بسم الله الرحمن الرحيم
الجزءالخامس
الساعة العاشرة صباحاً ..
استيقظت همسة على جوالها ..
بنغمةبلو ..
ردت على الجوال دون أنتنظر على الرقم ..
والحق يقال ..
ليس هناك أكثر عذوبة من ت فتاة لتوهاتستيقظ من النوم ..
صوت يغمره الدلال ..
يملأه الدلع ..
قالت : ألو؟
فرد عليها صوت أخذت بهدوء تحلله في عقلهاوهو يقول : همسة ؟
أخذت تفكر من يكون هذاالشخص ..
نظرت في شاشة جوالها ..
فقرأت : Feras
حاولتأن تعدل من صوتها ..
علت شفتيها ابتسامة وهيتحاول أن تتكلم بصوت طبيعي ..
أهلاد. فراس ..
قال لها : آسف لم أكنأعلم أنك نائمة ..
قالت له : لا عليك ..
ثم تثاءبت ..
ومعها ابتسم فراس حتى أذنيه ..
كانت في غاية الفتنة ..
وصوتها أكثر جمالاً من أي وقت مضى ..
قال لها : فقط اتصلت حتى أطمأن عليك ..
البارحة لم أرك ..
واليوم أيضاً ..
أتمنى أن لا يكون مكروهاً قد أصابك ..
قالت له : لا .. فقط غيرت دوامي إلى الفترةالمسائية ليومين فقط ..
قاللها : آها .. أوكي ..
أأنتبخير ؟
قالت له : شكراً علىاتصالك ..
قال لها : لا داعي لأنتقولي هذا الكلام ..
المستشفى بدونك لا تعنيشيئاً ..
أحست همسة بالدم يتجمع فيخديها ..
أصبح الخجل شيئاً مألوفاًقد تتعامل معه يومياً ..
فقالتبهمس : شكراً >>
صمت فراس للحظات ثم قال :
إذا سأراك الثلاثاء؟
قالت له : بالتأكيد ..
رد عليها : أوكي مع السلامة ..
قالت : وعليكم السلام ..
أقفلت السماعة ..
إنهاأول مرة يتصل بها فراس ..
امممممم ..
ما الذي أحس به؟
لا أدري ..
جلست همسة على فراشها وشعرها البني قد انتفش ..
وأصبح أشعثاً ..
أخذت تتأمل الغرفة في شيء من الاستغراب ..
وكأنها تراها لأول مرة ..
وقع عينها على الدب في طاولتها جوار السرير ..
تأملته في بلاهة قليلاً ..
لمَ عواطفها في حالة منالاضطراب ؟؟
الساعةالثامنة مساءً ..
همسة تنزل من سيارةالسائق ..
وتمشي في خطى أنيقة إلىداخل المستشفى الجامعي ..
وفينفسها ارتياح عميق ..
لا تدري لم ..
ولكنها لم تكن على علم بما ينتظرها اليوم ..
لم تكن تعرف لأي مدى سوف تؤثر فيها قصة بشار ..
كانت تحس بأنها قصة عادية ..
تسير الدنيا من بعدها ولا تقف ..
ولكنها كانت على خطأ ..
دخلت المستشفى ..
كانتخطواتها منتعشة ..
مشت بمرح حتى وصلت إلى غرفتها ..
وقبلأن تدخلها ..
وجدت تلك الوردة الحمراء ..
علىالباب الذي كان مقفلاً ..
أخذت الوردة ..
طالعت فيها ..
وابتسمت..
دخلت غرفتها ..
وأغلقت الباب ..
وبدأت في قراءة تقاريرها ..
وبعددقائق ..
خرجتمن الغرفة ..
بسماعة الأطباء الشهيرة ..
التييحلم الكثير من الآباء أن يرتديها أبناؤهم في يوم من الأيام ..
ذهبتإلى قسمها ..
قسم الأورام ..
توجهت نحو الغرفة 246 ..
دخلت الغرفة ..
ثمووقفت على عتبة الباب ..
وجدتبشار .. يرتجف من شدة البرد ..
وجسدهينتفض بقوة أمامها ..
جرتنحوه ..
أخذت تنظر فيه ..
وكأنما لوهلة نست أنها طبيبة ..
وضعت يدها على جبهته ..
وجدته ساخنا جداً ..
ضغطت على زر استدعاء الممرضة ..
أخذت البطانية الثقيلة ..
وأخذت تغطيه ..
وهي تحس بجزع بلا حدود
دخلت الممرضة ..
قالت همسة بجدية تدل على طبيبة محترفةواثقة:
Tramadol
وكمادات باردة"
بسرعة ..
وبشار ..
لا يكاد يحس بشيء من هذا ..
إنه في حالة شديدة
Acute stage
حاولت همسة أن تدفع بشارجانباً ..
