تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة .
كل قصائد و أشعار الشاعر نزار قباني
ديك الجنّ الدِمَشقي
-------------
إنّي قتلتُكِ.. واسترحتُ
يا أرخصَ امرأةً عرفتُ..
أغمدتُ في نهدَيْكِ.. سِكِّيني
وفي دمكِ اغتسلتُ..
وأكلتُ من شفة الجراحِ
ومِنْ سُلافتها شربتُ..
وطعنتُ حبَّكِ في الوريدِ..
طعنتُهُ.. حتى شبعتُ
ولُفافتي بفمي.. فلا انفعلَ
الدخانُ.. ولا انفعلتُ
ورميتُ للأسماكِ.. لحمَكِ
ولا رحمتُ.. ولا غفرتُ
لا تستغيثي.. وانزفي
فوق الوسادة كما نزفتُ
نفّذتُ فيكِ جريمتي
ومسحتُ سِكِّيني.. نمتُ..
ولقد قتلتُكِ عَشْرَ مرّاتٍ
ولكني.. فشلتُ
وظننتُ، والسكّينُ تلمعُ
في يدي، أني انتصرتُ
وحملتُ جُثتكِ الصغيرةَ
طيّ أعماقي وسرتُ
وبحثتُ عن قبر لها..
تحت الظلام فما وجدتُ
وهربتُ منكِ.. وراعني
أني إليكِ.. أنا هربتُ
في كلِّ زاويةٍ.. أراكِ
وكلِّ فاصلة كتبتُ
في الطيب، في غَيْم السجائر،
في الشراب إذا شربتُ
أنتِ القتيلةُ.. أم أنا
حتى بموتكِ.. ما استرحتُ
*
حسناءُ.. لم أقتُلْكِ أنتِ..
وإنما نفسي.. قتلتُ..
من منكما أحلى؟
------------
شِعْري ووجهُكِ.. قطعتا ذَهَبٍ
وحمامتانِ. وزهرتا دِفْلى..
ما زلتُ محتاراً.. أمامكما..
مَنْ منكُما.. مَنْ منكُما أحلى؟
أخاف
------
أخافُ أن أقولَ للتي أُحبُّها
(أُحبُّها)
فالخمرُ في جِرارِها
تخسرُ شيئاً
عندما نصبُّها..
مَاذَا سَتفعل؟
---------
لا تُقبِّلني بعنفٍ..
زهرةُ الرُمَّانِ ليستْ تتحمّلْ..
لا تقبّلني..
فلو ذابَ فمي..
ماذا ستفعلْ؟
حَديثُ يَدَيْها
----------
قليلاً من الصَمْت..
يا جاهلَهْ..
فأجملُ من كلِّ هذا الحديثْ
حديثُ يديْكِ
على الطاولَهْ..
أوراقٌ إسْبَانيّة
----------
(1)
الجسر
إسبانيا..
جسرٌ من البكاءْ..
يمتدُّ بين الأرضِ والسماءْ..
(2)
سوناتا
على صدر قيثارةٍ باكيَهْ
تموتُ..
وتولدُ إسبانيَهْ..
(3)
الفارسُ والوردة
إسبانيا..
مراوحٌ هفهافةٌ
تمشّطُ الهواءْ..
وأعينٌ سوداءُ..
لا بدءٌ لها.. ولا انتهاءْ
قُبّعةٌ تُرمى أمام شرفة الحبيبَه.
ووردةٌ رطيبَه..
تطيرُ من مقصورة النساءْ
تحملُ في أوراقها الصلاةَ والدعاءْ.
لفارسٍ من الجنوب.. أحمرِ الرداءْ.
يداعبُ الفناءْ..
وكلُّ ما يملُكهُ..
سيفٌ.. كبرياءْ..
(4)
بيتُ العصافير
بإشبيليهْ
تعلِّق كلُّ جميلَهْ
على شَعْرها وردةً قانيَهْ
تحطُّ عليها مساءً
جميعُ عصافير إسبانيَهْ
(5)
مراوحُ الاسبانيات
إذا لَمْلَمَ الصيفُ أشياءَهُ
ومات الربيعُ على الرابيَهْ
تفتّح ألفُ ربيعٍ جديدٍ
على ألف مروحةٍ زاهيَه..
(6)
اللؤلؤ الأسود
شوارعُ غرناطة في الظهيرَهْ
حقولٌ من اللؤلؤ الأسودِ..
فمِنْ مقعدي..
أرى وطني في العيون الكبيرَهْ
أرى مئذناتِ دمشقَ
مُصوَّرةً..
فوقَ كلِّ ضفيرَهْ
(7)
دونيا ماريا
تُمزِّقني.. دونيا ماريّهْ
بعَيْنينِ أوسعَ من باديَهْ
ووجهٍ عليه شموسُ بلادي
وروعةُ آفاقها الصاحيَهْ..
فأذكرُ منزلنا في دمشق
وَلثْغةَ بِرْكته الصافيَهْ
ورقْصَ الظلال بقاعاتِه
وأشجارَ ليمونه العاليَهْ
وباباً قديماً.. نقشتُ عليه
بخطّ رديء.. حكاياتيَهْ
بعينيكِ.. يا دونيا ماريَهْ
أرى وطني مرةً ثانيَهْ...
(8)
القُرط الطموح
على أُذُنيْ هذه الغانيَهْ
تأرجح قُرْطٌ رفيعْ
كما يضحكُ الضوءُ في الآنيَهْ
يمدُّ يديهِ.. ولا يستطيعْ
وصولاً.. إلى الكتِفِ العاريَهْ..
(9)
الثور
برغْمِ النزيف الذي يعتريهِ..
برغمِ السهام الدفينةِ فيهِ..
يظلُّ القتيلُ على ما به..
أجلَّ .. وأكبرَ .. من قاتليهِ..
(10)
نزيفُ الأنبياء..
كُوريدَا...
كُوريدَا...
ويندفع الثورُ نحو الرداءْ
قوياً.. عنيداً..
ويسقُطُ في ساحة الملعب..
كأيِّ شهيدٍ..
كأيِّ نبي..
ولا يتخلى عن الكبرياءْ...
(11)
بقايا العرب
فْلامنكُو..
فْلامنكُو..
