
..
نظر إلى مايا
..
التي أخذت تنظر فيه بدهشة
..
أمسكها من كتفيها وقال
:
مايا .. هل تثقين في
؟
نظرت له وقالت
:
بشار .. ما الموضوع
؟
نظر لها بشار وابتسم لحظة ثم قال : أول مرة
تقولين بشار بدون ألقاب
..
ابتسمت
مايا وأشاحت بوجهها
..
فقال
لها بشار
:
لأجل هذه الابتسامة
الخجولة
..
أبيع عمري
..





وكان هذا الذي حصل بحق
..

ترى كيف كان ذلك
؟

هذا ما سنراه في الجزء القادم ..
"كيف التشويق بس؟؟؟ "
في الحلقة الجديدة من ..

حب في المستشفى الجامعي






أتمنى أن
الجزء كان على قدر المنتظر


يتبع







 
أعلى