نور السما
بيلساني متقدم
- إنضم
- Jun 22, 2011
- المشاركات
- 316
- مستوى التفاعل
- 10
[h=1]اسم الله ( الستار )
بِسْمِ الله الرَّ حمَنِ الرَّحِيمِ
[/h]
الستَّار : السِتر في اللغة ما يُستر به ، اسم .. وجمعه أسْتار ، وسَتَرَ الشيء أخفاه فانستر ، انستر مطاوع من سَتَرَ .. ينْسَتِرُ .. انْسَتَرَ ، قَبِل أن يُستر ، تستَّر أي تغطَّى ، السِتر هو الحياء ،
فانتبهوا إلى ذلك .. إذا خطب أحدكم وقد كُتب العقد ، وزار خطيبته ، وأغلق الباب وأرخى الستار ، ثم أراد أن يتنصَّل من هذا الزواج وجب عليه المهر كاملاً ولو لم يدخل بها .. ولندقق في قول النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم : " أيُّما رجلٍ أغلق بابه على امرأةٍ ، وأرخى دونها أستاره فقد تمَّ صداقُها " .. أي وجب صداقها ..
إذا عقد إنسان على امرأةٍ ولم يدخل بها وجب عليه نصف المهر ، أما إذا دخل بها وجب عليه كلُّ المهر ، أما إذا عقد عقده عليها وزارها وأغلق الباب وأرخى السِتر ولو لم يدخل بها وجب المهر كاملاً ، هكذا قال عليه الصلاة والسلام .
** والستَّار في حقِّ الله تعالى كثير السَّتر لعيوب عباده ، الستَّار صيغة مبالغة ، سَتَرَ ، يَسْتُرُ ، ساتر ، ستَّار ، الستار صيغة مبالغة أي كثير الستر، أو شديد الستر ، أي مهما تكن الأعمال مشينة ..
إخواننا الكرام ... من أرقى صفات المرأة المؤمنة أنَّها سِتِّيرة ، فالإنسان في بيته أحياناً يغضب ، وأحياناً يفتقر فلا تجد بين يديه مالاً فيأكل أخشن الطعام ، وأحياناً ينضغط من الخارج فينفجر في الداخل ، والمرأة المؤمنة لا تفضح زوجها ، لا تنشر قصصه بين الناس ، لا تعطي الناس أسوأ صورة عن زوجها ، المرأة المؤمنة ستِّيرة ،
يقول عليه الصلاة والسلام : " إنّي أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها " .. أكرهها .. " لا ينظر الله إلى إمرأةٍ لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه ". ** فالستَّار في حقِّ الله تعالى كثير الستر لعيوب عباده
وبعدُ ، أدبُ الإسلام يدعو المؤمن إلى أن يستتر ولا يجاهر بالمعصية ، كلُّكم يعلم أنَّ هناك عاصياً ، وأنَّ هناك فاجراً ، فالعاصي مثلاً كالذي يفطر في رمضان ، من هو الفاجر ؟ الذي يفطر في الطريق أمام الناس ، إذا جاهرت بالمعصية بالمعصية فالمجاهر فاجر ، والفاجر لا غيبة له ، لأنَّه لا يستحي من هذه المعصية فهو يذكرها للناس ، هو يُري الناس معصيته .. وقد ورد : " إذا بُليتم بالمعاصي فاستتروا ".
# ذكرت لكم سابقاً أنَّ امرأةً تعمل في الفن في بلدٍ غربيّ وهي امرأة فاسقة فاجرة لكنَّها تكلَّمت بصدق سُئِلت عن شعورها وهي على خشبة المسرح - وقد حفظت كلامها لدقته البالغة - قالت : إنَّ شعوري شعور الخزيِّ والعار ، وهو شعور كلٌ امرأةٍ تعرض مفاتنها على الناس ، إنَّ الحبَّ يجب أن يبقى بين الزوجين وفي غرفٍ مُغلَّقة . دققوا أيُّها الإخوة ... لو أنَّ إنساناً اقترف معصية ليس مكلَّفاً إطلاقاً أن يبلِّغ عن هذه المعصية أحداً ، فما دام لم يدر به أحد فمعنى ذلك أنَّ الله أسبل عليه ستره ، ويقترف معصيةً كبيرة حينما يفضح نفسه . * في عهد النبي سأل النبي أصحابه قائلاً : من له سُؤال ؟ قال أحدهم : إنني نؤوم يا رسول الله . فقال عمر : ويحك فضحت نفسك ! قال : دعه يا عمر فضوح الدنيا خيرٌ من فُضوح الآخرة ، اللهمَّ أذهب عنه النوم إذا شئت .* فإذا اقترف الإنسان ذنباً فليس مكلّفاً شرعاً أن يُبلِّغ عن نفسه ، ما دام لم يدرِ به أحد معنى ذلك أنَّ الله أَسبل عليه ستره ، فإذا فضح نفسه كأنَّه ارتكب معصيةً جديده .. هذا حكم شرعي .. أنت لست مكلّفاً أن تفضح نفسك ما دام الله قد سترك .