وتستيقظُ الحانةُ الغافيَهْ
على قهقهاتِ صنوج الخَشَبْ
وبحّةِ صوتٍ حزينِ..
يسيلُ كنافورةٍ من ذهبْ
وأجلسُ في زاويَهْ
ألُمُّ دموعي..
ألُمُّ بقايا العربْ...
حُبٌ إستثنائي.. لامرأةٍ إستثنائية
---------------------
1
أكثرُ ما يعذّبني في حُبِّكِ..
أنني لا أستطيع أن أحبّكِ أكثرْ..
وأكثرُ ما يضايقني في حواسّي الخمسْ..
أنها بقيتْ خمساً.. لا أكثَرْ..
إنَّ امرأةً إستثنائيةً مثلكِ
تحتاجُ إلى أحاسيسَ إستثنائيَّهْ..
وأشواقٍ إستثنائيَّهْ..
ودموعٍ إستثنايَّهْ..
وديانةٍ رابعَهْ..
لها تعاليمُها ، وطقوسُها، وجنَّتُها، ونارُها.
إنَّ امرأةً إستثنائيَّةً مثلكِ..
تحتاجُ إلى كُتُبٍ تُكْتَبُ لها وحدَها..
وحزنٍ خاصٍ بها وحدَها..
وموتٍ خاصٍ بها وحدَها
وزَمَنٍ بملايين الغُرف..
تسكنُ فيه وحدها..
لكنّني واأسفاهْ..
لا أستطيع أن أعجنَ الثواني
على شكل خواتمَ أضعُها في أصابعكْ
فالسنةُ محكومةٌ بشهورها
والشهورُ محكومةٌ بأسابيعها
والأسابيعُ محكومةٌ بأيامِها
وأيّامي محكومةٌ بتعاقب الليل والنهارْ
في عينيكِ البَنَفسجيتيْنْ...
2
أكثرُ ما يعذِّبني في اللغة.. أنّها لا تكفيكِ.
وأكثرُ ما يضايقني في الكتابة أنها لا تكتُبُكِ..
أنتِ امرأةٌ صعبهْ..
كلماتي تلهثُ كالخيول على مرتفعاتكْ..
ومفرداتي لا تكفي لاجتياز مسافاتك الضوئيَّهْ..
معكِ لا توجدُ مشكلة..
إنَّ مشكلتي هي مع الأبجديَّهْ..
مع ثمانٍ وعشرين حرفاً، لا تكفيني لتغطية بوصة
واحدةٍ من مساحات أنوثتكْ..
ولا تكفيني لإقامة صلاة شكرٍ واحدةٍ لوجهك
الجميلْ...
إنَّ ما يحزنني في علاقتي معكِ..
أنكِ امرأةٌ متعدِّدهْ..
واللغةُ واحِدهْ..
فماذا تقترحين أن أفعلْ؟
كي أتصالح مع لغتي..
وأُزيلَ هذه الغُربَهْ..
بين الخَزَفِ، وبين الأصابعْ
بين سطوحكِ المصقولهْ..
وعَرَباتي المدفونةِ في الثلجْ..
بين محيط خصركِ..
وطُموحِ مراكبي..
لاكتشاف كرويّة الأرضْ..
3
ربما كنتِ راضيةً عنِّي..
لأنني جعلتكِ كالأميرات في كُتُب الأطفالْ
ورسمتُكِ كالملائكة على سقوف الكنائس..
ولكني لستُ راضياً عن نفسي..
فقد كان بإمكاني أن أرسمكِ بطريقة أفضلْ.
وأوزّعَ الوردَ والذَهَبَ حول إليتيْكِ.. بشكلٍ أفضلْ.
ولكنَّ الوقت فاجأني.
وأنا معلَّقٌ بين النحاس.. وبين الحليبْ..
بين النعاس.. وبين البحرْ..
بين أظافر الشهوة.. ولحم المرايا..
بين الخطوط المنحنية.. والخطوط المستقيمهْ..
ربما كنتِ قانعةً، مثل كلّ النساءْ،
بأيّة قصيدة حبٍ . تُقال لكِ..
أما أنا فغير قانعٍ بقناعاتكْ..
فهناك مئاتٌ من الكلمات تطلب مقابلتي..
ولا أقابلها..
وهناك مئاتٌ من القصائدْ..
تجلس ساعات في غرفة الإنتظار..
فأعتذر لها..
إنني لا أبحث عن قصيدةٍ ما..
لإمرأةٍ ما..
ولكنني أبحث عن "قصيدتكِ" أنتِ....
4
إنني عاتبٌ على جسدي..
لأنه لم يستطع ارتداءكِ بشكل أفضلْ..
وعاتبٌ على مسامات جلدي..
لأنها لم تستطع أن تمتصَّكِ بشكل أفضلْ..
وعاتبٌ على فمي..
لأنه لم يلتقط حبّات اللؤلؤ المتناثرة على امتداد
شواطئكِ بشكلٍ أفضلْ..
وعاتبٌ على خيالي..
لأنه لم يتخيَّل كيف يمكن أن تنفجر البروق،
وأقواسُ قُزَحْ..
من نهدين لم يحتفلا بعيد ميلادهما الثامنِ عشر..
بصورة رسميَّهْ...
ولكن.. ماذا ينفع العتب الآنْ..
بعد أن أصبحتْ علاقتنا كبرتقالةٍ شاحبة،
سقطت في البحرْ..
لقد كان جسدُكِ مليئاً باحتمالات المطرْ..
وكان ميزانُ الزلازلْ
تحت سُرّتِكِ المستديرةِ كفم طفلْ..
يتنبأ باهتزاز الأرضْ..
ويعطي علامات يوم القيامهْ..
ولكنني لم أكن ذكياً بما فيه الكفايه..
لألتقط إشاراتكْ..
ولم أكن مثقفاً بما فيه الكفايه...
لأقرأ أفكار الموج والزَبَدْ
وأسمعَ إيقاعَ دورتكِ الدمويّهْ....
5
أكثر ما يعذِّبني في تاريخي معكِ..
أنني عاملتُكِ على طريقة بيدبا الفيلسوفْ..
ولم أعاملكِ على طريقة رامبو.. وزوربا..