ولكن عضلاته كانت في حالةمتيبسة ..
فلم تجد بداً من أن تشقله ثياب المستشفى الزرقاء ..
وتخترق جلد يديه بالإبرة ..
ليتدفق السائل الشفاف في يد بشار ..
أخذت تنظر إليه في إشفاق ..
أحست كم هناك الكثير من الناس من يحتاجهابحق .. نظرت له بحنان ..
أخذتالكمادات من الممرضة ..
ووضعتها بيديها على رأس بشار ..
بعدأن غطته بتلك البطانيات ..
وبعدلحظات بدأ يسكن قليلاً ..
زفرت بقوة ..
ثم خرجت ..
وقالت للممرضة :
What the hell you were doing?
كانت في حالة عصبية ..
فقالت الممرضة :
I checked him before 10 minutes .. he was OK ..
نظرت لها همسة بقسوة ..
ثم أخذت بقية أوراقها ..
ومشت وهي تقول :
Watch it out!
أحست أنها غاضبة بحق ..
وأخذت تمر على المرضى الباقين تطمأن على حالتهم ..
وبعد أن انتهت بعد ساعة ..
كانت متوترة جداً ..
جلست في مكتبها ..
تنهدت تنهدية طويلة ..
فكرت ..
لم لا أذهب إليه ..
فقط لأطمأن على حالته ..
أخذت تمشي في دهاليز المستشفى ..
ورائحة المنظفات تعبق في الهواء ..
وهدوء مخيف أحياناً يغمر المكان ..
وبرودة تبعث القشعريرة ..
مشت حتى وصلت إلى الباب ..
طرقته بلطف ..
ودخلت ..
لم تهتم للممرضة التي كانت حانقة عليها .. من تلك المعاملة الجافة ..
والتي أخذت تسبها بالفلبينية أمام صديقتها ..
كانت الغرفة مضاءة بضوء خافت .. فوق سرير بشار .. جلست جواره ..
أخذت تتأمل فيه ..
لم يكن بقي لها أي عمل ..
إنها فقط ترعى المرضى ..
وعند أي حالة .. يستطيعون أن يتصلوا بها على بيجرها ..
وهي طريقة مألوفة جداً لدى جميع الأطباء ..
نزعت عنه كمادة ..
ووضعت الأخرى ..
أما هي .. أحست بالغضب ..
نظرت في يديها التي كانت تضمها إلى صدرها بخوف حقيقي ..
دخلت الممرضة وقالت :
What happen?
نظرت لها همسة .. وألقت عليها ما تبقى من غضبها ..
وخرجت من الباب دونما كلمة ..
وذهبت ..
أما الممرضة .. فأخذت تنظر في بلاهة ..
وبعد أن مشت همسة للحظات ..
نظرت .. فوجدت نفسها في الكافتيريا ..
وقفت قليلاً ..
زمت شفتيها ..
ثم أنزلت رأسها على الأرض ..
تبسمت ..
ثم أخذت تضحك ..
ووضعت يدها على وجهها كأنها خجلة من نفسها ..
جلست على كرسي ..
وأخذت تفكر ..
ما هذا التصرف الصبياني ..
كيف كان هذا الإنسان طبيباً ؟!
سخيف بحق ..
ثم أخذ تضحك مرة أخرى ..
وهي تتخيل نفسها ..
أحست بالإحراج من شكلها ..
لا بد أنه كان سخيفاً بحق ..
طلبت عصير خوخ تروبيكانا الذي تحبه ..
وعندما همت بأن تدفع الحساب ..
وجدت يداً سمراء تمتد ..
وتضع 8 ريالات ..
وهو يقول ..
سأحاسب عنها أيضاً ..
نظرت فوجدت بشار ..
وهو بلباس المستشفى وقد تشقق جزء منه مكان الإبرة ..
نظرت له ..
قالت وكأنما نست لوهلة كل الذي حصل :
يجب أن تكون في الفراش الآن ..
قد تأتيك نوبة رعاش مرة أخرى ..
قال لها متجاهلاً كلامها بابتسامة:
هذا اعتذار مني لك على الحركة ..
نظرت له مبتسمة وقالت :
لا داعي .. شكراً ..
فنظر لها مازحاً وهو يقول :
علي الطلاق .. سوف تأخذينها ..
كان يتكلم معها كما لو كانا أصدقاء يعرفان بعض ..
ابتسمت وقالت : حسناً ..
كان يحتضن هو الآخر في يده عصير برتقال ..
كما لو كانت طفلته ..
وبينما هما يتوجهان نحو الغرفة ..
فتح بشار قنينة العصير .. وأخذ يشرب ..
وبعد أول رشفة قال :
يا ساتر .. حتى العصيرات هنا لها طعم الأدوية!
