آلبتول
أدميرال
- إنضم
- Jul 5, 2008
- المشاركات
- 10,067
- مستوى التفاعل
- 172
- المطرح
- من جزيرة العرب وبقايا بخور فرنسي !!
اسم الله الواسع
بِسْمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الواسع: وهو الذي وَسِع غِناهُ كل فقير ورحمته كل شيء " أحياناً تطلب من إنسان مبلغاً يقول لك : هذا فوق طاقَتي إذْ أن دائرة مالِه لا تتَّسِع لهذا الإنفاق وأحياناً تطلب من إنسان أن يُعينَك فَيَقول لك هذا أمر لا أقدِر عليه فوق طاقتي ولا تتَّسِع له سُلطتي ووَجاهتي ، وأحياناً تسأله سؤالاً يقول لك لا أدري هذا لم يَبْلُغْه عِلمي فالإنسان محدود ؛ محدود في عِلمِه ، ومحدود في قدرتِه وماله وجاهِه وكل إنسان هناك من هو فوقَه .
# إلاّ أن الله سبحانه وتعالى هو الواسع فَرَحْمَتُه وسِعت كل شيء وغِناه وسِع كل فقير وإحسانه شمَل كل مخلوق فلا تضيق دائرة علمه عن كل شيء ولا تضيق دائرة إحسانِه عن أيِّ شيء
فمعْنى الواسع أن رحمته لا حدَّ لها وعلمه لا حد له وقدرته لا حد لها فهذا الاسم إذاً تعلّق بِكل أسماء الله كاسم الرحمن قال تعالى :
﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا )
(سورة الإسراء)
# اسم الواسع متعلق بكل أسمائه ، قال : واسِع المغفِرة وقيل الواسع الذي لا حدود لِمدلول أسمائه وصِفاته ؛ واسع العلم و واسع المغفرة و واسع الرحمة و واسع الملك .
# ولنا من بعد وقفة مع الآيات الكريمة التي ورد فيها اسم الواسع قال تعالى :
{وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
(سورة البقرة)
عِلمه واسِع وقال تعالى :
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ
وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ
وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}
(سورة البقرة)
# هنا معنى دقيق الدلالة ، ففي الحياة الاجتماعية والوظيفية هناك مناصِب ؛ فهناك مدير دائرة ، وهناك موظف بالدرجة العاشِرة وهذا المنصب يقال لك : شُغِل ولا سبيل للارتِقاء إليه حتى يُزاح الذي فوقك فليس من شواغر فالعطاء ليس واسٍعاً ، لكن الله تعالى يَسَع فضله الخلق كله ، فلا يحسد إلا الجاهِل:
قُل لِمن بات لي حاسِداً أتدري على من أسَأت الأدبا
أسأت على الله في فِعله إذْ لم ترض لِي ما وهبـا
فليتق المرء بعطاء ربه و ليطلب منه فهو سبحانه واسع عليم ، فالإنسان عطاؤه محدود لكن الله واسِع ولا حدود لِفَضْله فَبَدَلَ أن تحسد الناس اِسْعَ في طلب ما عند الله كما طلبوا من الله لذلك قال تعالى :
{وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ أَن يُؤْتَى أَ
حَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ
يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ }
(سورة آل عمران)
لو أن العِباد كلهم كانوا كَمُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلّم لأَعْطاهم مِثل ما أعطى محمّداً طبعاً إلا النبوة ، والله واسِع عليم ، فاسم الواسع يتناقض مع الحسد لأن الحاسد لا يرى ما عند الله من خير عميم ؛ والحديث :
عن هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةٍ وَقُمْنَا مَعَهُ فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ اللَّهمّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا
فَلَمَّا سَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلأَعْرَابِيِّ لَقَدْ حَجَّرْتَ وَاسِعًا يُرِيدُ رَحْمَةَ اللَّهِ *
(رواه البخاري)
اللهم ارحمني ومُحمَّدا ولا ترحم معنا أحداً ، فقال عليه الصلاة والسلام : لقد حجَّرْتَ واسِعاً ، لو أن الخلق جميعاً كانوا على أتقى قلب رجلٍ في البشر لَوَسِعهم فضل الله عز وجل ، كلمة واسع كلمة رائعة جداً ؛ والله واسع عليم قال تعالى : " قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " ، أي : يعطيه من يشاء من عِباده .
وسِع ربي كل شيء عِلماً : أيْ لا تخفى عليه خافِيَة ، فالله يسمع دبيب النملة السمراء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، فهل تستطيع أنت أيها الإنسان أن تسمع دبيب النملة السمراء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ؟ لذلك وسِع ربي كل شيء عِلماً ، وهل تستطيع أن تقرأ خواطِر الحاضرين معك ؟ الله واسع عليم .
كل تلك الآيات تبيِّن سَعَة فضْلِه وسَعَة عِلْمِه ، أما هذه الآية فهي تبيِّن سَعَة رحمته قال تعالى :
{وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ
عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ
يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}
(سورة الأعراف)
فهذه الآية مطمئنة ، تطمئن إليها النفوس حتى الجانحة منها فلعلها تئوب ، فالله قال وسِعت رحمتي كل شيء فأنت داخِل رحمة الله عز وجل قال تعالى :
﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً )
(سورة طه)
وأخيرا قد يسأل المرء نفسه أحياناً كيف أن الله يستمع لِجميع المخلوقات ويُجيب جميع الخلائق ويعلم كل الضمائر ؟ والجواب إنه واسِعٌ عليم وكأن السعة و العلم متعلقان متعلِّق بِالمجيب وفي الحديث : " إنكم لن تسَعوا الناس بِأموالكم فسَعُوْهم بِأخلاقكم ، المال يضيق ولكن الخلق أوسع " .
# ويحلو لي أن أختم البحث بما يلي : ، من أدب التَّخلّق باسم الواسع : أن يتَّسِع خلُقُك ورحمتُك لجميع عباد الله ؛ فقد يكون عطْفك كله لأولادك ، وأحياناً لأقرِبائك وتضيق دائرة رحمته عن الغرباء ، وتحب أسرتك وعشيرتك وقبيلتك أما المؤمن فكلما إزداد إيمانه تتَّسِع دائرة رحمته لِكل الخلائق .
الإنسان الواسع يتّسع للحسود مثلاً ولغيره ، ولكل من أساء إليه.
لذلك قال عليه الصلاة والسلام :
قال سهل بن عبدالله: كلم الله موسى بطور سيناء. قيل له: بأي شيء أوصاك ؟ قال: بتسعة أشياء، الخشية في السر والعلانية، وكلمة الحق في الرضا والغضب، والقصد في الفقر والغني، وأمرني أن أصل من قطعني، وأعطي من حرمني، وأعفو عمن ظلمني، وأن يكون نطقي ذكرا، وصمتي فكرا، ونظري عبرة .
والحمد لله رب العالمين
محمد راتب النابلسي تفسير اسم الله الواسع