وفان كوخ.. وديكِ الجنّ.. وسائر المجانينْ
عاملتُك كأستاذ جامعيّْ..
يخاف أن يُحبَّ طالبته الجميلهْ..
حتى لا يخسَر شرَفَه الأكاديمي..
لهذا أشعر برغبةٍ طاغية في الإعتذار إليكِ..
عن جميع أشعار التصوُّف التي أسمعتكِ إياها..
يوم كنتِ تأتينَ إليَّ..
مليئةً كالسنبُلهْ..
وطازجةً كالسمكة الخارجة من البحرْ..
6
أعتذر إليكِ..
بالنيابة عن ابن الفارض، وجلال الدين الرومي،
ومحي الدين بن عربي..
عن كلَّ التنظيرات.. والتهويمات.. والرموز..
والأقنعة التي كنتُ أضعها على وجهي، في
غرفة الحُبّْ..
يوم كان المطلوبُ منِّي..
أن أكونَ قاطعاً كالشفرة
وهجومياً كفهدٍ إفريقيّْ..
أشعرُ برغبة في الإعتذار إليكِ..
عن غبائي الذي لا مثيلَ له..
وجبني الذي لا مثيل له..
وعن كل الحكم المأثورة..
التي كنتُ أحفظها عن ظهر قلبْ..
وتلوتُها على نهديكِ الصغيريْْنْ..
فبكيا كطفلينِ معاقبينِ.. وناما دون عشاءْ..
7
أعترفُ لكِ يا سيّدتي..
أنّكِ كنتِ امرأةً إستثنائيَّهْ
وأنَّ غبائي كان استثنائياً...
فاسمحي لي أن أتلو أمامكِ فِعْلَ الندامَهْ
عن كلِّ مواقف الحكمة التي صدرتْ عنِّي..
فقد تأكّد لي..
بعدما خسرتُ السباقْ..
وخسرتُ نقودي..
وخيولي..
أن الحكمةَ هي أسوأُ طَبَقٍ نقدِّمهُ..
لامرأةٍ نحبُّها....
في الحُبِّ البحري..
-------------
مواقفي منكِ، كمواقف البحرْ..
وذاكرتي مائيّةٌ كذاكرتهْ..
لا هو يعرف أسماءَ مرافئه..
ولا أنا أتذكَّّرُ أسماءَ زائراتي
كلُّ سمكةِ تدخل إلى مياهي الإقليمية، تذوبْ..
كلُّ امرأةٍ تستحمُّ بدمي، تذوبْ...
كل نهدٍ، يسقط كالليرة الذهبيّه..
على رمال جسدي.. يذوبْ..
فلتكُنْ لكِ حكمةُ السُفُن الفينيقيّهْ
وواقعيَّةُ المرافئ التي لا تتزوّج أحدا...
2
كلَّما شمَّ البحرُ رائحةَ جسمكِ الحليبيّْ
صَهَلَ كحصانٍ أزرقْ
وشاركتُهُ الصهيلْ..
هكذا خلقني الله...
رَجُلاً على صورة بحرْ
بحراً على صورة رجُلْ
فلا تناقشيني بمنطق زارعي العِنَب والحِنطَهْْ..
ودكاترة الطبّ النفسيّْ..
بل ناقشيني بمنطق البحرْ
حيث الأزرقُ يُلغي الأزرقْ
والأشرعةُ تُلغي الأُفُقْ..
والقبْلَةُ تُلغي الشَفَه..
والقصيدةُ تُلغي ورقةَ الكتابَهْ...
3
إحساسي بكِ متناقضٌ، كإحساس البحرْ
ففي النهار، أغمركِ بمياه حناني
وأُغطِّيكِ بالغيم الأبيض، وأجنحة الحمائمْ
وفي الليل..
أجتاحكِ كقبيلةٍ من البرابرهْ..
لا أستطيع، أيتها المرأة ، أن أكونَ بحراً محايداً..
ولا تستطيعين أن تكوني سفينةً من ورقْ..
لا أنتِ انديرا غاندي
ولا أنا مقتنعٌ بجدوى الحياد الإيجابي
ففي الحبّ.. لا تُوجد مصالحاتٌ نهائيّهْ..
بين الطوفان، وبين المدن المفتوحَهْ..
بين الصواعق، ورؤوس الشَجَرْ
بين الطعنة، وبين الجرحْ
بين أصابعي، وبين شَعْرِكْ
بين قصائد الحبّ.. وسيوفِ قُرَيشْ
بين ليبراليّة نهديكِ..
وتحالفِ أحزاب اليمينْ!!..
4
أيتُّها الخارجةُ من خرائط العَطَش والغبارْ..
تخلّصي من عاداتكِ البَرِيَّهْ..
فالعواصفُ الَبرِيَّة تعبّر عن نفسها..
بإيقاع واحدٍ.. ووتيرةٍ واحدة..
أما الحبُّ في البحر.. فمختلفٌ.. مختلفٌ ..
مختلفْ..
فهو غيرُ خاضع لجاذبيّة الأرض..
وغيرُ ملتزم بالفصول الزراعيّه..
وغيرُ ملتزم بقواعد الحبِّ العربيّْ
حيثُ أجسادُ الرجال تنفجر من التُخْمَهْ..
ونهودُ النساء تتثاءبُ من البطالهْ..
5
أدخلي بحري كسيفٍ من النحاس المصقولْ
ولا تقرأي نَشَرات الطقسْ
ونُبوءات مصلحة الأرصاد الجويَّهْ
فهي لا تعرفُ شيئاً عن مزاج سَمَك القِرْشْ
ولا تعرفُ شيئاً عن مزاجي..
لا أريدُ أن أعطيكِ ضماناتٍ كاذبَهْ
ولا أرغب أن أشتغلَ حارساً لجواهر التاجْ
إنَّ نهديكِ لا يدخلان في حدود مسؤولياتي
فأنا لا أستطيع أن أضمنَ مستقبلهما..
كما لا يستطيعُ البَرْقُ أن يضمنَ مستقبلً غابَهْ..
6
لماذا تبحثينَ عن الثباتْْ؟
حين يكونُ بوسعنا أن نحتفظَ بعلاقاتنا البحريَّهْ
تلكَ التي تتراوحُ بين المدّ .. والجَزْرْ
بين التراجع والاقتحامْ
بين الحنان الشامل، والدمار الشاملْ..