نظرت له همسة وضحكت ثم قالت :
لم يضربك أحد على يدك ..
فقال : عصير تانج من كافتيريا الأمانة بجوار بيتنا بريال ألذ منه والله ..
ابتسمت همسة ..
فعاد وقال : المشكلة أنه أيضاً بأربعة ريالات ..
قالت همسة :
انتهينا من هذا الموضوع ..
قال لها بتلك الطريقة المرحة:
"عشانك بس" .. لقد كنت عازماً على إقفال المستشفى بالشمع الأحمر ..
لكني قلت .. آخر مرة .. لن يعيدونها مرة أخرى ..
نظرت فيه همسة وابتسمت ..
الحمد لله على العافية ..
كانت تحاول أن تسيطر على ملامحها الجدية .. قدر ما تستطيع بما يليق بأن تكون طبيبة .. ثم قالت : إن احتجت شيئاً ..
الممرضة في الجوار ..
كانت تصطنع الثقل ..
رغم أنها كانت تود أن تسمع قصة مايا بكل جوارحها ..
فقال بشار ببساطة :
لم لا تجلسين قليلاً ..
سوف يأتي وسام ومعه حبيبتي منى ..
قالت همسة وهي تتصنع : امممممم ..
حسناً .. ولكني لن أطيل ..
ابتسم وقال : أعرف ..
جلست همسة ..
فقال بشار :
هل تريدين أن تعرفي ما الذي حصل لي مع مايا ؟
ثم جعل المخدة تحتضن رأسه ..
وذهب ببصره إلى أفق الغرفة البعييييييييد ..
دخل بشار غرفة مايا ..
كان حيوياً كعادته ..
كان يحمل معه باقة صغيرة من ورد أحمر جميل ..
"أهلا يا مايا "
نظرت مايا فيه بخجل شديد ..
وقالت وهي تنزل عينيها في الأرض : أهلاً ..
جلس جوارها .. ووضع الورد في المزهرية ..
فقالت بحياء :
ممن هذا الورد اليوم ؟
نظر فيها وقال وهي يتظاهر بالتفكير :
امممم
إنه من .. من .. من .. من حارس الأمن ..
فقالت له مبتسمة تجاريه:
لقد جلب لي قبل 3 أيام باقة ورد ..
قال لها : لا .. إنه رجل الأمن الآخر ..
فقالت مايا : دكتور بشار .. أرجوك .. لك أكثر من أسبوعين .. تجلب لي الورود ..
وفي كل مرة تقول لي بأنه من أحد العاملين في المستشفى .. هذا كثير ..
كانت تنطق اسم بشار بتلك اللكنة اليابانية التي تمسح معظم الأحرف .. حتى لتبدو الكلمات سائحة على بعضها .. ولكنها كانت على قلب بشار مثل العسل الصافي ..
نظر لها وقال مبتسماً :
لا شيء كثير عليك ..
تورد خداها في خجل شديد ..
كان بشار يمر عليها في هذه الأسبوعين كل يوم ..
لقد أصبح ينام في المستشفى ..
وهو أمر يفعله بعض الأطباء المجتهدين ..
الذين يريدون التعلم ..
فيكون لديهم مناوبات في الليل ..
وفي الصباح يرافقون بعض الأطباء المشهورين لإجراء عملية ما ..
وهكذا ..
شيء من التعب ..
ولكن رغبة العلم عند الأطباء بلا حدود ..
حتى في السعودية ..
طبعاً ليس الكل ..
وكانت مايا بدون نقاش تحس بأن بشار يعاملها معاملة خاصة للغاية ..
كانت تحس أنه يحبها بحق ..
كانت نسمة رقيقة بكل معاني هذه الكلمة ..
حساسة كصفحة ماء نقية ..
خجولة بشكل غير طبيعي ..
كانت بكل معاني الكلمة ملاكاً نقياً ..
عرف بشار فيما بعد أنها طالبة في السنة الأولى في كلية الفنون ..
كانت تحب الرسم ..
وكان بشار ..
يجلب لها دون أن تطلب هي .. بعض الألوان واللوحات ..
ويطلب منها أن ترسم ..
كانت ترسم الطبيعة ..
وعند علماء النفس ..
رسم الطبيعة دليل على الوحدة ..
والانطوائية ..
هكذا تعلم بشار من مادة علم النفس التي درسها في سنته الخامسة من كلية الطب ..
كان يحب أن يراها وهي ترسم ..
وهي كانت تتعمد أن تتحاشى نظراته ..
التي كان يمطرها إياها بكل استمتاع ..
كان يرى فيها براءة وعذوبة يستطيع أن يرتشف منها إلى الأبد ..
كان يتخيلها دوماً ..
مجسماً للرقة .. في دولاب زجاجي ..
لا يحق لأحد في الدنيا حتى مسه ..