شيء آخر .. لو لم تكن مِمَّن يُكلَّف بتنفيذ أمر الله ، فأنت إنسانٌ عاديٌ لست كالإمام فإذا اقترف إنسان آخر معصيةً أمامك لست مكلّفاً أن تُبلِّغ عنه ، أما الإمام إذا بلغه أحد أنَّه قد انتُهك حدٌ من حدود الله فلا عفا الله عنه إن عفا ، فالإمام شيء والمؤمن شيء ، فالمؤمن ليس مكلّفاً أن يفضح نفسه ولا أن يفضح غيره ، أما الإمام إذا بلغه عن أحد أنَّه قد اقترف حداً أو اقترف ما يوجب الحد فلا عفا الله عنه إن عفا .
لذلك ورد في البخاري : عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ سَالِمًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ *
(رواه البخاري)
وهذا الذي بلَّغ النبي عن إنسان يزني فقال عليه الصلاة والسلام : ألا سترته ولو بثوبك فكان خيراً لك .** أيها الإخوة أعتقد أن المؤمن الصافي حينما يسمع قصةٍ ويكتمها يشعر بسعادةٍ لا يعلمها إلا الله ، فالنفس تميل للفضائح ، الإنسان يميل إلى أن يُضحك الناس فيقول : هل سمعتم فلاناً ماذا فعل ؟ هل عرفتم لماذا طلق زوجته ، هل عرفتم فلاناً عندما صاحب فلاناً كيف خانهُ مع زوجته، هذه قصص يراها مرضى القلوب ممتعة ويحب الناس أن يرووها ويتحدثوا بها في مجالسهم ، دائماً التكليف يتناقض مع طبع الإنسان ، لكنَّ الفطرة تتوافق مع التكليف ، عندما ينفذ الإنسان أمر الله عزَّ وجلَّ يشعر في البداية بمجاهدة ، أما حينما ينتصر على نفسه ترتاح نفسه .. فالتكاليف سمَّاها الله تكاليف لأنها ذات كُلفة ، أما الأعمال الكاملة والصالحة تتوافق مع الفطرة ، فالتكاليف تتناقض في البداية مع الطبع المتعلِّق بالجسم ، وتتوافق في النهاية مع الفطرة المتعلقة بالنفس ، لذلك المستقيم مرتاحةٌ نفسه لعل جسمه يتعب أما نفسه مرتاحة .
فأنت مؤمن بمعنى أنَّك ستَّار ، مؤمن تستُر على إخوتك أخطاءهم حتى النصيحة إن كانت أمام ملأ كانت فضيحة ، لا تكون النصيحة نصيحةً إلا إذا كانت بينك وبين أخيك ..
فإذا أحببت أن تنصح يجب أن تختار الوقت المناسب والمكان المناسب ، أما إذا نصح الناصح أمام ملأٍ فربما انقلبت النصيحة فضيحة وابتعد عن اسم الستَّار ، والنبي قال : " تخلَّقوا بأخلاق الله " .
** فكلَّما ارتقى الإنسان في مراقي الإيمان يظهر الحسن ويخفي القبيح ، وكلّما هبط يظهر القبيح ويُخفي الحسن ، ودائماً وأبداً أو دعو أذهانكم هذا القول :
" تخلَّقوا بأخلاق الله "
الله عزَّ وجلَّ ستَّار ، وستَّار صيغة مبالغة تعني أنَّه كثير الستر نوعاً وكماً ، وكلَّما كنت أقرب إلى الله كنت أكثر سِتراً على إخوانك .
والحمد لله رب العالمين
محمد راتب النابلسي تفسير اسم الله الستار