لماذا تبحثين عن الثباتْ؟
فالسمكةُ أرقى من الشجرَهْ..
والسنجابُ .. أهمُّ من الغصنْ..
والسحابة.. أهمّ من نيويوركْ..
7
أريدكِ أن تتكلّمي لغةَ البحرْ..
أريدكِ أن تلعبي معهْ..
وتتقلَّبي على الرمل معهْ..
وتمارسي الحبَّ معهْ..
فالبحرُ هو سيِّد التعدُّد.. والإخصاب.. والتحوّلاتْ..
وأنوثتُكِ هي امتدادٌ طبيعي له..
نامي مع البحر، يا سيدتي..
فليس من مصلحتكِ أن تكوني من فصيلة الشجرْ..
ولا من مصلحتي أن أُحوّلكِ إلى جريدةٍ مقروءهْ
أو إلى ربطة عُنُقٍ معلَّقةٍ في خزانتي
منذُ أن كنتُ طالباً في الجامعهْ..
ليس من مصلحتكِ أن تتزوجيني..
ولا من مصلحتي أن أكون حاجباً على باب المحكمة
الشرعيَّهْ..
أتقاضى الرَشَواتِ من الداخلينْ
وأتقاضى اللَعَناتِ من الخارجينْ..
8
أنا بحرُكِ يا سيّدتي..
فلا تسأليني عن تفاصيل الرحلة..
ووقتِ الإقلاع والوصولْ..
كلُّ ما هو مطلوبٌ منكِ..
أن تنسيْ غرائزكِ البَرِيَّهْ..
وتُطيعي قوانينَ البحرْ..
وتخترقيني.. كسمكةٍ مجنونهْ..
تشطُرُ السفينةَ إلى نصفينْ..
والأُفُقَ إلى نصفينْ..
وحياتي إلى نصفينْْ...
أَقرأُ جَسدَكِ.. وأَتَثقَّف..
------------------
يومَ توقّف الحوارُ بين نهديكِ المغتسلينِ بالماءْ..
وبين القبائل المتقاتلة على الماءْ...
بدأتْ عصورُ الإنحطاطْ..
أعلنتِ الغيومُ الإضرابَ عن المطرْ
لمدة خمسمئة سنهْ..
وأعلنتِ العصافيرُ الإضرابَ عن الطيرانْ
وامتنعتِ السنابل عن انجاب الأولادْ
وصار شكلُ القمر كشكل زجاجة النفطْ..
2
يومَ طردوني من القبيلَهْ..
لأني تركتُ قصيدةً على باب خيمتكْ..
وتركتُ لكِ معها وردهْ..
بدأت عصورُ الانحطاطْ..
إنّ عصور الإنحطاط ليست الجهلَ بمبادئ النحو
والصرفْ..
ولكنها الجهلُ بمبادئ الأنوثَهْ..
وشطبُ أسماءِ جميع النساء من ذاكرةِ الوطنْ..
3
آهِ يا حبيبتي..
ما هو هذا الوطن الذي يتعامل مع الحبّ..
كشرطيِّ سيرْ؟..
فيعتبر الوردةَ مؤامرةً على النظام..
ويعتبر القصيدةَ منشوراً سرياً ضدّه..
ما هو هذا الوطن المرسومُ على شكل جرادة صفراءْ..
تزحف على بطنها من المحيط إلى الخليج..
من الخليج إلى المحيطْ..
والذي يتكلّمُ في النهار كقدّيسْ..
ويدوخ في الليل على سُرَّة امرأةْ..
4
ما هو هذا الوطن؟..
الذي ألغى مادّةَ الحُبّ من مناهجه المدرسيَّهْ..
وألغى فنَّ الشعر..
وعيونَ النساءْ..
ما هو هذا الوطنْ؟
الذي يمارسُ العدوانَ على كل غمامةٍ ماطرهْ
ويفتح لكل نهدٍ ملفّاً سرّياً...
ويُنظِّمُ مع كل وردةٍ محضرَ تحقيقْ!!.
5
يا حبيبتي..
ماذا نفعلُ في هذا الوطن؟.
الذي يخاف أن يرى جسده في المرآة..
حتى لا يشتهيه..
ويخاف أن يسمع صوت امرأةٍ في التلفون..
حتى لا يُنْقَضَ وُضُوءُهْ..
ماذا نفعلُ في هذا الوطن؟
الذي يعرف كلَّ شيءٍ عن ثورة أكتوبر..
وثورةِ الزَنْجْ..
وثورةِ القرامِطَهْ..
ويتصرّف مع النساء كأنه شيخ طريقَهْ..
ماذا نفعلُ في هذا الوطن الضائعْ..
بين مؤلفات الإمام الشافعي.. ومؤلفات لينينْ..
بين الماديّة الجدليّة.. وصور (البورنو)..
بين كتب التفسير.. ومجلة (البلاي بويْ)..
بين فرقة (المعتزلة).. وفرقة (البيلتزْ)...
بين رابعة العدوية.. وبين (إيمانويلْ)...
أيتها المدهشةُ كألعاب الأطفالْ
إنني أعتبر نفسي متحضراً..
لأني أُحبّكِ..
وأعتبر قصائدي تاريخيّةً.. لأنها عاصَرَتكِ..
كلُّ زمنٍ قبل عينيكِ هو احتمالْ
وكلُّ زمنٍ بعدهما هو شظايا..
ولا تسأليني لماذا أنا معكِ..
إنني أريدُ أن أخرجَ من تخلُّفي..
وأدخلَ في زمن الماءْ..
أريدُ أن أهربَ من جمهوريّة العَطَشْ..
وأدخلَ جمهورية المانوليا..
أريد أن أخرجَ من بداوتي..
وأجلسَ تحت الشَجَرْ..
وأغتسلَ بماء الينابيعْ.
وأتعلَّمَ أسماءَ الزهارْ..
أريد أن تعلّميني القراءةَ والكتابهْ..
فالكتابةُ على جسدكِ أوّلُ المعرفَهْ
والدخولُ إليه دخول إلى الحضارَهْ..
إن جسدكِ ليس ضدَّ الثقافَهْ..
ولكنَّه الثقافّهْ..
ومَن لا يقرأ دفاترَ جسدكِ
يبقى طولَ حياته.. أُمِيَّاً....
كلَ عام وأنتِ حبيبتي..
------------------
1
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..
أقولُها لكِ،
عندما تدقُّ الساعةُ منتصفَ الليلْ
وتغرقُ السنةُ الماضيةُ في مياه أحزاني
كسفينةٍ مصنوعةٍ من الورقْ..
أقولُها لكِ على طريقتي..
متجاوزاً كلَّ الطقوس الاحتفاليَّهْ
التي يمارسها العالم منذ 1975 سنة..
وكاسراً كلَّ تقاليد الفرح الكاذب
التي يتمسك بها الناس منذ 1975 سنة..
ورافضاً..
كلَّ العبارات الكلاسيكية..
التي يردّدها الرجالُ على مسامع النساءْ
منذ 1975 سنة..
2
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..
أقولها لكِ بكل بساطه..
كما يقرأ طفلٌ صلاتَهْ قبل النومْ
وكما يقف عصفورٌ على سنبلة قمحْ..
فتزدادُ الأزاهيرُ المشغولةُ على ثوبك الأبيض..
زهرةً..
وتزداد المراكبُ المنتظرةُ في مياه عينيكِ..
مركباً..
أقولها لكِ بحرارةٍ ونَزَقْ
كما يضربُ الراقصُ الاسبانيُّ قَدَمَهُ بالأرضْ
فتتشكَّلْ ألوفُ الدوائرْ
حولَ محيط الكرة الأرضيَّهْ..
.....................................
.....................................
.....................................
3
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..
هذه هي الكلماتُ الأربعْ..
التي سألفُّها بشريطٍ من القَصَبْ
وأرسلها إليكِ ليلةَ رأس السنَهْ.
كلُّ البطاقات التي يبيعونها في المكتباتْ
لا تقولُ ما أريده..
وكلُّ الرسوم التي عليها..
من شموعٍ.. وأجراسٍ.. وأشجارٍ.. وكُراتِ
ثلجْ..
وأطفالٍ.. وملائكهْ..
لا تناسِبُني..
إنني لا أرتاح للبطاقات الجاهزه..
ولا للقصائد الجاهزه..
ولا للتمنيَّات التي برسم التصديرْ
فهي كلُّها مطبوعة في باريس، أو لندن،
أو أمستردام..
ومكتوبةٌ بالفرنسية، أو الانكليزية..
لتصلحَ لكلِّ المناسباتْ
وأنتِ لستِ امرأةَ المناسباتْ..
بل أنتِ المرأةُ التي أُحبّها..
أنتِ هذا الوجعُ اليوميُّ..
الذي لا يُقالُ ببطاقات المُعايَدَهْ..
ولا يُقالُ بالحُروفِ اللاتينيَّهْ...
ولا يُقالُ بالمُراسلهْ..
وإنما يُقالُ عندما تدقّ الساعةُ منتصفَ الليلْ..
وتدخلين كالسمكة إلى مياهي الدافئه..
وتستحمّين هناكْ..
ويسافرُ فمي في غاباتِ شَعْركِ الغَجَريّْ
ويَستوطنُ هناكْ..
4
لأننّي أحبّكِ..
تدخُلُ السنةُ الجديدةُ علينا..
دخولَ الملوكْ..
ولأنني أحبكِ..
أحملُ تصريحاً خاصاً من الله..
بالتجوُّل بين ملايين النجومْ..
5
لن نشتري هذا العيد شَجَرَهْ
ستكونينَ أنتِ الشَجَرَهْ
وسأُعلِّقُ عليكِ..
أمنياتي.. وصَلَواتي..
وقناديل دموعي..
6
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..
أمنيةٌ أخافُ أن أتمناها
حتى لا أُتَّهَمَ بالطمع أو بالغرورْ
فكرةٌ أخافُ أن أُفكِّر بها..
حتى لا يسرقها الناسُ منّي..
ويزعموا أنهمْ أولُ من اخترعَ الشِعْرْ..
7
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..
كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبكِ..
أنا أعرف أنني أتمنى أكثرَ مما ينبغي..
وأحلمُ أكثرَ من الحدِّ المسموح به..
ولكن..
من له الحقُّ أن يحاسبني على أحلامي؟
من يحاسب الفقراءْ؟..
إذا حلموا أنهم جلسوا على العرشْ
لِمُدّةِ خمسِ دقائقْ؟
من يحاسب الصحراء إذا توحَّمتْ على جدول ماءْ؟
هناكَ ثلاثُ حالاتٍ يصبحُ فيها الحُلُمُ شرعياً:
حالةُ الجنونْ..
وحالةُ الشعرْ..
وحالةُ التعرفِ على امرأة مدهشةٍ مثلكِ..
وأنا أعاني لحسن الحظّ-
من الحالات الثلاثْ..
8
اتركي عشيرتكِ..
واتبعيني إلى مغائري الداخليَّه
اتركي قُبّعَةَ الورقْ..
وموسيقى الجيركْ..
والملابسَ التنكريَّهْ..
واجلسي معي تحت شَجَر البرقْ..
وعباءةِ الشِعْر الزرقاءْ..
سأغطّيكِ بمعطفي من مَطَر بيروتْ
وسأسقيكِ نبيذاً أحمر..
من أقبية الرهبانْ..
وسأصنعُ لكِ طبقاً إسبانياً..
من قواقع البحرْ..
إتبعيني يا سيدتي- إلى شوارع الحلم الخلفيَّهْ..
فلسوفَ أُطلعكِ على قصائدَ لم أقرأها لأحَدْ..
وأفتحُ لكِ حقائبَ دموعي..
التي لم أفتحها لأحَدْ..
ولسوف أُحبَّكِ..
كما لا أَحبّكِ أحدْ..
9
عندما تدقُّ الساعةُ الثانيةَ عشرهْ
وتفقد الكرةُ الأرضيةُ توازنها
ويبدأ الراقصون يفكِّرون بأقدامهمْ..
سأنسحبُ إلى داخل نفسي..
وأسحبكِ معي..
فأنتِ امرأةٌ لا ترتبط بالفَرَح العامْ
ولا بالزمنِ العامْ..
ولا بهذا السيرك الكبير الذي يمرُّ أمامنا..
ولا بتلك الطبول الوثنية التي تقرع حولنا..
ولا بأقنعة الورق التي لا يبقى منها في آخر الليل
سوى رجالٍ من ورق..
ونساءٍ من ورقْ..
10
آهِ.. يا سيدتي
لو كان الأمر بيدي..
إذنْ لصنعتُ سنةً لكِ وحدَكِ
تُفصّلين أيّامها كما تريدينْ..
وتسندينَ ظهركِ على أسابيعها كما تريدينْ
وتتشمَّسينْ..
وتستحمينْ..
وتركضينَ على رمال شهورها..
كما تريدينْ..
آهِ.. يا سيدتي..
لو كان الأمرُ بيدي..
لأقمتُ عاصمةً لكِ في ضاحية الوقتْ
لا تأخذ بنظام الساعات الشمسيّة والرمليَّهْ
ولا يبدأ فيها الزمنُ الحقيقيّْ
إلاّ..
عندما تأخذُ يدُكِ الصغيرةُ قيلولتها..
داخلَ يدي..
11
كلَّ عامٍ وعيناكِ أيقونتانِ بيزنطيّتانْ..
ونهداكِ طفلانِ أشقرانْ..
يتدحرجانِ على الثلجْ..
كلَّ عامٍ.. وأنا متورّطٌ بكِ..
ومُلاحقٌ بتهمةِ حبّكِ..
كما السماءُ مُتَّهمةٌ بالزُرْقَهْ
والعصافيرُ مُتَّهمةٌ بالسفرْ
والشَفَةُ متَّهَمةٌ بالإستدارهْ...
كلَّ عامٍ وأنا مضروبٌ بزلازلكْ..
ومبللٌ بأمطاركْ..
ومحفورٌ كالإناء الصينيّ بتضاريس جسمكْْ
كلَّ عامٍ وأنتِ.. لا أدري ماذا أُسمّيكِ..
إختاري أنتِ أسماءكِ..
كما تختارُ النقطةُ مكانها على السطرْ
وكما يختارُ المشطُ مكانه في طيَّات الشَّعرْ..
وإلى أن تختاري إسمك الجديدْ
إسمحي لي أن أناديكِ:
"يا حبيبتي"...
إلى حبيبتي في رأس السنة..
-------------------
1
أَنقلُ حبّي لكِ من عامٍ إلى عامْ..
كما ينقل التلميذ فروضه المدرسيّة إلى دفترٍ جديدْ
أنقل صوتَكِ.. ورائحتَكِ.. ورسائلكِ..
ورقمَ هاتفكِ.. وصندوقَ بريدك..
وأعلِّقها في خزانة العام الجديدْ..
وأ****ِ تذكرةَ إقامة دائمة في قلبي..
2
إنني أحبّكِ..
ولن أترككِ وحدكِ على ورقة 31 ديسمبر أبداً
سأحملكِ على ذراعيّ..
وأتنقَّل بكِ بين الفصول الأربعه..
ففي الشتاء، سأضع على رأسك قبّعةَ صوف حمراءْ..
كي لا تبْردي..
وفي الخريف، سأعطيكِ معطفَ المطر الوحيد
الذي أمتلكه..
كي لا تتبلَّلي..
وفي الربيع..
سأتركك تنامين على الحشائش الطازجه..
وتتناولينَ طعامَ الإفطار..
مع الجنادب والعصافير..
وفي الصيف..
سأشتري لكِ شبكةَ صيدٍ صغيره..
لتصطادي المحارَ..
وطيورَ البحر..
والأسماكَ المجهولةَ العناوينْ...
3
إنني أُحبّكِ..
ولا أريد أن أربطكِ بذاكرة الأفعال الماضيَهْ..
ولا بذاكرة القطارات المسافرهْ..
فأنتِ القطارُ الأخيرُ الذي يسافر ليلاً ونهاراً
فوق شرايين يدي..
أنتِ قطاري الأخير..
وأنا محطَّتكِ الأخيرَهْ..
4
إنني أُحبّكِ..
ولا أريد أن أربطكِ بالماء.. أو الريح
أو بالتاريخ الميلادي أو الهجري..
ولا بحركات المدّ والجزْر..
أو ساعات الخسوف والكسوفْ
لا يهمُّني ما تقوله المراصدْ..
وخطوطُ فناجين القهوَهْ..
فعيناكِ وحدهما هما النُبوءَهْ
وهما المسؤولتانِ عن فَرح هذا العالم...
5
أُحبّكِ..
وأحبُّ أن أربطكِ بزمني.. وبطقسي..
وأجعلكِ نجمةً في مداري..
أريد أن تأخذي شكلَ الكلمةْ..
ومساحةَ الورَقه..
حتى إذا نشرتُ كتاباً.. وقرأه الناس..
عثروا عليكِ، كالوردة في داخلهْ..
أريدُ أن تأخذي شكلَ فمي..
حتى إذا تكلّمتُ..
وجدكِ الناسُ تستحمّينَ في صوتي..
أريدكِ أن تأخذي شكلَ يدي..
حتى إذا وضعتُها على الطاولة..
وجدكِ الناسُ نائمةً في جوفها..
كفراشةٍ في يد طفل..
إنني لا أحترفُ طقوسَ التهنئة..
إنني أحترفُ العشقَ..
وأحترفُكِ..
يتجوّل هو فوق جلدي..
وتتجوّلينَ أنتِ تحت جلدي..
وأما أنا..
فأحمل الشوارعَ والأرصفةَ المغسولة بالمَطَر..
على ظهري.. وأبحثُ عنكِ..
6
لماذا تتآمرين عليَّ مع المَطَرْ؟ ما دمتِ تعرفينْ..
أن كلَّ تاريخي معكِ.. مقترنٌ بسقوط المَطَرْ..
وأن الحساسيّةَ الوحيدة التي تصيبني..
عندما أشمّ رائحةَ نهديكِ..
هي حساسية المَطَرْ..
لماذا تتآمرين عليَّ ؟. ما دمتِ تعرفينْ..
أن الكتابَ الوحيد الذي أقرؤه بعدكِ..
هو كتابُ المَطَر..
7
إنني أُحبّكِ..
هذه هي المهنةُ الوحيدة التي أتقنُها..
ويحسدني عليها أصدقائي.. وأعدائي..
قَبْلَكِ.. كانتِ الشمسُ، والجبالُ، والغاباتُ..
في حالة بطالة..
واللغةُ بحالة بطالة.. والعصافيرُ بحالة بطالة...
فشكراً لأنكِ أدخلتِني المدرسَهْ..
وشكراً.. لأنكِ علَّمتني أبجديةَ العشقْ..
وشكراً .. لأنكِ قبلتِ أن تكوني حبيبتي..
تَشَبُّث
------
ليس في وُسْعِكِ ، يا سيِّدتي ، أَن تُصْلِحيني ..
فلقد فاتَ القِطَارْ ..
إنَّني قرَّرتُ أن أدخُلَ في حربٍ مع القُبْح ،
ولا رَجْعَةَ عن هذا القَرَارْ .
فإذا لم أستطعْ إيقافَ جيش الرُومِ ،
أَوْ زَحْفِ التتارْ .
وإذا لم أَستطعْ أن أَقتلَ الوَحْشَ .. فحسبي
أَنَّني أَحْدَثْتُ ثُقْباً في الجدارْ ...
الرسائل المحترقة
------------
أحقاً رسالاتي إليك تمزقت
وهن حبيباتي .. وهن روائعي
أأنكر ما فيهن ؟ لا يا صديقتي
عليهن أسلوبي .. عليهن طابعي
عليهن أحداقي ، وزرقة أعيني
وروعة أسحاري وسحر مطالعي
حروفي .. سفيراتي .. مرايا خواطري
وأطيب طيب في زوايا المخادع
وأجمل ما غنيت .. ما طرزت يد
وأكرم ما أعطت أنامل صانع
بأعصاب أعصابي .. رسمت حروفها
وأطعمتها من صحتي ، من مدامعي
وأنفقت أيامي .. أصوغ سطورها
بدقة مثال ، وأشواق راكع
أجيبي .. أجيبي .. ما مصير رسائلي
فإني مذ ضيعتها ألف ضائع ..
ألم تترك النيران منها بقية
ألم ينج حتى مقطع من مقاطعي ؟
حصيلة عام .. تنتهي في دقائق
وتلتهم النيران كل مزارعي
وتذهب أوراقي التي استهلكت دمي
فلا رجع موال .. ولا صوت زارع
أمطعمة النيران .. أحلى رسائلي
جمالك ماذا كان ؟ لولا روائعي
فثغرك بعض من أناقة أحرفي
وصدرك بعض من عويل زوابعي
أنا بعض هذا الحبر .. ما عدت ذاكراً
حدود حروفي من حدود أصابعي
أوريانتيا
-------
أوريانتيا
صديقة من آسيا
الأنف من شيراز
والعينان من قفقاسيا
.. والشفتان .. زهرتا أضاليا
أوريانتيا
.. تكونت
من رغوة البحار
من نكهة المانغو
.. من الأصداف والمحار
من كل ما في الهند
من طيب .. ومن بهار
أوريانتيا
شاحبة جملت الشحوب
.. دافئة
كالبن في مزارع الجنوب
تائبة ! من قال ؟
جل الحسن أن يتوب
أوريانتيا
نهدان واقفان
كقبتي نحاس
في ذهب المغيب
صحنان صينيان رائعان
قلعان من لهيب
.. تزودا من آسيا
.. بزهرتي غاردينيا
.. بعنبر .. بفلفل .. بطيب
.. وحبتي زبيب
أوريانتيا
شاحبة جملت الشحوب
أوريانتيا
.. أحر ما عرفت من توابل الجنوب
ثلاث بطاقات من آسيا
----------------
من آسيا
عليك يا صديقتي السلام
.. فبعد عينيك أنا
لا أعرف السلام
قطعت في تشردي الطويل
.. يا قمري
يا أرنبي الجميل
يا رغوة الحليب والرخام
قطعت ألف عام
بدون عينيك . بلا خبز .. ولا طعام
! تصوري
أتي بلا عينيك .. ألف عام
بدون مصباحين أخضرين
.. بدون شمعتين
.. بينهما أنام
*
.. فيروزتي
ما زلت في سفينتي
أصارع الشموس ، واللصوص ، والدوارة
نزلت في مرافئ موبوءة المياه
صليت في معابد ليس لها إله
.. وأرخص الخمور ذقت
أرخص الشفاه
.. قتلت ألف مرة
.. غرقت ألف مرة
صلبت فوق حائط النهار
وسبعة قطعتها .. من أوسع البحار
من أخطر البحار
.. لمست سقف الشمس
كانت رحلتي انتحار
.. تصوري
أتي بلا عينيك ، يا حبيبتي ، قرون
لا كوكب في الأفق .. لا منار
بحارتي .. في السطح ميتون
وخبزي الإسفنج .. والمحار
تصوري الأرض وما تكون
يا أرنبي الحنون
بدون عينيك .. بلا فسقيه اخضرار
بدون شاطئين مقمرين
.. بدون غابتين
أنشد في حمامها القرار
تلفون
------
صوتك القادم من خلف الغيوم
مد لي أرجوحةً من نغم
! من ترى يطلبني ؟ مخطئة
أنا جرحٌ مطبقٌ أجفانه
رقمي . من أين قد جئت به
بعد أن عاش غربياً مهملا
كيف .. من بعد شهور ٍ خمسة
حُبنا .. كان عظيماً مرة
( أتقولين : ( أنا آسفة
لم أعد أُخدع يا سيدتي
صوتك العائد .. لا أعرفه
حلوتي ! بالرغم مما قلته
داعبي كل مساءٍ رقمي
كلمة ٌ منك .. ولو كاذبة
حُبنا .. كان عظيماً مرة
وطوينا قصة الحب العظيم
( أتقولين : ( أنا آسفة
بعدما ألقيت حبي في الجحيم
لم أعد أُخدع يا سيدتي
بالحديث الحلو .. والصوت النغوم
صوتك العائد .. لا أعرفه
كان يوماً جنتي .. كان نعيمي
حلوتي ! بالرغم مما قلته
فأنا ، بعد ، على حبي القديم
داعبي كل مساءٍ رقمي
و اصدحي مثل عصافير الكروم
كلمة ٌ منك .. ولو كاذبة
عمرت لي منزلاً فوق النجوم .
نهرُ الأحزان
--------
كنهري أحـزانِ
لوراءِ ، وراءِ الأزمـانِ
سيّدتي .. ثمَّ أضاعـاني
يتساقطُ أنغامَ بيـانِ
والقدحُ العاشرُ أعماني
نيراني تأكـلُ نيـراني
آهٍ لـو كانَ بإمكـاني
إلا عينيـكِ وأحـزاني
تتمزّقُ فوقَ الخلجـانِ
حطّـمَ في صدري إيماني
يا ظـلَّ الله بأجفـاني
يا أجمـلَ .. أجمـلَ ألواني
أحلى من عودةِ نيسانِ ؟
في عُتمةِ شعـرٍ إسبـاني
فدموعُكِ تحفرُ وجـداني
أأقـولُ أحبكِ يا قمـري ؟
فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ
ضيّعـني دربي .. ضيّعَـني
تاريخـي ! ما ليَ تاريـخٌ
إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو
ماذا أعطيـكِ ؟ أجيبيـني
ماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍ
أنا ألـفُ أحبّكِ .. فابتعدي
فأنا لا أمـلكُ في الدنيـا
أحلى من عودةِ نيسانِ ؟
أحلى من زهرةِ غاردينيا
في عُتمةِ شعـرٍ إسبـاني
يا حبّي الأوحدَ .. لا تبكي
فدموعُكِ تحفرُ وجـداني
إني لا أملكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ .. و أحزاني
أأقـولُ أحبكِ يا قمـري ؟
آهٍ لـو كـان بإمكـاني
فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ
لا أعرفُ في الأرضِ مكاني
ضيّعـني دربي .. ضيّعَـني
إسمي .. ضيَّعَـني عنـواني
تاريخـي ! ما ليَ تاريـخٌ
إنـي نسيـانُ النسيـانِ
إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو
جـرحٌ بملامـحِ إنسـانِ
ماذا أعطيـكِ ؟ أجيبيـني
قلقـي؟ إلحادي ؟ غثيـاني
ماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍ
يرقـصُ في كفِّ الشيطانِ
أنا ألـفُ أحبّكِ .. فابتعدي
عنّي .. عن نـاري ودُخاني
فأنا لا أمـلكُ في الدنيـا
إلا عينيـكِ ... وأحـزاني
عندما تمطر فيروزاً
---------------
لا تسأليني .. هل أحبهما ؟
ألدي مرآتان من ذهب
أستغفر الفيروز .. كيف أنا
أبلحظة تنسين سيـدتي
وجميع أخباري مصورة
نهران من تبغ ومن عسل
وستارتان إذا تحركتا
عام .. وبعض العام سيدتي
كم جئت أمسح فيهما تعبي
كوخان عند البحر .. هل سنة
أحشو جيوبي كلها صدفاً
عاد الشتاء بكل قسوته
الشمس منذ رحلت مطفأة
الآن أدرك حيث لا قمر
عام .. وبعض العام سيدتي
وأنا أضئ الشمع حولهما
كم جئت أمسح فيهما تعبي
كم نمت .. كم صليت عندهما
كوخان عند البحر .. هل سنة
إلا قضيت الصيف تحتهما
أحشو جيوبي كلها صدفاً
وأذيب حزني في مياههما
عاد الشتاء بكل قسوته
يمتص أيامي فأين هما ؟
الشمس منذ رحلت مطفأة
والأرض غير الأرض بعدهما
الآن أدرك حيث لا قمر
.. ماذا أنا .. ماذا.. بدونهما
صديقتي وسجائري
----------------
واصل تدخينك يغريني
ولتترك في شعري الأسود
ولتترك في شعري الأسود
يفنى في الركن ويفيني
ولتترك في شعري الأسود
فعروق يديك تسليني
يفنى في الركن ويفيني
أن أشعر أنك تحمينــي
ولتترك في شعري الأسود
أتأمل في الوجه المجهــــــد
فعروق يديك تسلينـــــي
تنهي أعصابي تنهينــي
يفنى في الركن ويفيني
وتصرف فيه كمجنــون
أن أشعر أنك تحمينــي
تتسلل من خلف المقعـــــد
تتسلل من خلف المقعـــــد
ولتترك في شعري الأسود
دخن لاأروع من رجــــــل
أتأمل في الوجه المجهــــــد
وأعد أعد عروق اليـــــــــد
فعروق يديك تسلينـــــي
وخيوط الشيب هنا وهنــــا
تنهي أعصابي تنهينــي
دخن لاأروع من رجـــــــل
يفنى في الركن ويفيني
أحرقني أحرق بي بيتــــي
وتصرف فيه كمجنــون
فأنا كإمرأة يعجبنــــــــــي
أن أشعر أنك تحمينــي
أن أشعر أن هناك يــــــداً
تتسلل من خلف المقعـــــد
كي تمسح رأسي وجبيني
تتسلل من خلف المقعـــــد
لتداعب أذني بسكونـي
ولتترك في شعري الأسود
عقداً من زهر الليمـون
دخن لاأروع من رجــــــل
يفنى في الركن ويفنيني
شعري .. سرير من ذهب
------------------
شعري .. سرير من ذهب
غمسته في الشمس
بعثرته .. أحس
جملته ، شكلته
شعري أنا قصيدة
داخت عصافير به
فأين من شعري له
لواحد أحبه .. ربيته
سقيته من خفقة الضوء
خبأت تموز به
له .. له .. أطلته
تعبت في تطويله
تعبت كي ينسى التعب
أقعد في الشمس أنا
.. أفتل أسلاك الذهب
هذا الطويل المنسكب
سقيته من خفقة الضوء
.. ورعشات اللهب
خبأت تموز به
قمحا .. ولوزا .. وعنب
له .. له .. أطلته
جعلته بطول مداد الطرب
تعبت في تطويله
تعبت في تدليله
تعبت كي ينسى التعب
لواحد .. لواحد
أقعد في الشمس أنا
.. من سنة
.. أفتل أسلاك الذهب